| الاقتصادية
الوظيفة ضالة طالب العمل وحتى يكون بين الوظيفة وبين الشخص الذي سوف يشغلها شيء من المواءمة وجب أن يكون هذا الشخص قد نال قسطا من التدريب والتأهيل وبغض النظر عن ما حصل عليه من مؤهلات دراسية سابقة لأن ما تزخر به المناهج التعليمية سواء في التعليم العام أو العالي خصوصا في المرحلتين الماضية والراهنة ما تزال تفتقد العديد من العلوم المنهجية ذات الطابع الواقعي لسوق العمل.
ومن هذا المنطلق تطلب الأمر احداث نوعيات حديثة لصقل المواهب لدى طالب العمل خصوصا لمن يرغب الانخراط في سوق العمل لدى القطاع الخاص وقد تجلى ذلك في انشاء العديد من المراكز الأهلية لتدريب الملتحقين فيها عن أعمال أنشطة القطاع الخاص السعودي، هذا فضلا عما تم انشاؤه من أعداد لا بأس بها من الكليات الأهلية في بعض مدن المملكة والتي بلا شك تعتبر نقلة نوعية وحضارية تسهم في تخريج أفواج عديدة لسد الاحتياج الفعلي لدى القطاع الخاص من طالبي العمل بكافة فئاتهم، وان ما صدر أخيرا وبموافقة كريمة من لدن مقام مجلس الوزراء الموقر في جلسته التي عقدت في 29/4/1421ه على انشاء صندوق لتنمية الموارد البشرية انما يعد هذا التوجه انجازا كبيرا في ظل الاهتمام البالغ بمواطني هذا البلد واسهاما في تدريب وتأهيل طالبي العمل ومن هم على رأس العمل على حد سواء سعيا لتوافر العديد من الوظائف والتي بلا شك متوفرة في أفرع القطاع الخاص السعودي والتي كان ينقصها من نال تدريبا وتأهيلا لسد ذلك الاحتياج كما انه وبعد انشاء هذا الصندوق سوف تزول العديد من المعضلات التي تواجه الجميع أصحاب عمل وطالبو عمل ان شاء الله.
ومن خلال هذه المقدمة وددت أن أطرح آراء ومقترحات آمل أن تسهم في رفعة وتطوير هذا الصندوق ولجعله قناة تدريبية وتأهيلية وخدمة لتوظيف العديد من المواطنين، لكافة الأجيال الحالية والقادمة وذلك بما هو آت.
أولا: انبثق عن هذا الصندوق تسع مواد تحمل في ثناياها العديد من الفقرات التي تعتبر شاملة ووافية خصوصا وان الصندوق في بداية تأسيسه.
ثانيا: معروف ان التمويل من الأسس التي يبنى عليها كل مشروع أيا كان ولهذا اتى موضوع مصادر تمويل هذا الصندوق في المادة الثالثة منه وحددت خمس نقاط رئيسية تفرعت من تلك المادة لتمويله وهي:
1 الرسوم التي تقررها الدول لصالح الصندوق.
2 الاعانات التي تقدمها الدولة.
3 المنح والهبات والمساعدات والأوقاف التي يقرر مجلس الادارة قبولها.
4 العائد عن استثمارات الصندوق لموارده.
5 أجور الخدمات وما يقوم بتحصيله في سبيل ممارسة نشاطه في مجال الأقراض.
وعند قراءة هذه المصادر التمويلية لا شك انها تمثل قنوات مالية سوف تجعل من هذا الصندوق مصدرا يدعم من خلاله العديد من الجهات ذات العلاقة بأهدافه وتطلعاته خصوصا في الفترة الحالية التي بسببها برزت الحاجة اليه، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ما هو العمر الزمني الذي سوف يخدم من خلاله هذا الصندوق على المدى البعيد؟ لأن الحاجة لمثل هذا الصندوق لا يجب أن ينظر اليها انها وقتية أو ذات سنوات معدودة بل يفترض اطالة أمد الحاجة اليه بجعله صندوقا نافعا وداعما لعقود عديدة، وبالتالي فانني أرى انه بالرغم مما أتت به الفقرات الخمس المعنية بكيفية تمويل الصندوق في المادة الثالثة منه تظل مؤشرا قد لا يساعد على المدى البعيد لعمر الصندوق اذا ما رغبنا أن يكون عمره أمديا في جعله صامدا وقادرا على دعمه المادي للجهات المستفيدة باستمرارية وانتظام، اذا لم يواكب هذا التمويل استثمار مميز يجنى من خلاله عوائد مجزية تزيد من تفعيله وخدمته في القنوات المرسومة له, ولكي نحدد بالضبط مفهوم الاستثمار لمثل هذه المشاريع تحقيقا لايجاد أسلوب استثماري أمثل يثري موارده ويقوي من مركزه المالي، علينا ألا نغفل ما أتت به الفقرة 4 من المادة الثالثة للصندوق والتي أوردت ما نصه العائد من استثمار الصندوق لموارده لكن الأهم في ذلك هو الكيفية والطريقة التي سوف ينتهجها الصندوق في استثمار موارده، هل سوف تكون عبر مشاركات استثمارية من خلال شراء أسهم بعض الشركات المساهمة أم سوف يشرع الصندوق في انشاء مبان عقارية لتأجيرها أو بيعها لتحقيق عوائد مجزية أو ما شابه ذلك من أنشطة استثمارية أخرى؟ فبلا شك ان مثل هذا التوجه وذاك أسلوب استثماري قد يتحقق منه القليل أو الكثير النافع لدعم الصندوق ذاتيا اضافة الى ما سوف يتلقاه من مصادر أخرى حددت له، الا ان ما أردت اقتراحه في هذا الجانب هو أن يشرع الصندوق ولو بعد زمن قصير من هيكلته واعتماد ميزانيته لسنة أو سنتين ماليتين في انشاء شركة خاصة تعنى بالتدريب والتأهيل تسمى شركة صندوق تنمية الموارد البشرية أو شركة تدريب وتأهيل الموارد البشرية وتكون تحت مظلة واشراف مجلس ادارة الصندوق.
وينبثق من هذه الشركة العديد من الكليات الأهلية ومعاهد ومراكز تدريب ذات امكانيات عالية وذات مخرجات تعليمية متوافقة واحتياجات سوق العمل وبالامكان تأسيس الشركة مساهمة بين الصندوق وبين ملاك المعاهد ومراكز التدريب الأهلية وكذلك مكاتب التوظيف الأهلية، ويكون الالتحاق بالدراسة في مؤسساتها التعليمية بموجب رسوم رمزية وبايرادات في حدود الاحتياج العام لمصروفات الشركة عامة، وما يعود بالربح ولو بسيط لمساهمي الشركة، لأن المفترض لمثل هذه المشاريع أن تكون ذات طابع خدمي نافع للوطن والمواطنين، كما بالامكان ان تزاول هذه الشركة المقترحة دور توظيف طالبي العمل في القطاع الخاص، خصوصا اذا ما تم مشاركة أصحاب مكاتب التوظيف الأهلية فيها، وقد يجعل من توجه كهذا للشركة بمزاولة أدوار التدريب والتوظيف معا، وبمساهمة من لدن أصحاب منشآت التدريب والتوظيف فيها، أن يعملوا ويتقلدوا مناصب قيادية في هذه الشركة المقترحة ادارية وتعليمية، لكون ان بعض أصحاب هذه المنشآت هم من ذوي التخصصات العلمية وبالتالي قد يسهمون في اثراء وانجاح مستقبل الشركة على المدى البعيد بمشيئة الله تعالى.
ان المقصود من هذا المقترح هو ان التجارب الماضية لعمليات الاقراض للمنشآت الاقتصادية اثبتت الى حد ما فائدتها المرجوة ولكن الأمر هنا قد يختلف لأن الاقراض للمؤسسات التعليمية يحتاج الى مبالغ كبيرة لقيام مؤسسات تعليمية على الوجه المطلوب وهذا الأمر له أثره على ميزانية الصندوق التي قد يعجز في فترة من الفترات عن التوسع في عمليات الاقراض أمام محدودية موارده، خصوصا اذا ما قام الصندوق بالاسهام في دفع جزء من رواتب وأجور المستجدين في العمل بالقطاع الخاص ولو لفترة وجيزة، أما ان كانت قروض الصندوق لهذه المؤسسات سوف تكون متواضعة فلن تستفيد من هذا الدعم وتنعدم الفائدة المرجوة من ذلك، لذلك فان شروع الصندوق في تأسيس شركة خاصة تعنى بشؤون التدريب والتأهيل وكذلك التوظيف وبأسلوب متقدم سوف يقضي على العديد من المشكلات والسلبيات التي تواجه سوق العمل لأن المخرجات التعليمية للشركة سوف تكون مخرجات مستمدة من واقع متطلبات سوق العمل المحلي, وبهذا يصل الجميع الى ما ينشده لرفعة الوطن والمواطنين اجتماعيا واقتصاديا .
|
|
|
|
|