| متابعة
بدأت أمس في مقر الامم المتحدة في نيويورك اعمال قمة الامم المتحدة للالفية التي تنظمها المنظمة الدولية في الفترة من السادس وحتى الثامن من شهر سبتمبر الجاري بحضور اكثر من 155 من زعماء دول العالم في اكبر تجمع يشهده العالم لرؤساء الدول والحكومات.
وستكون القمة فرصة تاريخية للاتفاق على اجراء استعراض جوهري لدور الامم المتحدة والتحديات التي تواجهها في القرن الجديد.
ويأتي عقد القمة الالفية بناء على القرار رقم 53/ 202 الذي اتخذته الجمعية العامة للامم المتحدة في السابع عشر من شهر ديسمبر عام 1998م وقررت بموجبه تسمية الدورة الخامسة والخمسين للجمعية العامة التي افتتحت يوم الخامس من سبتمبر 2000م جمعية الامم المتحدة للالفية وان يتم عقد مؤتمر قمة الامم المتحدة للالفية باعتبار ان حلول القرن الجديد الميلادي والالفية الميلادية الثالثة تشكل ذات مغزى توجب على الدول الاعضاء في منظمة الامم المحدة صياغة وتأكيد رؤية جديدة للامم المتحدة في الحقبة الزمنية الجديدة.
كيف بدأت الفكرة؟
وكان الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان قد قدم تقريرا للجمعية العامة للامم المتحدة في الثالث من ابريل الماضي بعنوان (نحن الشعوب) دور الامم المتحدة في القرن الحادي والعشرين تم اعداده بالتعاون مع اللجان الاقليمية التابعة للامم المتحدة من خلال عقد خمس جلسات استماع اقليمية في بيروت لمنطقة غرب آسيا وفي أديس أبابا لافريقيا وفي جنيف لاوروبا وفي سانتياغو في شيلي لامريكا اللاتينية والبحر الكاريبي وفي طوكيو لآسيا والمحيط الهادي تم خلالها استنباط آراء المجتمع المدني في مختلف انحاء العالم حول جمعية الالفية وحددت فيها التحديات التي تواجه المجتمع الدولي مع عرض لخطط عمل الامم المتحدة لمعالجتها.
المحور الأول
واشتمل تقرير الامين العام للامم المتحدة على ستة محاور تناول اولها الذي جاء تحت عنوان (قرن جديد وتحديات جديدة) الفرصة الكبيرة التي توفرها قمة الالفية لشعوب العالم للتأمل في مصيرها المشترك في هذا الوقت الذي وجدت نفسها فيه مرتبطة مع بعضها البعض على نحو لم يسبق له مثيل وتتطلع الى قادتها الذين بدؤوا اجتماعات أمس في نيويورك من اجل مناقشة التحديات التي تنتظرهم وكيفية التصرف حيالها.
وأكد التقرير ان الامم المتحدة يمكنها ان تساعد على مواجهة تلك التحديات اذا تقاسم اعضاؤها احساسا متجددا برسالتهم فالمنظمة الدولية التي انشئت في عام 1945م لكي تدخل مبادئ جديدة في العلاقات الدولية حققت نجاحا في بعض المجالات اكبر مما حققته في غيرها ولذلك فإن الالفية تعد فرصة لاعادة تشكيل الامم المتحدة لتستطيع ان تحدث فارقا ملموسا في حياة الشعوب في القرن الجديد.
المحور الثاني: العولمة
أما المحور الثاني فجاء تحت عنوان (العولمة) وأوضح ان الفوائد التي تقدمها العولمة اصبحت ملموسة وهي متمثلة في نمو اسرع ومستويات اعلى للمعيشة وفرص جديدة مبينا انه رغم ذلك مازال هناك من يعارضها لان هذه الفوائد موزعة بشكل غير متكافئ الى حد كبير ولان السوق العالمية لم تستند بعد إلى قواعد تقوم على الاهداف الاجتماعية المشتركة.
وأشار إلى ان مؤسسي المنظمة الدولية في عام 1945م كانوا قد وضعوا نظاما تعاونيا ومنفتحا لعالم دولي مؤكدا ان نجاح ذلك النظام هو الذي مهد للعولمة وجعل ظهورها ممكنا وكان من نتيجته اننا نعيش اليوم في عالم يتسم بالعولمة ولذلك فإن الاستجابة لهذا التحول يشكل تحديا لزعماء العالم اليوم يتطلب منهم تحويل العولمة الى قوة ايجابية يستفيد منها جميع سكان العالم بدلا من ترك البلايين منهم يعانون من نتائجها السيئة.
كما يتطلب منهم بناء العولمة التي تشمل الجميع جهودا اوسع لتهيئة مستقبل مشترك يقوم على الانسانية المشتركة بكافة انواعها والشروع في تهيئة ذلك المستقبل بدءا من الآن بحيث تكون القمة ايذانا بتجدد التزام الدول الاعضاء تجاه اممها المتحدة من خلال الموافقة على رؤية مشتركة يتم الشروع في تطبيقها منذ لحظة عودة زعماء العالم إلى بلدانهم.
وأفاد التقرير انه في ظل العولمة وفي هذا العالم الجديد كثيرا ما يتزايد تفاعل الجماعات والافراد بشكل مباشر عبر الحدود دون تدخل الدول في هذا التفاعل وهذا الامر له اخطاره لان الجريمة والمخدرات والارهاب والمرض والاسلحة واللاجئين والمهاجرين اصبحوا يتحركون جميعا جيئة وذهابا بخطى اسرع وبأعداد أكبر مما كان يحدث في الماضي الامر الذي اصبح خلاله الناس يشعرون بتهديد من الاحداث التي تقع في اماكن بعيدة عنهم ولذلك فإنه إذا كان لنا ان نحصل على افضل ما في العولمة ونتجنب اسوأ ما فيها فلابد ان نتعلم كيف نحكم ونتعاون معا على وجه افضل.
وأكد التقرير ان هذا الامر لايعني قيام حكومة عالمية او افول الدول القومية بل على العكس فإنه يلزم تعزيز الدول ويمكنها ان تستمد القوة من بعضها البعض بالعمل معا في إطار مؤسسات مشتركة تقوم على القواعد والقيم المشتركة التي تعبر عن حقائق العصر وتكون بمثابة ساحة تتعاون فيها تلك الدول مع الجهات الفاعلة الاخرى.
المحور الثالث: التحرر من الفاقة
فيما تناول المحور الثالث الذي جاء تحت عنوان (التحرر من الفاقة) معاناة أكثر من 1,2 بليون شخص حول العالم من الفقر وقال ان نصف القرن الافريقي شهد مكاسب اقتصادية لم يسبق لها مثيل إلا انه رغم ذلك فإن هناك الآن 2,2 مليار انسان يعيشون على اقل من دولار واحد في اليوم الامر الذي يشكل اهانة للانسانية ويؤدي الى تفاقم مشاكل كثيرة من بينها الصراعات خاصة وان تعداد سكان العالم يزداد بسرعة كبيرة مع تركز الزيادة في اشد البلدان فقرا.
واضاف ولذلك فإنه لابد لدول العالم من العمل على خفض الفقر المدقع بمقدار النصف في كافة انحاء العالم قبل حلول العام 2015م.
وأشار إلى ان المجالات ذات الاولية هي تحقيق النمو المستمر حتى يتمكن جميع الناس وخاصة في البلدان النامية من الاستفادة من العولمة وتوفير الفرص للشباب بحيث لابد ان يكمل جميع الاطفال بحلول 2015م تعليمهم الابتدائي مع اتاحة الفرص للجنسين في جميع مراحل التعليم ومن ثم توفير فرص العمل الشريف لهم وتحسين الصحة ومكافحة مرض الايدز من خلال اعاة توجيه البحوث الصحية باتجاه المشاكل التي تؤثر على 90 بالمائة من سكان العالم والارتقاء بمستوى الاحياء العشوائية من خلال دعم خطة الامم المتحدة مدن بلا أحياء عشوائية والتي تستهدف تحسين معيشة 100 مليون يقطنون تلك الاحياء في مختلف مدن العالم بحلول العام 2020م واشراك الدول الافريقية في بحوث معالجة الانتاجية الزراعية المنخفضة وبناء جسور معلوماتية توفر التقنية الجديدة للدول النامية لكي تقفز فوق المراحل الاولى من التنمية مع فتح الدول الغنية لاسواقها امام منتجات البلدان الفقيرة وان تخفف من عبء الديون على تلك البلدان بشكل اعمق وأسرع وان تقدم المزيد من المساعدات الانمائية.
المحور الرابع: التحرر من الخوف
أما المحور الرابع فكان تحت عنوان التحرر من الخوف وأوضح ان الحروب بين الدول اختفت بشكل كبير إلا ان الحروب والصراعات الداخلية أودت بحياة نحو خمسة ملايين شخص وشردت اضعافهم من ديارهم في الوقت الذي مازالت فيه اسلحة الدمار الشامل تلقي بظلال من الخوف على العالم ولذلك فإن فكرة الامم المتحدة عن الامن لم تعد الدفاع عن الاراضي الاقليمية بقدر ماهي حماية الناس من خلال تعزيز حقوق الانسان وحقوق الاقليات ومن خلال الترتيبات السياسية التي تمثل فيها جميع الفئات العرقية والدينية تمثيلا عادلا والكشف عن النقل غير المشروع للاسلحة وحماية الضعفاء والتدخل المسلح من قبل مجلس الامن الدولي في مواجهة القتل الجماعي بحيث لايمكن استخدام السيادة الوطنية كدرع واق لمن ينتهكون بوحشية حقوق وأرواح البشر بالاضافة إلى تعزيز عمليات السلام ومواصلة العمل على اجراء تخفيضات في الاسلحة والمراقبة الدقيقة لعمليات نقل الاسلحة الصغيرة وتقليل انتشار الاسلحة النووية.
المحور الخامس: ضمان المستقبل
وجاء المحور الخامس تحت عنوان (ضمان مستقبلنا) وتطرق إلى الاخطار البيئية وقال ان العالم يواجه حاليا حاجة ملحة لتأمين حرية الاجيال المقبلة في ضمان حياتها على كوكب الارض خاصة وانهم من غير تحرك العالم سيواجهون نتائج الممارسات غير المستدامة المؤثرة في البيئة والتي تشكل تحديا للبلدان الغنية والفقيرة على حد سواء.
وأضاف ان العالم ان يواجه مخاطر تغير المناخ من خلال تقليل خطر الاحتباس الحراري عن طريق تحفيض انبعاث الكربون وغازات الاحتباس الحراري الاخرى على الاقل بنسبة 60 بالمائة واستخدام مصادر الطاقة المتجددة وتعزيز كفاءة استخدام الطاقة كما ان عليه ايضا مواجهة ازمة المياه وحماية التربة والحفاظ على الغابات ومصائد الاسماك والتنوع البيولوجي.
المحور السادس: تجديد الأمم المتحدة
أما المحور السادس وهو تحت عنوان (تجديد الامم المتحدة) فأكد ان مواجهة كل هذه التحديات التي تواجه العالم لايمكن ان يتم بدون امم متحدة قوية تكون بمثابة حافز للآخرين على العمل.
وأوصى التقرير في هذا الخصوص بتعزيز مواطن القوة في الامم المتحدة التي لاتستمد نفوذها من القوة وانما من القيم التي تمثلها ودورها في المساعدة على وضع المعايير العالمية واستمرارها وقدرتها على حفز الاهتمام والعمل على الصعيد العالمي وحتى يمكن القيام بذلك فإنه يجب اصلاح مجلس الامن حتى يمكنه العمل بفاعلية وان يحظى بشرعية غير مشكوك فيها مع توسيع علاقات الامم المتحدة بمنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والمؤسسات الخاصة.
كما أوصى باستخدام تقنية المعلومات لجعل الامم المتحدة اكثر كفاءة وتحسين تفاعلها مع بقية العالم باجراء تغيير هيكلي يلبي احتياجات القرن الواحد والعشرين ويقلل من تدخل الدول الاشرافي على الادارة اليومية للامم المتحدة مع توافق اراء اوضح فيما بين الدول الاعضاء بشأن الأولويات.
المحور السابع
وأخيراً جاء المحور السابع تحت عنوان (اعتبارات مطلوب ان ينظر فيها مؤتمر قمة الالفية) وتناول ست قيم مشتركة تعبر عن روح ميثاق الامم المتحدة وتمثل اهمية خاصة للقرن الجديد وطالب الامين العام زعماء دول العالم بالنظر فيها وهذه الاعتبارات هي الحرية بحيث يحق للرجل والمرأة ممارسة حياتهما وتربية اطفالهما في كرامة متحررين من الجوع والبؤس ومن الخوف والعنف والقهر والانصاف والتضامن بحيث لا يحرم اي فرد او دولة من الانتفاع بنتائج العولمة والتسامح بحيث يجب على جميع بني البشر احترام بعضهم بكل تنوع معتقداتهم وثقافاتهم ولغاتهم واللاعنف بحيث يتم حل النزاعات بين الدول وداخلها بالوسائل السلمية واحترام الطبيعة من خلال التعامل الذكي مع جميع الموارد الحيوية والطبيعية وتقاسم المسؤولية بحيث تعمل الدول جنبا إلى جنب لصون السلام والامن الدوليين وفقا لميثاق الامم المتحدة.
وحث التقرير زعماء العالم على اتخاذ مجموعة من القرارات المستمدة من متن التقرير وذلك لابداء ارادتهم في العمل على تحقيق القيم التي نادى بها.
|
|
|
|
|