هل صحيح ما يقال عن المهندسين بأنهم مغرورون,, وفيهم نوع من التعالي؟
قد نلاحظ شيئاً من هذا,, وخصوصا عند المهندسين المبتدئين,, وقد مررت بالتجربة مع أحدهم,, وكان يعمل في بدايته,, في أمانة مدينة الرياض,, وكان من الخطأ أن يعين المهندس المبتدىء في مكان هام,, وهو مبتدىء, لكن لعلّ المسؤولين في الأمانة يعرفون هذه الصفة المنكرة في بعض المهندسين، لذلك يحاولون اطفاء غرورهم من أول مرة,, لكن ذلك قد لا ينفع مع بعضهم وحسب تجربتي فإني لم أر شخصاً يتعالى على الآخرين إلا وعرفت أنه عيي في بعض صفاته, ولديه كما يسمونها عقدة لا يدري كيف يتخلص منها.
وقد رفدوا صفة المهندس في مصر من زمن طويل بلقب باشا, فقالوا باش مهندس,, وقد يكون,, ماش مهندس,, لكن لماذا يتعالى بعضهم ويزمُّ شفتيه ويحاول مدَّ أنفه إلى أعلى, أطول من المسطرة التي يستعملها,, أنا شخصياً لا أجد تعليلاً لذلك، إلا إذا كان قد تأثر بدراسته، لكونها تأتي متعلقة بالطول والعرض والعمق والارتفاع, فهو مرة يتمدد في تفكيره طولاً, ومرة عرضاً, وأخرى إلى أعلى, ولعله يكره أن يتمدد إلى أسفل.
دعونا من هذه الفلسفة التي لا تنفع,, لكني كنت منذ فترة عند أحد المهندسين، وهذا يختلف, فهو فوضوي في مكتبه,, يحب الحديث في الشعر، والمداعبات الشعرية ويحرص على الهجاء وسماعه، وابتسامته دائمة,, مثل كوب الشاي أو القهوة الذي يقدمه لضيوفه، فهو لا ينقطع, حتى لو كان قد همَّ بالخروج من مكتبه فإنه يوصي نادله بأن يسقي الضيوف شاياً أو قهوة, هذا الرجل لم أجد فيه تلك العلة التي يعاني منها بعض المهندسين, وعرفت أخيراً أنه ولد في بيئة طيبة سليمة من العقد والأمراض النفسية,, ودرس الهندسة أيضاً في بيئة سليمة من العقد والأمراض النفسية,, وهو يقدر الناس, لكنه حكى لي أنه يعاني من المهندسين الآخرين، الذين يراجعهم أحياناً لإنهاء اجراءات مخططات الزبائن.
مسكين هذا الإنسان,, يحاول أن يمشي في الهواء,, أو على رفات العباد كما قال أبو العلاء المعري، لكنه لو وخزته شوكة لم يستطع بفراجيله أن يخرجها, إنهم يبنون المدن, لكنهم يهدمون أعظم الصفات في الإنسان,, التي هي التواضع, إن بعض المهن,, دسين,, يدوس سمعته وهو لا يدري,, فمتى تنتهي هذه الصفة في بعض,, طلاب الهندسة؟!
|