| محليــات
قرار المجلس المركزي الفلسطيني بتأجيل إعلان الدولة الفلسطينية، تزامن مع قرار استئناف المفاوضات , والمتابع لسير المفاوضات على المسار الفلسطيني يصعب عليه التنبؤ بمسارها وما يمكن أن تفضي إليه.
يجتمع المفاوضون وأمامهم اقتراحات أمريكية، وفلسطينية، وإسرائيلية، ويفترض أن يخرجوا بصيغة ما تفضي إلى اتفاق وتحديدا حول مستقبل القدس, هذه الاقتراحات كما تناقلتها وكالات الأنباء تبدو متباعدة، فإسرائيل تقترح إدارة إسلامية للمسجد الأقصى، ولكن سيادة إسرائيلية على كامل القدس الشرقية، وأمريكا ترى وجودا للعالم الإسلامي في الإشراف على الأماكن المقدسة، وربما يكون للأمم المتحدة دور ما، في حين يريد الفلسطينيون سيادة غير منقوصة على القدس الشرقية.
واقتراحات كهذه توحي بأن الهوة مازالت عميقة كما يقول المفاوض الفلسطيني أبو مازن ، وأن فرص التوصل إلى اتفاق ضئيلة كما يقول وزير الخارجية الإسرائيلي، وإذا أضفنا إلى المسافات الفاصلة في المواقف من قضية القدس، طبيعة الظروف السياسية للأطراف المشاركة في المفاوضات، فإن الصورة ستبدو على درجة شديدة من التعقيد, فأمريكا راعية المفاوضات لا تقف على مسافة واحدة من الصراع العربي الإسرائيلي، فهي بحكم الشراكة الاستراتيجية مع إسرائيل وتعقيدات العلاقة الخاصة معها غير محايدة منذ البداية, وعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي يرغب في أن ينهي رئاسته بإنجاز سياسي يخدمه وزوجته في انتخابات نيويورك، وبالتالي يخدم الحزب الديموقراطي في انتخابات الرئاسة، إلا أنه لا يستطيع أن يضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات، لأن مثل هذا الضغط سينتج عنه تحول موضوع المفاوضات ذاتها إلى قضية انتخابية.
ورئيس الوزراء الإسرائيلي يعاني من تحديات داخلية تهدد موقعه كرئيس للوزراء، بل إن الدعوة لانتخابات مبكرة على الأبواب، ومن ثم فإن خياره الوحيد تحقيق اتفاق مفصل طبقاً لمقاييس السياسة الإسرائيلية، أي اتفاق يرضي الأغلبية مما يثبت موقعه على خريطة الحدث السياسي في إسرائيل، أو تحويل المفاوضات ذاتها وكيفية إدارتها إلى قضية انتخابية تخدمه في معركة رئاسة الوزراء فيما لو كان هناك انتخابات مبكرة، أو تثبت موقعه كزعيم للمعارضة في حالة الخسارة.
المفاوض الفلسطيني يدرك أن التنازلات في القدس ثمنها تحييد العناصر الداعمة له في المفاوضات، عربيا وإسلاميا، ومن ثم تتعرض العملية السلمية كلها للخطر، ومن هنا فإن التفاوض كما كان صعبا في السابق، فإنه الآن سيكون أكثر صعوبة، ما لم تدرك الأطراف كلها أن السلام خيار استراتيجي للجميع، وأن السلام المنقوص ثمنه الانتكاسة في المدى القصير أو البعيد، وأن تكافؤ الأطراف لا تصنعه موازين القوة وحدها، فهي متغيرة، ولا تصنعه الظروف السياسية أو الاقتصادية لطرف دون الآخر، ولكن التكافؤ تصنعه رغبة مشتركة في تحقيق سلام عادل وشامل، يضع في اعتباره متغيرات الأحداث وظروف المنطقة كلها وما يمكن أن يعطيه السلام للجميع من إحساس بالعدل ومحاربة للفوضى والحروب.
|
|
|
|
|