| عزيزتـي الجزيرة
يقول الدكتور ستيفن ايديلسون من مركز دراسات التوحد، سالم، أوريغون: إن أساليب التعلم هي مفهوم يحاول وصف الطرق التي يحصل بها الناس على معلومات عن البيئة المحيطة بهم, فالناس يمكن أن يتعلموا عن طريق النظر والسمع أو عن طريق لمس أو توقع شيء سريعا, فمثلا النظر الى كتاب مصور أو قراءة كتاب مصور أو قراءة كتاب نصوص يتطلب التعلم عن طريق النظر أو الاستماع إلى محاضرة حية أو على شريط فيديو يتطلب التعلم, بصفة عامة يتعلم معظم الناس مستخدمين اثنين أو ثلاثة من طرق التعلم, ومن المهم أن الناس يمكنهم تقييم مصالحهم الخاصة وطرق حياتهم لتحديد الطرق التي يحصلون بها على كثير من معلوماتهم عن بيئتهم, وبالنسبة لي أنا عندما أقرأ كتابا يمكنني بسهولة أن أفهم النص, وفي المقابل، يصعب عليّ الاستماع إلى تسجيل شريط صوتي لذلك الكتاب إذ لا يمكنني متابعة سير القصة,وهكذا فإنني أكثر تعلما عن طريق النظر، ومتوسط ويمكن أن أكون ضعيفا في التعلم عن طريق السماع, وفيما يتعلق بالتعلم السريع فإنني جيد جداً في أخذ الأشياء جانبا لتعلم كيفية عملها، مثل المكنسة الكهربائية أو الكمبيوتر, وقد تؤثر طريقة الإنسان في التعلم على حسن أدائه في أي عرض تعليمي خصوصا من المرحلة الابتدائية للثانوية ثم الكلية, وتتطلب المدارس عادة كلا من التعلم السمعي (الاستماع للمعلم ) والتعلم المرئي ( قراءة الكتاب مثلاً ), وإذا كان الواحد ضعيفا في إحدى هاتين الطريقتين من مصادر التعليم فسيعتمد بصورة أكبر على قوته (فمثلاً المتعلم عن طريق النظر قد يدرس نص الكتاب أكثر من الاعتماد على محتوى المحاضرة ),, وباستخدام هذا المنطق فإن الشخص الضعيف في كلتا الطريقتين البصرية والسمعية قد يواجه صعوبة في المدرسة, إضافة لذلك فإن طريقة تعلم الشخص قد تصاحبها مهنته الخاصة به, فمثلاً نجد الأفراد النشطين في التعلم يميلون إلى المهن التي يشغلون فيها أيديهم مثل تنظيم الرفوف أو الميكانيكا أو الجراحة أو النحت, أما الذين يتعلمون عن طريق المشاهدة فقد يميلون إلى المهن التي يستعملون فيها معالجة المعلومات المرئية مثل معالجة المعلومات أو الفن أو المعمار أو تصنيف القطع المصنعة, إضافة إلى ذلك فإن الذين يتعلمون بالسماع قد يميلون إلى المهن التي تتطلب التعامل مع المعلومات المسموعة مثل البائعين والقضاة والموسيقيين والمشغلين والنادلين أو النادلات.
واستنادا على خبرتي وخبرات زملائي يبدو أن الأفراد التوحديين يميلون أكثر للاعتماد على أسلوب واحد للتعلم, وبملاحظة الشخص قد يستطيع المرء تحديد أسلوب تعلمه الأولي, فمثلاً إذا كان الطفل التوحدي يستمتع بالنظر إلى الكتب ( صور مثلاً ) ومشاهدة التلفزيون (بصوت أو بدون صوت ) ويميل إلى إمعان النظر في الناس والأشياء فإنه قد يكون متعلما بالمشاهدة, وإذا كان الطفل التوحدي يتكلم بصورة زائدة ويستمتع بكلام الناس معه ويفضل الاستماع إلى الراديو أو الموسيقى فقد يكون متعلما بالسماع, أما إذا كان الطفل التوحدي باستمرار يأخذ الأشياء ويفرزها جانبا ويفتح ويغلق الأدراج ويضغط على الأزرار فقد يتضح من ذلك أنه نشط أو يتعلم بالممارسة اليدوية.
بمجرد تحديد طريقة تعلم الشخص فإن الاعتماد بعد ذلك على هذه الوسيلة للتعليم يمكن أن يزيد إمكانية تعلمه بشكل كبير جداً, وإذا كان الشخص غير متأكد من أي طريقة من الطرق يتعلم بها الطفل أو يعلم مجموعة بطرق تعليم مختلفة فإن أفضل طرق التعليم يمكن أن يكون استعمال الأساليب (الطرق) الثلاثة معا, فمثلاً عند تدريس معنى كلمة (جلي) يمكن للواحد أن يعرض عبوة وقارورة جلي (دهان)(تعليم بصري)، ويصف خصائصه مثل لونه وتركيبه واستعماله (تعليم سمعي)، وبعد ذلك يدع الشخص يلمسه ويتذوقه (تعليم حركي).
إحدى المشكلات الشائعة لدى الأطفال التوحديين هي الجري (الركض) داخل حجرة الدراسة وعدم الإصغاء للمعلم, فهذا الطفل قد لا يتعلم بالسماع ولهذا فإنه لا يصغي لكلام المعلم, فإذا كان الطفل حركي التعليم يمكن للأستاذ أن يضع يديه على كتفي هذا الطفل ويوجهه إلى كرسيه, أو يأخذه لمركز دراسة التوحد, ويريه كرسيه أو يسلمه صورة كرسي ويومىء له بالجلوس,وإن تدريس طريقة تعليم الطالب قد تترك أثراً على إمكانية أو عدم إمكانية إصغائه للمعلومات المقدمة ومعالجتها, وهذا بدوره يمكن أن يؤثر على أداء الطفل في المدرسة إضافة إلى سلوكه, لذا من المهم أن يحدد المعلمون طريقة التعليم فور دخول الطفل التوحدي إلى المدرسة وأن يكيفوا طرق تدريسهم حسب قدرات الطالب, وهذا سيضمن الفرصة الأكبر للطفل التوحدي للنجاح في المدرسة.
ياسر بن حمود الفهد والد طفل توحدي الرياض
|
|
|
|
|