| محليــات
يجتمع وزراء النفط في أوبك في ظل معطيات جديدة، فهم الآن يحاولون كبح جماح الأسعار لضمان الاستقرار في سوق النفط، وفي العام الماضي كانت دول أوبك تعاني من انخفاض حاد يهدد قوت مواطنيها، مما جعل المملكة تبادر بالاتفاق مع فنزويلا والمكسيك باتخاذ اجراءات عاجلة بخفض الانتاج، وكان العبء الأكبر فيه من نصيب المملكة، وشهدت أسواق النفط تحسناً ملحوظاً بعد ذلك، مما دعا الأوبك الى اتخاذ اجراءات عملية في اجتماعهم الماضي، حيث تم تحديد سقف للإنتاج يتزامن مع آلية للأسعار، أي الحد الأدنى والحد الأعلى للسعر، في ضوء تقدير دول أوبك للقيمة الحقيقية لسعر البترول، تلك القيمة التي تخدم مصالح الأوبك على المدى القصير والبعيد، غير أن استجابة السوق كانت مختلفة، فأسعار البترول في تصاعد مستمر، رغم غياب العوامل المؤثرة في تحديد السعر عادة، أي زيادة واضحة في الطلب ونقص فعلي في كمية العرض، مما دعا البعض الى تفسير الارتفاع بأنه حركة تصحيح قياساً بما يحدث في سوق الأسهم، وهو تفسير غير دقيق، لأن الطبيعة الخاصة للمضاربة في سوق البترول مختلفة تماماً عن الطبيعة الخاصة لحركة أسعار الأسهم, في حين رأى البعض الآخر أن الارتفاع السريع يعود لعوامل نفسية تتحكم بحركة السوق، وإذا كان صحيحاً فإن العوامل النفسية لها أثر كبير على المضاربين، إذ لا يجهل أحد بأن التاجر تحكمه غرائز الطمع والخوف، والعمل التجاري يخضع لمنطق الربح والخسارة، وتقدير العوامل المؤدية لذلك ذات العلاقة المباشرة بالطبع البشري، والتاجر عادة يغامر مغامرة محسوبة وهو يؤسس مغامرته بناءً على تجاربه في السوق ومن ثم فإن المضاربين في البترول يدركون حاجة أعضاءدول الأوبك لبيع انتاجهم بأسعار مرتفعة، ومن ثم يراهنون على انقسامات أو اختلافات يترتب عليها بلبلة قد تؤدي الى ارتفاع سريع للأسعار، فيحققون مكاسب كبيرة من وراء ذلك, المضارب في السوق نَفَسه قصير، وتقديراته استجابة لتوقعات أو تنبؤات تؤسس على تصريح مسؤول، أو خلاف سياسي بين دولتين أو أكثر من أعضاء أوبك، ومن هنا فإن المطلوب من وزراء النفط في اجتماعهم في فيينا ان يستفيدوا من الدروس، وأن يدركوا أننا في عالم جديد مختلف من حيث نظامه الدولي والاقتصادي، وأن الارتفاع المبالغ فيه للأسعار لا يخدم دول أوبك على المدى الطويل، مثله مثل الانخفاض الذي يؤثر على اقتصاديات دول أوبك، وأن المهم الآن بعد أن استجابت دول الأوبك إلى متطلبات السوق ورفعت الإنتاج إلى ثمانمائة ألف برميل يومياً أن تعمل الدول الأعضاء على ضبط حركة الأسعار والتحكم فيها بما يخدم مصالح المنتج والمستهلك وأن تشرع بحوار جاد مع الدول المستهلكة لكي تخفض الضرائب التي ترهق كاهل المستهلك، لكي يصبح النفط أداة فعالة في استقرار الاقتصاد العالمي، وهو ما يخدم المنتج والمستهلك معاً، ويستفيد الجميع بعيداً عن الشعارات أو الفهم الخاطىء لآليات السوق.
|
|
|
|
|