| الاقتصادية
ارتفعت أسعار النفط في الأشهر الأخيرة بشكل كبير ووصلت الى مستويات لم تصلها منذ عشر سنوات تقريباً ويرجع السبب الظاهر لارتفاع الاسعار الى نقص الكميات المصدرة من دول أوبك وإلى انخفاض المخزون من النفط والى انتشار حالة من الذعر لدى المستهلكين من عدم إمكانية الكميات المعروضة على تغطية الكميات المطلوبة خاصة في ظل تزايد الطلب على النفط خلال فصل الشتاء.
والسؤال هنا هل هذه الأسباب التي تروج لها الدول المستوردة وخاصة الصناعية منها هي الأسباب الحقيقية للارتفاع الحاد في اسعار النفط؟
من المتوقع ان تكون الاسباب سابقة الذكر صالحة لتبريد وارتفاع معتدل في الاسعار، لكن الارتفاع الحاد والمفاجئ أحياناً بحاجة الى تبريرات أكثر منطقية تمكن الإجابة على السؤال السالف ولو بشكل جزئي في الحقيقة التي مفادها ان ارتفاع اسعار النفط وتماسكها ليس مرده مجرد انخفاض إمدادات النفط من دول اوبك بل مرده اساساً الى تماسك اعضاء أوبك والتزامهم بالاتفاقيات المبرمة بينهم بدرجة عالية يضاف الى ذلك مجموعة من العوامل والتي لادخل للمنظمة فيها مثل الضرائب على النفط ومنتجاته في الدول المستوردة والتي تصل الى 7% على الوقود والى المضاربة على اسعار النفط وعمليات جني الارباح التي تحصل من حين لآخر.
ولذا فإنه إذا أريد خفض سعر المنتج الخام فإن اسهل الطرق واقلها لغة من وجهة نظر الدول المستوردة هو خفض درجة الالتزام بالاتفاقيات بين الدول الأعضاء في أوبك والتشجيع على خرقها بأية وسيلة ولعل من أفضل الوسائل العمل على اصطناع زيادة في الأسعار في المدى القصير بشكل كبير بحيث تغري بعض المنتجين بخرق الاتفاق وزيادة الإنتاج للاستفادة من الاسعار العالية، ومتى أمكن جعل بعض المنتجين يتصرفون بعيداً عن الاتفاق فإنه يصبح عرضة للانهيار وستأخذ الاسعار نفس الطريق.
ويمكن القول بأن الاسعار لن تنخفض الى المستوى الذي تأمله الدول المستهلكة نتيجة لزيادة الانتاج فقط، لكن مجرد رسالة توحي بعدم إمكانية استمرار التزام الدول المنتجة بالاتفاق أو ببداية ظهور انقسام بينها ستكون كافية لخفض الاسعار بدرجة كبيرة ولا أدل على ذلك من كون صادرات دول أوبك من النفط زادت خلال العام الحالي مرتين أخراهما قبل ثلاثة اشهر بما مقداره ستمائة ألف برميل يومياً وبدلاً من انخفاض الاسعار او بقائها عند مستوياتها التي كانت عليها اتجهت نحو الصعود وبشدة الى جانب أن كثيراً من المحللين يرون ان الزيادة المقترحة في الانتاج المبينة على آلية ضبط الاسعار التي وضعتها أوبك ستكون محدودة الأثر, إن ماتحتاجه منظمة أوبك في الوقت الراهن هو إعطاء سوق النفط إشارة واضحة وحازمة تبين تماسك اعضائها والتزامهم الصارم بالاتفاقات وما يتوصل إليه من قرارات وذلك في جميع الحالات لأن ذلك هو الصمام الذي سيحافظ على الاسعار عند مستويات معقولة وأهم من ذلك يمنعها من الانهيار.
* قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة الإمام محمد بن سعود
|
|
|
|
|