|
| مقـالات
شيء فضيع ما يحدث فعلاً في السنوات الاخيرة، ففي الوقت الذي يسعى فيه الوطن ويجاهد ليبني أفراده ويطور قدراتهم ويسعى للحاق بركب الأمم الأخرى، في هذا الوقت بالذات، نجد في الجانب الآخر ان هذا الوطن يفقد الآلاف من أبنائه نتيجة الحوادث المرورية المفجعة التي تزهق الارواح بل حتى من يسلم من الموت يظل رقماً في سجلات اعداد الاعاقة التي تتنامى معدلاتها يوما بعد يوم بسبب الحوادث المرورية المؤسفة!
ولعل الحملة الوطنية الأمنية والمرورية التي دشنت أعمالها التوعوية الاسبوع الماضي لهي دليل واضح على هذا الخطر الداهم الذي يهدد حياة الافراد وابناء المجتمع ورفض صريح من قبل الجهات الامنية لهذه السلوكيات غير المسؤولة من البعض تجاه الآخرين من خلال هذه الاساليب التوعوية الجادة المستمرة من حين لآخر.
فهذه الحملة ليست فقط لرفع مستوى الوعي وتنمية الحس الامني لدى افراد المجتمع وليست مفهوما جديدا لرجال الامن وبناء جسور من التعاون بينهم وبين افراد المجتمع فحسب، بل هي اكبر من ذلك بكثير لانها تهدف على المدى البعيد الى المحافظة على مقدرات الوطن ومكتسباته والحماية من الاعاقة والسلوكيات الانحرافية التي يمكن ان تجعل من هذا الطفل او ذلك المراهق عبئا على كاهل المجتمع وليس عاملا ايجابيا مساعداً في بناء الوطن لأن اهمالنا لفلذات اكبادنا وعدم التفاتنا لهم وترك الحبل على الغارب لهم دون مساءلة قد يتسبب في آثار سلبية على الفرد والاسرة والمجتمع.
والسبب ببساطة، لان الطفل او المراهق غير المسؤول حينما يسلَّم سيارة دون وعي لكيفية حسن ادارتها سوف يتسبب في قتل ارواح ابرياء لا حول لهم ولا قوة بل قد يأتي بسلوكيات سيئة تتنافى وقيم المجتمع خاصة حينما يكون برفقة اصدقاء هم من نفس الشاكلة من اللامسؤولية وعدم الوعي.
وانت كإنسان حريص وغيور على وطنك تتألم بحرقة واسى وتقطر دماً حينما تشاهد اطفالاً وشبابا في عمر الزهور هم ضحايا الحوادث المرورية المروعة والظروف الاسرية السيئة والظروف البيئية القاسية والاهمال الواضح ممن حولهم، سواء كانوا هم المتسببين في اعاقات غيرهم او هم ضحاياها.
تتأسف عليهم لا لشيء سوى لانهم زهور لا حول لهم ولا قوة، سوى انهم وجدوا انفسهم جانين او مجرمين بحكم القانون لانهم تسببوا باهمالهم في زهق ارواح بريئة اخرى.
نعم اطفال وشباب ابرياء ومع ذلك فهم خلف القضبان عفواً خلف جدران دار الاحداث او دور الملاحظة! لا لشيء سوى انهم وجدوا انفسهم في بيئة اجبرتهم على أن يكونوا منحرفين او غير مبالين بأرواح الآخرين، في بيئة قادتهم الى حيث يسكنون، في بيئة ربما جعلتهم اكثر انحرافاً مما قبل بسبب تملكهم سيارة مثلا والاساءة في استخدامها او لاي سلوك شاذ آخر.
فقط تخيل هذا الطفل الصغير او الحدث الذي نتحدث عنه هو طفلك الصغير حماه الله من كل شر فقط تخيله اخاك الصغير ينتزع من بين يديك من بين اخوته، يؤخذ من غرفته ومنزله ليودع في مكان آخر مختلف عن اسرته اقصد دار احداث لسوء فعلته الشنيعة بحق الآخرين الابرياء.
تخيل هذه الطفولة البريئة تسرق منك بعنوة، تخيل هذا الطفل الذي هو ابنك او اخوك ينتزع منك بقوة رغماً عنك، تخيله ينادي عليك بابا ماما ليودع في دار المعاقين حيث الاقامة الدائمة لانه غير قادر على خدمة نفسه بسبب اعاقته الشديدة وبسبب عدم قدرتك انت على خدمته لان المصاب كبير وكبير جداً.
نرى هذا الابن ضحية حادث سيارة شاب ارعن فلا نملك سوى ان تبكى بحرقة بينك وبين نفسك لانك عاجز عن فعل شيء تجاهه، تراه فلا تملك الا ان تقول حسبنا الله ونعم الوكيل واذا شعورك هو الاسى، فهل تسمح انت لاحد اطفالك القصر بان يتسببوا في إلحاق الاذى بالآخرين؟ لا اعتقد انك تسمح بذلك لان ضميرك اكبر من ذلك بكثير.
المسألة يا اخوان ليس تعاطفا وقتيا ينتهي بانتهاء الحملة الوطنية الامنية المرورية وكأن شيئاً لم يكن, ابداً!
المسألة متعلقة بأمانة ائتمننا الله عليها وسوف يحاسبنا عليها المسألة متعلقة بمقدرات الوطن ومكتسباته لان الانسان هو اعز شيء يملكه الوطن ولان امنه هو امن الوطن وراحته راحة الوطن وقوته هي ايضا قوة للوطن.
لا شك ا ن هناك امورا عديدة خارجة عن ارادتنا لا نملك لها رداً لانها من ارادة الله، ولكن هذا لا يعفينا من مسؤوليات اخرى تجعلنا اكثر محافظة على سلامة الانسان اينما كان فالدور المطلوب منا كبير ليس في حق الآخرين بل في حق انفسنا.
مطلوب منا ان نتأكد من سلامة المركبة قبل قيادتها حفاظاً على سلامتنا وسلامة من معنا.
مطلوب منا ان نتأنى اثناء القيادة خوفاً من طارئ لا يمكننا التحكم معه,مطلوب منا الا ننزل اطفالنا ليعبروا الشوارع المزدحمة بمفردهم خوفاً عليهم من سائق طائش متهور يزهق ارواحهم او يجعلهم مصابين باعاقة مستديمة.
ان لكل منا دور تجاه نفسه وتجاه الآخرين، فالطرقات مهما كانت سليمة ومعبدة وفي حالة جيدة فهذا لا يعني انها سوف تقي من الحوادث المرورية بل قد نساهم نحن بسرعتنا الزائدة بها وهكذا فكلنا مكمل للآخر.
فلتكن الاعتبارات الوقائية والسلوكيات الاحترازية هي دأبنا وديدننا حفاظاً على ارواحنا وارواح اعز من نملك وارواح الآخرين ممن ليس لهم ذنب.
المسألة يا اخوان قد نعتبره مجرد كلام نتعاطف به مع حملة اعلامية كهذه ولكننا حينما نزور المستشفيات وبالذات اقسام الطوارئ او اقسام العظام وغيرها ونرى ضحايا الحوادث المرورية وواقعهم المر وحينما نزور مراكز الاعاقة ونرى ضحايا الحوادث المرورية من اعاقات مختلفة وحينما نرى اطفالا من عمر الزهور اسيري الكراسي المتحركة للابد لانهم غير قادرين على المشي في المستقبل وحينما نرى ضحايا الحوادث المرورية من ارتجاجات في المخ وغيرها، حينها سوف تدرك عظم المصاب وحينها سوف تعرف تماماً ان بيدنا شيء,, لكن ان نقدمه للمساهمة في التخفيف من تلك الآثار السلبية المريرة.
انها دعوة صادقة من القلب ان نخاف الله فيما اؤتمنا عليه وان نحافظ على ارواح الآخرين والا يكون ارضاؤنا لابنائنا على حساب تعاسة الآخرين.
لتكن قرارتنا مع انفسنا مهما كانت بسيطة مبنية على اساس وجود السلامة الامنية, وللنظر في اعين اطفالنا ولنتخيل مستقبلهم المشرق ونجاحاتهم المتألقة المتواصلة، فهل نفسد كل هذه الطموحات الحلوة و الاحلام الجميلة باهمالنا او تدليلنا لهم؟ وحتى لو كانوا ليسوا ابناءنا، فيكفي انهم ابناء الوطن لكي نحرص عليهم ونقف معهم ونمهد لهم طريق الامان والسعادة والبعد عن المنغصات والحوادث المرورية حفظ الله الجميع وشفى من ابتلاه باصابات واعاقات والله من وراء القصد.
همسة
حينما تكون النعمة
بين ايدينا
فلا نعرف قيمتها,.
لا نعرف كيف نصونها,.
كيف نحافظ عليها,.
فتلك كارثة!
وأي كارثة!
وحينما نكون نحن,.
نعم نحن,.
سبباً في فقدان الاحبة,.
سببا في دموع تجري هملاً,.
سببا في آهات لا تتوقف,.
فتلك قسوة!
وأية قسوة!
بل حينما نكون نحن
سبباً في تعاسة واقعنا,.
سببا في حرقة قلوبنا,.
باهمالنا لفلذات اكبادنا,.
بخسارتهم من ايدينا,.
بل حينما نكون سبباً
في احداث الضرر بالآخرين,.
فتلك خطيئة لا تغتفر!!
والله المستعان
|
|
|
|
|
