| الاقتصادية
مثلما ان اصابع اليد الواحدة ليست متساوية، فكذلك الحال بالنسبة لموظفي الدولة ممن هم على مراتب عليا في السلم الوظيفي، ففي الوقت الذي نجد فيه البعض من اصحاب السعادة الوكلاء والوكلاء المساعدين ومديري العموم ممن يجبرك على احترامه لحسن قيادته الادارية من جهة ولحسن تعامله مع الجميع من جهة اخرى ناهيك عن احترامه لمواعيده, فاننا في الجانب الآخر نجد البعض منهم وهم قلة ولله الحمد لا يتردد في سلك عدد من السلوكيات البيروقراطية سواء مع الموظفين العاملين تحت ادارته او مع كل من له تعامل مع الوكالة او الادارة التي يتولى قيادتها, ومن خلال الاسطر التالية، اود ان استعرض بعض من تلك البيروقراطيات:
عجبي من ذلك المسؤول الذي يتردد كثيراً في السماح للموظفين العاملين في وكالته او ادارته بالتمتع باجازاتهم الرسمية في الاوقات التي يرغبونها دون وجود مبرر لهذا المنع, حيث ان البعض من المسؤولين يشعر الموظفين لديه بأنه صاحب فضل عليهم عندما يسمح لهم بتلك الاجازات على الرغم من انها حق مكتسب لهم بقوة النظام, بل ان البعض من هؤلاء المسؤولين يتجاوز ذلك الى الاعتقاد بأن المماطلة في السماح للموظفين بالتمتع باجازاتهم يضفي عليهم شيئاً من النفوذ والهيبة الادارية.
عجبي من ذلك المسؤول الذي يضع الكثير من الحواجز بينه وبين الموظفين العاملين لدى الامانة او الوكالة او الادارة التي يقودها، حيث نجد ان بعض الامناء او الوكلاء او مديري العموم في اجهزة الدولة لا يجيز لموظفي المراتب الوسطى او الدنيا حتى مجرد الاقتراب من مكتب سعادته، وذلك حفاظاً على البرستيج الذي صنعه لنفسه, ولذا تجد ان سعادته لا يسمح بالدخول عليه سوى للشخص الثاني في تلك الامانة او الادارة او الوكالة، اما بقية الموظفين الآخرين فقد لا تتاح لهم رؤية سعادته سوى من خلال صوره على صفحات الجرائد, الا يعلم ذلك المسؤول البيروقراطي ان اتاحة الفرصة لبقية موظفي الادارة برؤيته في وقت محدد واسماعهم كلمة ثناء على جهدهم وتوجيههم هو الدافع الاساسي لهم بالاخلاص والتفاني في انجاز العمل الموكل لهم.
الا يعلم سعادته ان الكثير من الاعمال يتم انجازها من قبل صغار الموظفين, الا يعلم سعادته بأن بعض صغار الموظفين في ادارته قد يعانون الظلم او عدم الانصاف من قبل من هم اعلى مرتبة منهم مما يعني عدم وجود من ينصفهم في ذلك طالما ان سعادته قد اوصد ابواب مكتبه امامهم.
عجبي لذلك البيروقراطي الذي لا يتقيد بالمواعيد العملية التي ارتبط بها سواء كانت تلك المواعيد مع من هم من خارج الوزارة او من داخلها، الا يدرك سعادته بأن احترام الشخص هو من احترام مواعيده، الا يدرك سعادته بأن التجارب الادارية قد اثبتت بأن الدقة في المواعيد تمثل احد جوانب النجاح الاساسية في كل من يتولى احد المناصب الادارية العليا، ثم هل يعتقد سعادته بأنه الوحيد المشغول اما غيره فليس هناك ما يشغلهم سوى الانتظار بالساعات حتى يتكرم بمقابلتهم.
عجبي لذلك المسؤول الذي يتخذ من الصراخ والغضب وسيلة دائمة للتعامل بها مع موظفيه وبخاصة مع مدير مكتبه, الا يعلم سعادته بأن انظمة ولوائح الخدمة المدنية لا يوجد بها ما يجعله يكافئ المتميز من موظفيه او يعاقب المقصر منهم، وبالتالي فانه ليس هناك ما يملكه سعادته لمكافأة موظفيه سوى الكلمة الطيبة والحلم في التعامل معهم, الا يعلم سعادته بأن غالبية موظفيه هم من ارباب الاسر وان البعض منهم قد يكبره في عدد سنوات العمر فكيف يسمح لنفسه بالتطاول برفع الصوت على مثل هؤلاء الرجال, ليتخيل سعادته لو ان من هو اعلى منه في السلم الوظيفي قد تطاول عليه برفع الصوت دون وجه حق,
فكيف سيكون موقفه، وهل يعتقد انه يمكن له ان ينجز اعمال ادارته وهو يعيش ذلك الظرف, لا اعتقد ذلك.
وختاماً، الا تشاركونني الرأي اعزائي القراء بأننا نعيش في عصر لم يعد فيه مقبولاً ان نلحظ وجود مثل تلك البيروقراطيات العجيبة.
|
|
|
|
|