| مقـالات
إن الزيارات الكريمة التي يضطلع بها حاليا صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني الى عدد من الدول الصديقة في أوروبا وفي الأمريكتين تكتسب أهمية خاصة على درب تمتين التواصل في الاطار الثنائي المشترك وكذلك عبر كل القنوات المتاحة من أجل تضافر الجهود الخيرة.
ولعل قمة الأمم المتحدة للألفية الثالثة هذا المنبر العالمي الحر الذي يصعده سموه بكل ثقة واقتدار ليسمع اخوانه قادة ورؤساء نحو مائة وخمسين دولة وحكومة بكل صدق ووضوح صوت المملكة العربية السعودية الداعي لاحترام الشرائع السماوية وللحفاظ على الأخلاق القويمة والقيم الأصيلة والتمكين للاستقرار وحل المشكلات بالطرق السلمية العادلة ونبذ الظلم والاستعلاء والاستبداد والسعي الحثيث من أجل بيئة نظيفة خالية من كل ما يهدد حياة الانسان وكذلك الأخذ بيد الشعوب النامية بهدف تضييق الفجوة الحضارية بين الشمال والجنوب ليعم العالم أجمع التقدم والازدهار وبما يفضي الى ايجاد دورة اقتصادية أكثر قوة ودينماكية لمصلحة الأسرة الدولية وبما يشكل في مجموعه مساهمة واعية وفعالة لرسم وتشكيل أبعاد نظام عالمي طيب يسعد في ظله المجتمع الدولي.
وإن هذه الزيارات المتلاحقة العامرة بالبرامج المكثفة التي يقوم بها حاليا سموه حفظه الله ليست منفصلة أو متعارضة مع تلك الزيارات التي شهدها عام 1998م، الى كل من: المملكة المتحدة وفرنسا والصين واليابان وكوريا الجنوبية والباكستان,, بل هي امتداد لها ومترجمة لأبعادها ومراميها بما يعني الشمول والمزيد من التكامل والانفتاح الواعي الرشيد.
وقد تمخضت هذه الرحلات المكوكية على امتداد ثلاث قارات عن نتائج عديدة مفعمة بالنجاحات التي كانت وما تزال محل اشادة واكبار واعجاب من كل المراقبين المنصفين وليس أدل على تلك النجاحات إلا ما جاء في صيغ البيانات المشتركة المتصلة بالمناسبات المعنية نقتطف منها بعض الفقرات بهدف التعرف على الملامح العامة لما تحقق على يدي سموه وفقه الله.
أولا/ قام صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني بزيارة رسمية الى المملكة المتحدة خلال الفترة من 1316 سبتمبر 1998م، تلبية للدعوة المقدمة من حكومة صاحبة الجلالة في المملكة المتحدة.
أكد الجانبان على أهمية استقرار السوق البترولية للاقتصاد العالمي وأبدت المملكة المتحدة تفهما كاملا للسياسة المتوازنة التي تتبناها المملكة العربية السعودية التي تعتبر مصدرا آمنا ويعتمد عليه في امدادات البترول للأسواق العالمية الفقرة 9 .
وحث الجانبان على تقدم سريع نحو التوصل لاتفاقية منطقة التجارة الحرة بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي الفقرة 10 .
ثانيا/ قام صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني بزيارة رسمية الى الجمهورية الفرنسية خلال الفترة من 1618 سبتمبر 1998م، تلبية للدعوة المقدمة من رئيس الجمهورية الفرنسية.
وقد تم خلال المباحثات تبادل الرأي حيال القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وعبر كل من فخامة رئيس الجمهورية وسمو ولي العهد عن ارتياحهما ازاء العلاقات الثنائية الممتازة وأكدا تصميم البلدين على تطوير وتعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي وضع أسسها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز والرئيس جاك شيراك أثناء زيارته الأخيرة للمملكة العربية السعودية وتحققت في جميع الميادين ولاسيما تعميق تعاونهما في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية الفقرة 2 .
ثالثا/ قام صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني بزيارة الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة من 2325 سبتمبر 1998م، بناء على دعوة دولة نائب الرئيس السيد/ آل جور.
وبحث الجانبان القضايا ذات الاهتمام المشترك وتعهدا على التعاون بشكل تام في البحث عن سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط مبني على أساس قراري مجلس الأمن الدولي رقمي 242 و338 ومبدأ الأرض مقابل السلام الفقرة 3 .
كذلك استعرض الطرفان الوضع الراهن للاقتصاد العالمي واتفقا على ضرورة مواصلة التشاور الوثيق حول هذه الأوضاع وأهمية استمرار التعاون لتعزيز التجارة والاستثمارات بين البلدين، وأعربت الولايات المتحدة عن مساندتها لانضمام المملكة العربية السعودية لمنظمة التجارة الدولية وأبدى الطرفان تطلعهما لزيادة الفرص التجارية والاندماج بشكل أكبر في الاقتصاد العالمي الذي سيتوسع كنتيجة طبيعية لانضمام المملكة العربية السعودية لعضوية المنظمة الفقرة 13 .
رابعا/ قام صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني بالمملكة العربية السعودية بزيارة رسمية للصين في الفترة ما بين 14 و21 اكتوبر 1998م، تلبية لدعوة دولة السيد تشو رونغجي رئيس مجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية.
هذا وقد أعرب الجانبان عن رضاهما تجاه التطورات المميزة التي شهدتها علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين في كافة المجالات منذ اقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما قبل ثماني سنوات مؤكدين على استعدادهما للارتقاء بهذه العلاقات الى مستوى تعاون استراتيجي في المجالات السياسية والاقتصادية الفقرة 3 .
وناشد الطرفان المجتمع الدولي التحرك السريع والفعال من أجل تحقيق سلام عادل وشامل ودائم في منطقة الشرق الأوسط ودعوا الى استئناف المفاوضات على المسار السوري الاسرائيلي الفقرة 6 .
خامسا/ بمناسبة زيارة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني بالمملكة العربية السعودية لليابان خلال الفترة من 2123 اكتوبر 1998م، فقد عقد سموه مباحثات مع دولة الرئيس كيزو أوبوتشي استعرضا خلالها الوضع الحالي للعلاقات بين البلدين كما ناقشا طبيعة ومستقبل العلاقات الثنائية خلال القرن الحادي والعشرين.
وقد أشادت القيادتان بالعلاقات الثنائية الممتازة القائمة بينهما كما عبرتا عن رغبتهما المشتركة لتدعيم هذه العلاقات من خلال تشجيع الحوار السياسي وبناء علاقات اقتصادية واسعة النطاق من شأنها زيادة حجم التجارة والاستثمار وتحقيق التعاون في مجالات جديدة لم يسبق تغطيتها في الماضي الفقرة 3 .
أدان الجانبان بكل حزم الارهاب بكل أشكاله وصوره وبغض النظر عن مصادره وأكدوا على أن مكافحة الارهاب تتطلب عملا دوليا وموحدا يكون للأمم المتحدة دور بارز فيه الفقرة 6 .
سادسا/ قام صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني في المملكة العربية السعودية بزيارة رسمية الى جمهورية كوريا خلال الفترة من 2325 اكتوبر 1998م، بدعوة من دولة السيد جونج بل رئيس الوزراء في جمهورية كوريا.
وأعرب الجانبان عن ادانتهما الشديدة للارهاب بكافة أشكاله وصوره بغض النظر عن الجنسية والعرق والديانة وأكدا على أن مكافحة الارهاب تتطلب جهودا دولية وتحت اشراف الأمم المتحدة الفقرة 9 .
وشدد الجانبان على أهمية منع انتشار أسلحة الدمار الشامل بكافة أنواعها ودعوا الدول التي لم تنضم الى معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية ومعاهدة المنع الشامل للتجارب النووية الى الانضمام السريع الى هاتين المعاهدتين ودعا الجانبان كذلك المجتمع الدولي للحرص على منع نقل المواد والمعدات والتقنيات النووية الى أطراف ثالثة الفقرة 10 .
سابعا/ قام صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني بالمملكة العربية السعودية بزيارة رسمية لباكستان ابتداء من 2527 أكتوبر 1998م، بدعوة من دولة رئيس جمهورية باكستان الاسلامية.
أعاد الجانبان الى الأذهان أن التعاون الأخوي بين المملكة العربية السعودية وباكستان يستند على أساس الدين الاسلامي الراسخ باعتباره رابطة دائمة ومن مصلحتهما المتبادلة في المنطقة وفي العالم بصورة عامة، إن هذه العلاقات قد صمدت لتجارب الزمن بينما تقدم مصدرا للقوة من أجل الأمة الاسلامية وعاملا مساهما تجاه السلام وفي هذا السياق أعرب الجانبان عن اهتمامهما المستمر إزاء القضايا التي تهم سلامتهما الفقرة 7 .
كما أكدا حق الفلسطينيين في اقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف ودعوا اسرائيل الى الكف عن اتخاذ أي اجراءات أحادية الجانب بغرض التأثير المسبق على نتائج مفاوضات الوضع النهائي الفقرة 9 .
هذا قليل من كثير من منجزات سموه وفقه الله التي تكبر وتعظم باستمرار لمصلحة الوطن العزيز ولمصلحة الأمتين العربية والاسلامية بل ومن أجل المجتمع الكبير المتمثل في الأسرة الدولية التي نكن لها كل التقدير والحب والاحترام لأننا جميعا نعيش تحت سقف واحد هو سماء الله الذي نؤمن به ونتوكل عليه.
وان هذا المنهج القويم هو ما يوجه به خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز يحفظه الله الذي يستمد مقومات منهجه من العقيدة الاسلامية السمحة التي تحكم التوجه السياسي للمملكة العربية السعودية داخليا وخارجيا الذي أرسى قواعده الراحل العظيم المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ولهذا كان من الطبيعي أن تأتي السياسة السعودية بصورة متوازنة تقوم على الحكمة والاعتدال والموضوعية وبعد النظر وكل ذلك يقود الى الشفافية والوضوح والحرص على مصالح الوطن والمواطن وينسحب هذا الاهتمام بنفس القوة والحب والوفاء والاخلاص لمصلحة الدول الشقيقة والصديقة الذين نشاركهم الأفراح والأتراح والذين نسعد بسعادتهم.
وإن المملكة العربية السعودية استنادا على المكانة الروحية العظيمة التي اختصها بها الله سبحانه وتعالى ثم الى المكانة الاقتصادية المرموقة المعززة باحتياطياتها من النفط والغاز ستظل بعون الله وتوفيقه أحد أهم عوامل الاستقرار في العالم وبخاصة ما يتعلق بأسعار الطاقة وضرورة مراعاة الاعتدال لمصلحة البائع والمستهلك على حد سواء.
وإذا ما عدنا الى مضامين كلمات سموه التي ألقاها خلال المناسبات المختلفة نجد أنها ليست ذات طابع محلي أو نظرة آنية بل هي من الشمول والاندياح ما يحمل هموم الوطن والأمة عربيا واسلاميا ودوليا بما يعني أن ما يوجه به خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أيده الله مبني على أسس راسخة لسياسة تقوم على مبادىء قويمة لا تخضع للاهواء ولا للأمزجة المتقلبة.
ولذلك ستظل المملكة العربية السعودية على الدوام محل الاحترام والتقدير الكاملين في الأسرة الدولية.
|
|
|
|
|