| الاقتصادية
في يونيو الماضي تسلم الدكتور/ احمد جويلي وزير التجارة والتموين السابق في مصر مهام منصبه كأمين عام جديد لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية لمدة خمس سنوات خلفا للامين العام السابق حسن ابراهيم (اردني) بعد ان امضى 12 سنة في المجلس، وقد كان اول امين عام للمجلس المرحوم الدكتور عبدالمنعم البنا وكان ذلك بعد تاسيس المجلس عام 1964م، وبعد اربعة عقود يقول ممثل ليبيا رئيس الدورة الاخيرة التي جاءت بالدكتور الجويلي امينا عاما: (ان حجم التجارة العربية البينية لا تزال في حدودها الدنيا، حيث انخفضت الصادرات البينية خلال عام 1998 بحوالي 6% مقارنة مع معدل زيادة قدرها 4,3%، كما سجلت الواردات العربية البينية انخفاضا قدره 2,3% عام 98 بمعدل زيادة 5,5% عام 1997).
واضاف موضحا انه رغم وجود العديد من الاتفاقيات في مجال تشجيع وحماية الاستثمارات العربية البينية الا ان الحصيلة لا تزال زهيدة، موضحا ان الاقتصاد العربي ذو بنيان ضعيف بسبب ذهاب الاستثمارات العربية الى الخارج وحرمان الاقتصاد العربي منها.
ان المتتبع لمسيرة مجلس الوحدة الاقتصادية منذ نشأته يشعر ان المجلس لم يحقق الطموحات التي خططت من اجله رغم انه اتخذ آلاف القرارات وعقدت الكثير من الاتفاقيات الجماعية واقامة مشروعات تجارية عربية مشتركة، وقام بإنشاء 4 شركات عربية كبيرة قابضة في مجالات الصناعات الدوائية والتعدين والثروة الحيوانية والاستثمارات الصناعية وانبثق عن هذه الشركات ما يزيد عن 100 شركة ومشروع متفرع.
الدكتور جمال العطيفي (رحمه الله) يلخص رايا حول المقارنة ما بين اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية واتفاقية السوق الاوروبية المشتركة مفاده ان الاتفاقية الاخيرة اعطت الاولوية في المعاجلة لتنسيق توزيع الانتاج فيما بين الدول الاعضاء، وادت هذه الاستجابة الايجابية لمتطلبات الواقع الى انتعاش التجارة الاقليمية بين الدول الاعضاء انتعاشا كبيرا اثر بدوره على حركة الاستثمارات والانتاج في دول السوق التي زادت زيادة ملحوظة، اما في المنطقة العربية فإن المشكلة الاساسية كانت مشكلة انتاج اكثر من كونها مشكلة توزيع، ومن ثم كان من المتصور ان تختلف الاولوية التي يجب ان تعالجها اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية عن الاولوية في السوق الاوروبية المشتركة,هذا الرأي بتقديري صحيح الى حد كبير فالمأزق الذي يواجه الوحدة الاقتصادية العربية هو ما يتعلق بالتكامل الانتاجي فبدون قاعدة انتاجية عربية متنوعة وتنسيق انتاجي وتوزيعه بين الدول الاعضاء لن نحقق فائض انتاجي يمكننا من زيادة التبادل وبلوغ مرحلة التكامل الاقتصادي العربي.
وهناك ايضا جانب مهم لا يمكن اغفاله او تناسيه وهو ما يتعلق بالموقف السياسي فالتكامل الاقتصادي العربي ليس قضية فنية خالصة او موضوع اقتصادي بحت، إنما هو تعبير عن الموقف السياسي الذي مر خلال الاربعة عقود بين جزر ومد وكان العمل الاقتصادي ينتعش مع فترات التضامن والتفاهم ويضمحل بالعكس.
وبالطبع فالكثير من الباحثين العرب والمهتمين بالشأن الاقتصادي يدركون ويعلمون ان مجلس الوحدة الاقتصادية العربي مر بمراحل كثيرة ومختلفة تبعا للاوضاع السياسية ولا يزال يخضع لهذه الاعتبارات التي ارى ان هناك دائما توجد طرق لتجاوزها اذا ما بدأنا نضع حلولا للعمل المشترك وفق قراءة موضوعية للواقع بعيدا عن المغالاة في الاحلام والامال وان نسلك في تعاملنا الحد الادنى مع الاستمرارية والنمو وان نبتعد عن كل ما من شأنه ان يوسع الهوة ويثير الجدل والخلاف ويبعث على الشك وان نتحاشى هدر الطاقات البشرية العربية وتوحيد اليات العمل والقضاء على الازدواجية وخاصة المتمثلة في مجلس الوحدة الاقتصادية والمجلس الاقتصادي، التي حذت منه دولة الامارات العربية المتحدة منذ عام 1993 وطالبت بضم المجلسين لما يشكلانه من ازدواجية في العمل وتشتيت الجهود، ان احد الحلول للوحدة الاقتصادية العربية ما طرحها السيد الجويلي حيث قال: (ان الوقت قد حان لوقفة صريحة مع النفس العربية لتدارس العقبات التي واجهها المجلس خلال السنوات الماضية وطالب بإعادة تقييم اسلوب عمل المجلس واعادة توصيف موقع المجلس على ساحة العمل العربي المشترك).
لا شك ان العمل التكاملي العربي شاق ومضن ومؤلم في بعض جوانبه الا ان نتائجه تستحق البذل والعطاء، فهو قدرنا ومفتاح لحل كثير من معوقات التنمية والرخاء للجميع.
|
|
|
|
|