أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 13th September,2000العدد:10212الطبعةالاولـيالاربعاء 15 ,جمادى الثانية 1421

مقـالات

الإعلام البترولي
د, عبدالرحمن بن محمد القحطاني
في ظل ارتفاع وانخفاض النفط واندماج شركات النفط الكبرى بعد اندماج دولها في تكتلات سياسية واقتصادية وعسكرية وتصاعد العمليات النفسية الموجهة ضد دول النفط المصدرة خصوصا اعضاء منظمة الأوبك، كل هذا أعاد لذاكرتي ما قرأته للخبير الاقتصادي مروان اسكندر ومحاضرته في الإعلام البترولي المنشورة في إصدارات منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول والتي سنعتمد عليها وبتصرف منا في طرح هذا الموضوع.
فموضوع النفط على الصعيد الإعلامي احدى القضايا الإعلامية للدول المصدرة للنفط خصوصا دول الخليج العربي التي يمكن حصرها بثلاث فئات على وسائل الإعلام ان تستهدفهم كما أوضحها لنا الخبير الاسكندر في محاضرته وهي: فئة المستهلكين في العالم الصناعي وهم يستهلكون غالبية النفط الذي يصدر في بلادنا الخليجية خصوصا المصدرة للنفط عامة, الفئة الثانية هي فئة المستهلكين في العالم الثالث من البلدان التي لا تنتج كفايتها من النفط لتغطية حاجتها وبالتالي تتأثر إيجابيا أو سلبيا بسياسات التصدير سواء منها المتعلقة بالتسعير أو بحجم الإنتاج، وأخيرا الفئة الثالثة، وهي الفئة الأهم لدول الخليج هي فئة المنتجين والمستهلكين لدول المصدر الأعضاء في منظمة الأوبك ولأعضاء في منظمة الأوبك أيضا.
فالعمل الإعلامي يفترض أن يستند في هذا الأمر أي مقياسين جوهريين:
1 التركيز المسعى الإعلامي على النواحي الحياتية لفئات الذين نرغب ان تطالهم رسائل الإعلام.
2 ترسيخ الإعلام الخليجي على قواعد الحقيقة كما تكون معالمها واضحة لمن يمارس الدور الإعلامي.
ولسنا هنا في صدد استعراض معوقات الإعلام الخليجي التي تعرقل امتدادنا إعلاميا إلى مواطني الدول الصناعية إلا انه يمكن اختزالها بمعوقات قانونية ضرائبية وأخرى حضارية انغلاقية ومعوقات نابعة عن ضعف وعجز في تطوير وسائط وسبل الاتصال الإعلامي على نطاق واسع ومقنع في الوقت ذاته.
وهذه النظرة الفاحصة لعلاقة الإعلام بالاقتصاد تخرج من هذا الخبير ليفتح لناعلاقة الإعلام بالنفط وهذا يتضح لنا من خلال السياسات الاقتصادية التي تنهجها الدول الصناعية بل قدرة الغرب على استحواذ النفط بسلاح العلم .
وكما أسلفنا ان احد أهداف العمل الإعلامي البترولي هو الوصول إلى عقلية مواطني الدول الصناعية بل الدول النامية فهم يشعرون وطأة أسعار النفط بسبب الضرائب والرسوم في المكان الأول, فمشتقات البترول اعتمدت كأسس لغرض الضرائب والرسوم غير المباشرة، وبالتالي فنحن نحمل وزر السياسات الضرائبية للبلدان المستوردة وكأنه وزر من مسؤوليتنا نحن، في حين الواقع هو الدول المعنية استفادت خلال الفترة الطويلة لرخص النفط من استعمال هذا المورد الناضب بكثافة لقاء أسعار أقل من قيمته الحقيقية بالنسبة للمستهلكين لينطبق القول بيدي لا بيد عمر ولعمري قد وفرت الحكومات المعنية قسما كبيرا من عائداتها لتمويل ميزانيتها ومن ثم الهيمنة على دول النفط واحتكار كافة حاجاتها من التقنية والتكنولوجيا بل الصحة والبيئة والصيانة وبالتالي يقع الإعلام الخليجي البترولي في خطأ واضح بالخوض في تفصيلات الضرائب وما شاكل ذلك بديلا عن التركيز، وهو الأمر المهم، على مقارنة سعر النفط بتكاليف إنتاج الطاقة البديلة في البلدان الصناعية أو بتكاليف استيراد الطاقة البديلة من بلدان أخرى.
تلك الطاقة البديلة التي يتغنى عليها العالم الصناعي كالفحم الحجري، الطاقة النووية، وزيت الطفال، على مستوى الأسعار الحالية للنفط, وهذا التركيز صعب المنال في وسائلنا الإعلامية لعدم وجود المتمرسين والمتخصصين في مجال النفط والاقتصاد في وسائلنا الإعلامية وهذا الواقع مؤكد من دراسة ميدانية أجراها كاتب هذا المقال فترة 1996-1998م.
وهذا ما يعنيه الخبير الاقتصادي بالشق الثاني من العمل الجوهري الإعلامي في ترسيخه على قواعد الحقيقة وهي واضحة المعالم في البدائل الثلاثة سابقة الذكر وخير دليل ان هذه البدائل صعب إنتاجها وتأثير استخراج الفحم الحجري، مثلا، على البيئة والصحة وعجز فرنسا في مواصلة تنفيذ المفاعلات للطاقة التي أوقفت مجموعة منها أو استغلال زيت الطفال وهي الأخرى عملية مكلفة تفوق أسعار النفط.
أما عن المعوقات الحضارية الانغلاقية التي تعثر الإعلام عن شؤون النفط من وجهة نظر البلدان المنتجة والمصدرة في البلدان الصناعية الرئيسية، ان مواطني الدول الصناعية ينظرون إلى مواطني الدول النفطية نظرة فيها كثير من التجني والتعصب وحتى المذهبي وهذا الأمر واضح حيث يلعب الإعلام الأوروبي والأمريكي برسم صورة ذهنية متأصلة إلى ان مواطني الدول المصدرة للنفط هم أغنياء وجهلاء في الوقت ذاته وخير دليل على ممارسات إعلام تلك الدول الصناعية أبان حرب أكتوبر 1973 م عندما استخدم النفط كأداة دبلوماسية أو ما يسميه الغرب سلاحاً ضاغطاً, ولعل الممارسات الخاطئة, اذن لبعض الفئات عند حلول الصيف ومظاهر الانفاق لدى السياح العرب والخليجيين بالذات من الموسرين المقبلين على دول أوروبا وأمريكا بشكل زائد عمق ما صوره إعلام حكوماتهم ومؤسساتهم الإعلامية والتبشيرية؟ في الوقت الذي يتناسى بقصد تلك الدول الصناعية وإعلامها إيجابيات ومواقف دول النفط على صعيد المعونات الدولية والتمويلات الرسمية ومجالات العمل المنفتحة في منطقة الخليج,, ومحافظة الدول النفطية كالسعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة على سياسات أسهمت في إبقاء بعض التوازن في نظام النقد الدولي ومثل آخر موقف المملكة العربية السعودية في عملية تحرير الكويت 1991م في إبقاء بعض التوازن في نظام الأمن العالمي.
ومهما قيل ان هناك إنصافا او شبه إنصاف إن صح التعبير بغرض إيجابيات الدول النفطية إلا اننا مازلنا بعيدين عن المنهج المتقدم في تعاملنا مع الأبعاد التي تتحدى مستقبلنا فلم نستنبط منهجا مناسبا للإعلام ولا أوجدنا وسائل متعددة وموثوقة توفر دراسات وإحصاءات تتناسب في المكان الأول مع احتياجات الباحثة وهم قلة ,, فنهجنا الإعلامي خاطئ، وان تحسن في السنوات الخمس الأخيرة حتى في تصاريح ألمع وزرائنا ، فالمنطق لدى المسؤولين العرب هو لتبرير الأسعار وسياسات تقييم الإنتاج، وهو منطلق يفترض أننا مخطئون في حق الدول الأخرى، والمطلوب توفير النفط بأسعار تقارب مع تكاليف إنتاج مصادر الطاقة الأخرى.
ونحن قد دلفنا في بداية الألفية الثالثة وفي ساحة العولمة بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لن يكون جيلا متمتعا بأي من وسائط الحياة المرفهة، بل في أحسن الأحوال قد نجد هناك أثرياء ينعمون بثروات مكتسبة بفعل الوراثة، وإنما الأوضاع الاقتصادية لن توفر القاعدة الحقيقية للحياة المستمرة في الدول النفطية لأن المنهج قد تغير بعد حرب الخليج الثانية تحرير الكويت فالعمل المطلوب واضح.
فسياسات العالم الصناعي في مجال الطاقة تفرض علينا التركيز إعلاميا في المجال النفطي على الأوضاع في بلادنا نحن وعلى التطورات التشريعية والفنية في البلدان التي تمثل الأسواق الرئيسية للنفط والغاز المصدر من منطقتنا وهو الأمرين، أي النفط والغاز، لم تكن القضايا الرئيسة للإعلام، وجانب آخر علينا ان نعترف دون حياء، ان معدلات الاستهلاك التي نشهدها في بلدان مصدرة النفط هي أعلى بكثير من تطورات معدلات الاستهلاك في أوربا حتى في أوقات رخص النفط, فعلينا ان نعقلن الاستهلاك في دول النفط، وإلا كيف لنا ان نطلب من العالم الصناعي ترشيد استهلاكه بتخفيف التدفئة بالشتاء ونحن نترك التبريد ساريا في العديد من منازلنا في الصيف لحفظ المفروشات او حتى ندخل في منازلنا والجور بارد، وكيف لنا أن نطالب الأوروبيين والأمريكيين واليابانيين بالسيارات الاقتصادية نحن زبائن السيارات الفخمة الأكثر استهلاكا في المقام الأول.
إن الاعتبارات التي نطلب توافرها ونحن بعيدون عنها يؤدي يوما إلى نضوب مصادر النفط,, إن للإعلام دورا كبيرا جدا في إبراز بل وإثارة هذه الناحية من حياتنا الاقتصادية والاجتماعية إثارة عقلانية موضوعية مبنية على حقائق ثابتة ومحكمة.
بالإضافة إلى ما تقدم فعلى الإعلام التركيز على اتساق التصنيع والتكامل بين بلدان المنطقة,, فالمؤسسات الصناعية التي أقيمت في بلدان النفط التي أرسيت على افتراض الطاقة برخص، لم تستقطب ابناء المنطقة ولم تكشف التدريب ولم توفر جيلا نشطاً من الفنيين, وبالتالي ومن جانب آخر الصيانة فهناك تحد كبير لأبناء المنطقة في أن يوفروا لأنفسهم الكفايات البشرية التي تسمح بتشغيل هذه المصانع والمنشآت بفعالية وبكفاءة إدارية متقدمة,, فحياة هذه المنطقة أصبحت ترتهن بإرادة أهلها، السعي الحقيقي والعمل الجدي في الإنتاج المستمر والمتواصل فلسوف تتحول الثروة النفطية إلى ثروة ورقية، وهذه الثروة الورقية عرضة للضياع، نتيجة لظروف قد لا يكون لأصحابها يد في السيطرة عليها.
إن مصلحة دول النفط وخاصة دول الخليج العربي الا تصادم المصالح مع المصالح العليا لشعوبها وان دور الإعلام الخليجي القادم في هذه الفترة الحرجة ان تقيم اوسع العلاقات مع مؤسساتها الداخلية وفتح قنوات وجسور وحوار مع المؤسسات الإعلامية الأجنبية والمؤسسات الأكاديمية الخليجية وغير الخليجية, وان ترزع الثقة المتبادلة بين قادة الإعلام وقادة صانعة القرارات الاقتصادية ورصد حقيقي للحقائق والدور التي تقوم به دول المنطقة النفطية على الصعيد الدولي الإنساني أما التبريرات والتفسيرات التي قد تؤدي إلى كارثة ككارثة الخليج الثانية 1991-1990 م فهي في غير صالح الجميع.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved