| مقـالات
الاسراف في الانفاق هو آفة كل موازنة خاصة أم عامة، وأسوأ ما في الاسراف ذلك الذي تضطر اليه سواء كنت فردا أم دولة، وما تصرفه الدولة على علاج المصابين في حوادث الطرق، هو من نوع الاسراف في الانفاق القسري، ناهيك عن تعطل الطاقة البشرية المصابة عن الانتاج، والمثل يقول خذ من التل يختل .
اكتب هذا بمناسبة انطلاق الحملة الوطنية الشاملة للتوعية الأمنية والمرورية وما نشر من ارقام مذهلة حول عدد الحوادث التي بلغت ربع مليون حادث خلال العام المنصرم اودت بأرواح وأصابت سبعة وثلاثين ألفا من البشر، شغل المصابون منهم الأسرة في المستشفيات فحرموا آخرين منها، فضلا عن نفقات العلاج وتعطيل الانتاج.
جميل ان تسمى حملة توعية وان يتم تطبيق الحملة على هذا الأساس، وليس التشدد في العقوبات لبعض الوقت ثم تعود الأمور الى مجاريها وكأنك (يا بوزيد ما غزيت).
قد يسهم في انجاح هذه الحملة ان يتحول جانب منها الى عمل دائم طوال العام، ونستفيد من وسائل الايضاح المتطورة ونركز على الطلبة الذين سيصبحون موظفين ومهنيين في المستقبل، وان تعرض عليهم بدلا من النصائح الجوفاء والتهديد بالعقوبات الصارمة، أفلاما وثائقية عن الحوادث المرورية وما آل اليه من تسببوا فيها أو تعرضوا لها، وهم راقدون في المستشفيات أو مقعدون باقي حياتهم.
ان هذا النوع من الاعلام أقدر على اختراق الأذهان وملامسة الوجدان، والتحذير من المصير البائس المدمر لمستقبل هؤلاء الطلبة أثناء الدراسة وبعد دخولهم سوق العمل والانتاج.
ولا بأس من ترتيب زيارات ميدانية للمستشفيات حيث يرون بأم أعينهم معاناة من تسببوا في الحوادث أو تعرضوا لها.
وبودي لو تخصص نياشين تمنح لكل من يجدد رخصة القيادة للمرة الثالثة ويظهر سجله المروري خلوه من الحوادث والمخالفات، ويعلن في حفل اعلامي على الملأ.
ان أمثال هؤلاء في رأيي في بلد بلغت حوادثها في سنة ذلك الرقم المخيف يتساوون في أحقية النياشين مع من يتبرع بدمه لانقاذ المصابين من تلك الحوادث.
اذا كنا نعاقب المسيء بعد ان يعاقب نفسه بارتكاب الحوادث، فلعل من الاحسان مكافأة المحسن الى نفسه وأهله وشعبه باحترامه انظمة المرور والمشي على الأرض هونا لمدة عشر سنوات دون حادثة، هذا النيشان سيحرص على حمله الكثير، فهو دليل شهامة حامله واحترامه للنظام واسهامه في وقف الاسراف القسري.
يعلمنا القانون ان الجريمة ترتكب بفعل او الامتناع عن فعل، وعدم ارتكاب الحوادث هو امتناع عن ارتكاب جريمة يستحق عليها المكافأة.
د, حسن عيسى الملا
|
|
|
|
|