| مقـالات
اتهم الدين الإسلامي في فترة زمانية سابقة وربما ما زال من انه يكرّس الطبقية!
والحقيقة ان هذا التكريس لم ينشأ في عصور الإسلام انما كانت نشأته منذ العصور القديمة، حيث كان هناك رق وسادة، وكانت هناك طبقة من الكادحين والعمال والأجراء وهي طبقة العبيد، تباع وتشترى كما تباع الحيوانات في الأسواق، تعمل دون مقابل.
حتى جاء الإسلام وأقر مبادئ وقواعد وسنناً ضابطة لعلاقة الانسان بالكون، والحياة، ومن ذلك:
أولاً: جميع ما في الكون سخره الله تعالى للإنسان لجميع بني البشر دون تمييز بين فئة واخرى, قال تعالى: والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون، وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين، وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم الحجر/1921.
ثانياً: المالك الحقيقي للمال هو الله تعالى ونحن البشر مستخلفون فيه، قال تعالى: وآتوهم من مال الله الذي آتاكم النور/33 ، ويقول سبحانه وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه الحديد/7.
ثالثاً: الناس طبقات ومنازل ضمن قواعد وأحكام، يقول تعالى ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض، للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن النساء/32.
ويقول سبحانه وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم الأنعام/165.
رابعاً: التفاوت في الرزق باب من ابواب الامتحان، امتحان للأغنياء وامتحان للفقراء، يقول عز وجل والله فضّل بعضكم على بعض في الرزق، فما الذين فُضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون النحل/71.
خامساً: التفاوت في الرزق سبيل من سبل إعمار الكون من خلال مساعدة الناس بعضهم بعضا، يقول جل شأنه ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً الزخرف/32.
هذه حقائق ثابتة على المسلم ألا يغفل عنها.
ومن ثم، فقد وقف الإسلام في وجه الفرعونية الحاكمة المستكبرة، كما حذر من القارونية الكانزة.
واذا انتقلنا الى لغة الإحصاءات والاقتصاد والأرقام لوجدنا شيئا غريبا!!
ففي امريكا تعادل ميزانية إطعام القطط والكلاب خمسة أضعاف ميزانية الأمم المتحدة في نيويورك, ففي عام واحد صرف على القطط والكلاب الامريكية حوالي 2،3 مليارات دولار، بينما كانت ميزانية الأمم المتحدة فقط 683 مليون دولار!!.
فمن يجب ان يتهم بتكريس الطبقية, الإسلام ام أعداء الإسلام؟!!.
يقول المفكر الفرنسي روجيه جارودي: لا يغرب عن بال أحد ان النعيم المادي الذي ترتع المجتمعات الغربية في بحبوحته مبني على بؤس سكان العالم الثالث وهم اربعة اخماس المعمورة، وليس من المعقول ان يستمر خمسمائة مليون من الغربيين في تنعُّمهم ورفاهيتهم، بل في بذخهم في الوقت الذي يوجد فيه على الضفة الاخرى من العالم حوالي اربعة مليارات من الجياع يعيشون في فقر مدقع.
فمن يجب ان يتهم بتكريس الطبقية, الإسلام ام أعداء الإسلام؟!!.
يقول الأستاذ محمد عمر الحاجي في كتابه (الفقراء والأغنياء في ميزان الشريعة الإسلامية): في آسيا تقدر منظمة الأغذية والزراعة ان هناك حوالي 460 مليون نسمة في السبعينات الميلادية لا يحصلون على غذاء كافٍ، وثلثا هذا العدد 306 ملايين من سكان جنوبي آسيا اي ثلث سكان المنطقة!!
وهنا اليوم اكثر من ألفي مليون شخص يشكون من نقص غذائي، يموت منهم كل عام اكثر من 22 مليونا بسبب سوء التغذية!!
بل يذهب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الى أبعد من ذلك في تقديراته ليقول: من المؤسف ان يكون نصف سكان العالم او ربما ثلثاهم مصابين بسوء التغذية.
فمن يجب ان يتهم بتكريس الطبقية, الإسلام أم أعداء الإسلام؟!!
يقول د, نبيل الطويل في كتابه (الحرمان والتخلف في ديار المسلمين): في السويد، في عام واحد انفقت الدولة على الخدمات الصحية 550 دولارا على كل مواطن، اما دولة بنغلادش كان الانفاق الصحي لا يساوي سوى (04،0) من الدولار = 4 سنتات لا غير على كل الخدمات الصحية.
فمن يجب ان يتهم بتكريس الطبقية, الإسلام ام أعداء الإسلام.
وقد ذكر بيريز دي كويلار السكرتير العام السابق للأمم المتحدة ان العالم انفق في عام واحد على السلاح ثمانمائة ألف مليون دولار أي (000،000،000،800) فقط لا غير!! في الوقت الذي فيه الملايين يموتون جوعا، وسوء تغذية، ومن الأمراض الفتاكة.
وبعد هذا كله، يتهمون الإسلام أنه كرّس الطبقية!!!
إن ذلك لشيء يُراد؟!!!
د, زيد بن محمد الرماني
|
|
|
|
|