| مقـالات
وانطلق قطار التعليم من جديد بعد استراحة مؤقتة للمحاربين، وأخص منهم بالذكر المعلمين الذين يقفون يومياً على خط إطلاق النار الأول, ها نحن نعود اليوم إلى مدارسنا ومعاهدنا من جديد، وعسى ألا تكون عودتنا تلك مجرد حلقة جديدة ضمن دورة تعيد نفسها بانتظام كل عام, نأمل أن يكون عامنا هذا عاماً دراسياً يحفل ببرامج وخطط تربوية جديدة تستهدف تطوير وتفعيل أداء مؤسساتنا التعليمية, فالعملية التربوية ليست عملية عشوائية، إنها عملية مقصودة وموجهة وتنطوي على الكثير من التحديات الشرسة, إن شراسة التحديات التربوية أصبحت تفرض علينا تحري الدقة في التصويب نحو أهدافنا، معتمدين في ذلك بعد الله على ما نقرره من سياسات راشدة وعلى ما ننفذه من ممارسات فاعلة في مدارسنا, لا نريدها سياسات وممارسات تحكمها الأهواء والانطباعات, فعندما تغيب معايير الإنجاز العالية وتفتقد المؤشرات التعليمية الصادقة، وعندما يغيب البحث التربوي الموضوعي، وعندما يسند الأمر لغير أهله فإن تعليم أبنائنا هو أول الضحايا, عندئذ لن تجد في الساحة التعليمية سوى المتزلفين الذين ينقبون فقط عن رضا المسؤول الأول أو الناقدين المغرضين الذين لا يشغلهم سوى البحث عن الظهور والإقلال مما ينجزه الآخرون.
الموت على الطريقة المرورية:
عندما يمرض الفرد تجده محاطاً بأهله وذويه ومحبيه، يفيضون عليه من عنايتهم وعطفهم وحبهم، يسمع منهم كلمات تسبغ عليه الاطمئنان والسكينة, وعندما يشعر ذووه بدنو أجله تجدهم متحلقين حوله يلقنونه الشهادة فيلهج لسانه بذكر الله قبل أن يسلم الروح، هذا ما كان يحدث في عهد أجدادنا, أما في عصرنا الحاضر فقد ظهر أسلوب جديد لمغادرة الإنسان لهذه الحياة, فالكثير من الناس الذين يموتون اليوم بالطريقة المرورية يغادرون الحياة في لحظات عافيتهم وشبابهم, لم يعد يفصل بين الصحة والشباب من جهة والقبر من جهة أخرى سوى بضع دقائق أو ثوان، وهي الفترة التي قد تكون فصلتك عن آخر لقاء لك مع المرحوم , ولو قدر لك أن تحلل بيانات الصندوق الأسود لسيارة المرحوم لوجدت أنه كان في الثواني الأخيرة من حياته ينطلق بسرعة البرق، أو يتحدث في جوال أو يشدو بأغنية أو كان مشغولا بإصلاح هندامه أو قراءة جريدة, الموت حسب الطريقة المرورية يحيل الإنسان في ثوان إلى خلطة من اللحم والحديد, ألم تسمع بالأم الثكلى التي أصرت على طبع قبلة الوداع على جبين فلذة كبدها قبل أن يوارى التراب، وأنى لها ذلك وقد أحال الموت المروري ابنها إلى أشلاء متناثرة من اللحم, والعجيب أن الموت المروري اصبح يلتقط زبائنه بالجملة، وفي ظني أن الموت المروري سيواصل حصد أرواح شبابنا واستنزاف مواردنا ومقدراتنا طالما بقي المستهترون بالمروروكذلك من يفلتهم من يد العدالة في مأمن من العقوبة, عاقبوهم، عاقبوهم، عاقبوهم.
E-mail: Alomar20@yahoo.com كلية المعلمين بالرياض
|
|
|
|
|