| الثقافية
افتقدنا في الأيام الماضية الأديب يحيى المعلمي ورثاه من رثاه,, وبكاه أهله وأحبته,, رحمك الله يا معلمي، وغفر لنا جميعا,.
فما لفت انتباهي في هذا الغياب المفاجئ وأنا أتأمل مسيرة مشهدنا الثقافي من حضور وغياب,, حضور يقوى وآخر يخبو ويتلاشى في العدم وكأنه ذبول نبتة أي نبتة في غياب المعلمي المفاجئ أطل وجه القاص والأديب الواعد على أحمد زعلة على مساحة تأملي في وقت كان به زعلة يطل على القارئ بنصوص وكتابات من خلال الصحافة,, في مسعى من هذا الواعد أن يلون مساحة أدبه وابداعه بزهو الكلمات,, فيما كان المعلمي الأديب الراحل يرحمه الله يلملم أوراقه للغياب الأبدي.
علي زعلة صاحب نزعة سردية يتجسد فيها ما أردت البوح به في هذه المقاربة التي تربط المعلمي الراحل بالزعلة الحاضر,, فهو ربط زماني يتحد في دلالة المنهج والهدف لدى الاثنين ويختلف في التخصيص والتخصص لدى كل منهما,, كما أنني أرى هنا أن هناك رابطاً عضوياً آخر بين الرجلين يتجسد بالاطار الجغرافي إذ تشكلت جيزان في رؤيتهما واصبحت من الجوانب المضيئة لأي دارس أو باحث في أدب المنطقة وثقافتها.
ثم إنني أثني وباعتدال غير مفرط على القاص علي زعلة وأتوسم فيه دون غيري أنه رجل يتسم بسمات العلماء فضلا عن أنه ينزع الى صياغة منجزه الأدبي على هيئة عالم سردي يعرض الأحداث، ويورد الأخبار، ويصوغ الحكايات لتأخذ القطعة السردية لدى زعلة تحديدا شكل التطوير والتجديد لتجسد هذا الملمح قصتي:
قد تتفاوت، وتتباين التجارب بين المعلمي وزعلة إلا أن المنطلق أو الرابط الأساسي يتجسد فيما لدى الاثنين من حب وولع في الثقافة,, فالمعلمي يرحمه الله عرف عنه غيرته المتناهية على اللغة وحبه الأدب وزعلة يتفق معه في هذا التوجه بل يتزيد في ذلك أنه مفتون في رؤية الجديد، ومتعلق بالسرد الذي ينزع الى فضاء المتخيل.
وليعذرني أحبة المعلمي أنني لم أتناول ما لديه بشكل واضح لأنني هنا أود أن أقارب هذه المفارقة التي وجدتها أمامي وقد تجسدت بأن للحياة قصة قصيرة مليئة بالشجن، والتناقض، والمعاناة,, وهذا الحضور والغياب هو سر تكوينها وبقائها,, لكن براعة المبدع في أن يعقلن، ويؤنسن هذا الحضور الذي يتحفنا به المبدع فالحضور هنا يختلف باختلاف أصحابه فهناك من يحضر لكي يكون مشرقا في عيون من حوله، ومعبرا في وجوده، وآخر يحضر من أجل أن يبث شجونه الذاتية الشاحبة,, تباريح لا عاطفة بها ولا حياة,, ففي الصورتين تجسيد حقيقي للمفارقة هذه.
هنا امتدح الأرض التي تنجب أدباء مثل المعلمي وزعلة ، وأثني على الجغرافيا التي علمتنا أن هناك شرقا وغربا,, جنوبا وشمالا إننا مدينون لهاجس المودة الفطري الذي يعقلن ويؤنسن كل ما نراه أدبا، وفكرا، وثقافة، مثلما نحن بشوق لأن نقرأ ابداعا يتجاوز حدود الذاتية المفرطة أدبا يسمو بالذائقة ويحقق المتعة ويقوم على الصدق شكلا ومحتوى.
عبدالحفيظ الشمري
|
|
|
|
|