| محليــات
منذ النهضة العلمية والتعليمية أخذت في مجتمعنا أهبتها نحو الانطلاق دون توقف، وجرى نهرها عذباً فراتاً، ونهل منه الفتى بمثل ما نهلت منه الفتاة,,, وتسابقت الهمم نحو التحصيل في أرقى وأعلى مستوياته والمزون تهطل,,, والأرض ريَّانة,,.
المرأة في هذا المجتمع ضمن منظومة متضافرة في ضوابط تحقق لها الأخذ من مناهل نهر العلم والتعلم، بمثل ما تحقق لها فرص العطاء,,.
ولعل أوثق ما يؤكد ذلك حصولها على الدرجات العلمية المختلفة في المستويات، والمتعددة الاختصاصات مع تفاوت التوجهات والاهتمام والتركيز على قضايا متشعبة ومختصة بعضها يعمّ، وبعضها يخصّ وكلها تنصبُّ في محور التفاعل الواعي مع هذه النهضة في شمولها,,.
ولم يتوقف هذا التفاعل على مجال التعلم، بل إلى وضع نتائج ذلك في بوتقة العمل كي يتم حصد الثمار فالمرأة تعمل وتفكر، وتعلِّم، وتُربي بمثل ما تبحث وتؤلف وتُنتج,,,، لذلك فأدوارها عديدة، ومسؤولياتها متفاوتة وكل ذلك له نتائج إيجابية في دفع حركة التغير الوضيء في هذا المجتمع,,.
من هنا جاءت فكرة التوثيق لتاريخ حركة النشاط النسوي المنبثقة من أدوارها الاجتماعية المختلفة عن طريق الجمع والحصر والدراسة والتأريخ في مركز يرتبط بدارة الملك عبدالعزيز فكرة جيدة سيكون لها نتائج متميزة في هذا الشأن إن روعي الاختيار الدقيق لمن يتولى فيه أمر البحث والدرس والتوثيق من العناصر النسائية المقتدرة علماً ووعياً ونشاطاً ومبادرةً وتجرداً.
وإن اختيار شخصية الأميرة سارة بنت أحمد السديري والدة مؤسس هذا الكيان الاجتماعي العريق الملك عبدالعزيز رحمه الله لهو اختيار موفق لسببين: الأول أن يكون بدء التأريخ لنشاط وأدوار المرأة في الجزيرة مرحلياً: المرحلة الأولى وتمثل المرأة الأم/ الزوجة/ مربية الرجال/ ومواقفها الاجتماعية الخاصة والعامة ذات التأثير المباشر وغير المباشر في صنع تأريخ الوطن, وخير من يمثل رجال هذا الوطن الملك عبدالعزيز رحمه الله ، وخير من يمثل دور المرأة في صنع الرجال هي مَن أنجبته وربّته وكوَّنت فيه ما كان فيه من الصفات الناتجة عن البيت وتربية الأم, وانطلاقاً من ذلك يتمُّ التوثيق لكافة شخصيات النساء ذوات الأدوار الملموسة على مدى نشأة هذا الوطن.
والمرحلة الثانية التوثيق لكافة أنشطة المرأة العملية الخاصة والعامة في كلِّ المجالات والأدوار مع تنوع العطاء دون توقف عند جانب أو مجال, والسبب الثاني أن يتم التوثيق باستمرارية شاملة لكل مستجد من شخصيته أو دور أو نتاج سواء كان إنتاجاً علمياً أو فنياً، أو تربوياً أو فكرياً.
ولعلّ هذا المركز وهو يضع استراتيجياته، ويخطط لأدواره، ويرسم لمحتواه أن يراعىألاَّ يغفل أن يكون المصدر لتوثيق الشخصيات النسائية التي لعبت أو أدت أو تؤدي أدوارها في المجتمع عامة، وأن يرصد الأدوار بشكل تتبعي لا يغفل جانباً دون آخر، ولا يضم أسماء ويغفل أُخر، ولا يبتر معلومات عن أدوار أو شخصيات ويفرد لسواها,,, إنه مركز علمي يتوسم فيه الشمول، والتجرد، والإلمام، والمتابعة، والدقة، والأمانة، ولايتم ذلك إلا بإسناد الدراسات، والمتابعة، والوضع لذوات الاستحقاق.
كما يمكن للمركز إجراء البحوث المعالِجة لمراحل التأريخ في محاولة اكتشاف ما هو مغمور من أدوار النساء في مجال التعليم، والعمل الاجتماعي، والتجارة، ونحو ذلك.
وله إقامة الندوات والمحاضرات في هذا الشأن، وفتح باب الحوار لإثراء ما يقوم بإعداده من توثيق التأريخ.
ويمكن للمركز أن يشمل تأريخ النساء في كافة مناطق المملكة وعلى المدى البعيد والآخر القريب.
إنني أتوقع إن وضع لهذا المركز خطة دقيقة، واختير له فريق عمل بعناية فائقة سوف يؤتي نتائج تحقق طموح كلِّ من يتطلع إلى توثيق دور المرأة واسمها في نهضة هذا المجتمع وفي مجالاته المختلفة على أنه خطوة أولى إلى كشف ما هو مغفل من أدوار النساء في مجتمع يقوم على إسناد مهمة التربية والبناء للإنسان على الأم التي هي المحضن، والتي هي الآن من يمسك بالمجداف الآخر لسفينة الحياة الاجتماعية.
التحية في هذا الشأن للأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي يقف بقوة وعطاء وراء كل مشروع ناهض في هذه المنطقة.
ولتشمر الباحثات في المجالات المختلفة عن سواعدهن كي يتم لهذا المركز أن ينشأ وأن يثرى وأن يؤتي أكله.
ولعلَّ فيما ذكرت ما يجيب عن طلب الدكتور فهد السماري للكاتبة الإسهام في وضع تصور لهذا المركز أرى أن يشمل ما ذكرت ويحرص على ما يجعله يحقق الهدف منه.
|
|
|
|
|