| محليــات
الخيال الصحفي الملون بتداعيات الأيديولوجيات أو الجهل بالحقائق الخاصة بهذه البلاد وتاريخها، أطلق العنان لتأملات أو استنتاجات حول تفاصيل ما يمكن أن يدور في لقاء الأمس بين سمو الأمير عبدالله والرئيس كلينتون، وذلك قبل أن ينعقد اللقاء, وهو خيال لا يتأسس على معرفة عميقة بالمملكة وتاريخها السياسي كما قلت، ولكن أقرب للسيناريو المحتمل بين رئيس دولة عظمى وقائد ينتمي إلى دول العالم الثالث.
وقد دارت مداخلات هذا الخيال حول كلمة واحدة الضغط وهي التعبير الغربي المهذب لكلمة الفرض ، فالرئيس الأمريكي طبقا لما توقعه هؤلاء سيضغط على الأمير عبدالله لكي يقنع ياسر عرفات بتقديم تنازلات تساعد على إتمام صفقة السلام، وأيضا سيضغط الرئيس الأمريكي على سمو الأمير عبدالله لكي ترفع المملكة معدل إنتاجها من النفط بكميات كبيرة، وفي الوقت نفسه لكي تقنع المملكة الأطراف الأخرى في أوبك لكي تزيد هي الأخرى كمية الإنتاج.
سمو الأمير عبدالله سبق هؤلاء في كلمته يوم الثلاثاء الماضي في حفل العشاء الذي أقامه مجلس الأعمال السعودي الأمريكي، وشرح ثوابت المملكة في مجال الطاقة، وما تقوم به من جهود في سبيل تحديث أنظمتها وجهودها في سبيل تنويع مصادر دخلها وتوفير بيئة مستقرة للاستثمار, كما شرح سموه طبيعة العلاقة الثنائية مع الولايات المتحدة وتاريخها بوضوح لا يقبل اللبس.
كما تحدث عن الطاقة وأسعار النفط وشرح الأسس التي ترتكز عليها استراتيجية المملكة وسياستها النفطية، ودعا جميع المنتجين والمستهلكين الى الشروع بحوار مسؤول هدفه استقرار أسعار البترول بما يخدم مصالح الجميع.
المفردة التي استخدمها الأمير عبدالله هي حوار ليعبر عن طبيعة العلاقة بين الدول المنتجة والمستهلكة، ولم يقل الضغط على الدول الصناعية، لكي تخفف مثلا من الضرائب المرتفعة التي تفرضها على النفط.
الحوار أداة العمل السياسي بين دول ذات سيادة، والضغط تدخل بسيادة قرار ومن ثم فإن انعكاساته لا تخدم مصالح الأطراف المتحاورة.
أما قضية السلام في الشرق الأوسط فإن مواقف المملكة فيها معروفة وثابتة وعلى مدار عقود من الزمن.
فالمملكة تعمل مع الأشقاء العرب بما يخدم قضية السلام الدائم والعادل، وترى أن المصلحة الوطنية الفلسطينية هي قرار فلسطيني بحت، ومن ثم فإن دور العرب والمملكة في المقدمة هو دور الداعم والمساند لتطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس, ولن تقبل المملكة أي ضغط على دول عربية لكي تقدم تنازلات لطرف آخر وعلى حساب الحقوق العربية المشروعة، هذا ليس من خلقها ولا تاريخها، بل العكس هو الصحيح تماما.
الأمير عبدالله في كلمته يوم الثلاثاء الماضي عبر عن هموم وطنية وتطلعات نحو مستقبل في ضوء معايير اقتصادية تحكمها علاقات دولية مؤسسة على حوار متوازن يرتكز على مصالح دول وليس شعارات أو خيالات صحفية.
وفي لقائه ليلة أمس مع الرئيس الأمريكي كان الحوار تعبيرا عن هموم وطن يبحث عن مصالحه في ظل ثوابته المعروفة، وعلاقة ثنائية تحدث عنها سمو الأمير عبدالله في كلمته أمام رجال الأعمال السعوديين في أمريكا، وأيضا كان الحوار على السلام ضمن ما تراه المملكة لما يفترض أن يأخذه مسار المفاوضات بما يحقق مفهوم السلام العادل والشامل,, والمملكة قبل ذلك وبعد ذلك سيدة قرارها.
الجزيرة
|
|
|
|
|