| مقـالات
اتحاشى فيما أكتب أن أخوض في أمور لست على اقتناع بها أو لا أملك الدليل على جدواها وصحتها, إنما حين يتعلق الموضوع في أمور ذات حساسية فلابد أن نتابع مصدرها، على الأقل المظهر الذي يكشف الغطاء,, عن خباياها وما توحي به.
وفي الشهور الماضية وما زال الغبار ثائراً تحدثوا كثيرا عن السعودة وارتباطها بهذه الأفواج الجديدة من الخريجين الذين ضاعفوا من حملة الشهادات والملفات العلاقي الذين يطوفون على الإدارات والمصالح ثم الشركات بحثاً عن فرصة عمل (أين ذلك الزمان الذي كان المبتعث فيه تؤخذ عليه كفالة وتعهد بأنه بعد تخرجه يسلم نفسه إلى ديوان الخدمة المدنية فوراً كأي جندي محترف، لأن هناك العشرات من الجهات الحكومية التي تحتاج إلى خدماته وإلا يدفع كافة مصاريف دراسته حتى وإن كانت مؤقتة وبشروط متدنية,, سبحان الله).
لقد دار الزمن دورته فكنا نحن الأوائل في الخدمة نتحكم رغم شهاداتنا المتواضعة بينما الدائرة - اليوم - مع انزعاجنا تصيب الأبناء وغداً الأحفاد فمن كان يصدق أن هذا سوف يحدث؟
إذن فنحن في هذه المناوشات الكلامية نحاول أن نستثير الهمم ونحرك الضمائر بالنسبة للذين ما زالت مصالحهم الخاصة تطغى على مصلحة الوطن ومستقبل الأبناء، هؤلاء الذين يتكدسون في مكاتب مكيفة كانت مكاتبنا تفتقد حتى المراوح وربما احضرنا المهاف من منازلنا وهي لمن لا يعرف من أبناء هذا الجيل مراوح يدوية صنعت من شماريخ النخيل وموظفو البلديات أكثر الأشخاص اتهاماً وعليهم ألا يغضبوا بسرعة لأن الاتهام يشمل وعام ولكن الذين يمارسون الخطأ يعرفون أنفسهم, فقد أبلغني أكثر من صديق بأن سعودة محال الخضار خدعة ابتدعها بعض فئات العمالة الأجنبية,, تصوروا هذه الفئات تحول بعضها كما يقال إلى مسح السيارات في الشوارع يتلاعبون بمساعدة من كفلائهم وتهاون البلديات بمصلحة الوطن لأنهم ما زالوا يملكون حوانيت الخضار والبسطات التي وظفوا لها بعض العناصر الساذجة من السعوديين البسطاء بمرتبات ضئيلة وبيع صوري، فيأتون بعد صلاة العشاء ليحاسبوا تلك العناصر ويستولوا على نصيب الأسد من أرباح المبيعات! إن شعر رأسي يقف وأنا أكتب هذا الكلام ليس لأنه خطير فحسب، وإنما لأنه مؤلم ومحزن, إذ كيف يتحكم بمستقبلنا مثل هذه العناصر من العمالة؟
نقطة أخرى أثارها رجل أحرص على تداول الحديث معه بغية الاستفادة من خبرته في الحياة,, قال الرجل بكل تواضع نحن نركض لمحاولة سعودة الوظائف الصعبة والمتواضعة وننسى أن نعرف طريق التدرج الموضوعي حتى نقنع الأبناء بأن العمل مهما كان فيه رجولة ولا يحط من قدر الإنسان طالما هو بعرق الجبين وليس بالتسول, لماذا لا نبدأ بتأهيل الأبناء للوظائف الأقل انتقاداً كما فعلت دول خليجية غيرنا، كالوظائف في المستشفيات التمريض الوظائف المساندة وحتى السكرتارية في الفنادق/ شؤون الموظفين/ العلاقات العامة/ المحاسبة/ المراقبة,, لماذا يحتكر الوافدون في المطاعم، والمستوصفات، والسوبر ماركت عشرات الوظائف المتاحة؟ لماذا نتجاهل تأثيرها على خطوات السعودة ونتشبث بالأعمال الصعبة؟؟ هل رأيتم مثلاً حلاقاً أو خياطاً سعودياً في أيٍّ من أنحاء الرياض يا إخواني؟
أسئلة قد نجد لها جواباً في المستقبل القريب في مسيرة السعودة إن شاء الله.
|
|
|
|
|