أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 7th September,2000العدد:10206الطبعةالاولـيالخميس 9 ,جمادى الثانية 1421

مقـالات

المشكلة أني عارف,, فاهم!!
د, فهد حمد المغلوث
جزء كبير من معاناتنا التي نشعر بها وآلامنا التي نكتوي بها هي أننا على دراية بسبب المشكلة التي تؤثر فينا وتتعبنا وتجعلنا مثار شفقة انفسنا أكثر وقبل شفقة الآخرين علينا.
نعرف مثلا اننا نحن من يجب أن يتغيّر ومع ذلك لا نستطيع لاسباب كثيرة خارجة عن ارادتنا وعن سيطرتنا وليتنا نكتفي بذلك فحسب، بل إننا نحاول احيانا ان نُلقي باللوم على غيرنا ربما كنوع من الشعور بالراحة أو التخفيف من الشعور بالذنب! فمن يدري!
ربما تعتقدون عكس ذلك، ولكن الا تشعر بذلك احيانا مع بعض التجارب والمواقف التي تمر بها في مسيرة حياتك أو على الأقل في الأيام الأخيرة؟
اقصد انك تفهم تماماً أنه مشكلتك الحقيقية وتعرف انك لا تستطيع الحصول عليه أو حتى الاقتراب منه رغم حاجتك الشديدة اليه، ومع ذلك تحبّه! لا تستطيع ان تستنغي عنه او حتى عن سماع صوته فكيف بك وانت تتخيل انك لن تراه مطلقاً أو تسمع عنه أو منه من حين لآخر!
يقولون لك إنك لن تصل إليه أو تحصل عليه وان بينك وبينه عقبات واسوار فلا داعي للتفكير به، فتقول انت هي هي المشكلة!
نعم المشكلة انني اعرف ذلك تماماً ومع ذلك لا استطيع ان اقنع نفسي بانه ليس لي او اني لن اصل إليه أو اقترب منه او أظل معه في يوم من الأيام!
واشياء كثيرة من هذا النوع نكون على علم بها وربما نحن اسبابها ومع ذلك لا نستطيع ان نفعل شيئاً حيالها رغم انها تتعبنا وتقسو علينا وتؤثر في مسيرة حياتنا بشكل مؤسف!
ولعل أبسط الأمور في هذا الشأن هو التدخين، فنحن نعرف انه مضر بصحتنا ونشعر داخلياً بمثل هذا الضرر ونتضايق ممن ينصحنا ويذكرنا بمضاره وكأننا غريبين عنها ولسان حالك انت ايها المدخن يقول والله عارف، ولكني لا استطيع !
نعرف ان مصدر معاناتنا اشخاص معينون وربما كانوا أقرباء لنا وقريبون منا ومع ذلك لا نستطيع سوى ان نبتسم ظاهرياً بينما نحن نبكي داخليا، لا نستطيع سوى ان نقول نعم بينما في داخلنا نقول: لا وألف لا !، نعم نكتم أفواهنا ونسكت حتى عن عتابهم أو القاء اللوم عليهم لأسباب أقوى منا ولا نستطيع البوح بها!
ترى أهذا لأننا ضعفاء لا حول لنا ولا قوة؟! ام لان ظروف المجتمع اقوى منا وتقف ضدنا أم اننا نخشى ان نخسر شيئاً ما؟ ام لاننا تعودنا على هذا الشيء فلم يعد يفرق معنا اي شيء؟!
المشكلة احيانا انك تعرف ان القانون الطبيعي لزيادة انتاجيتك في عملك وفي حياتك الخاصة هو ان تعمل بفعالية وكفاءة زائدة كي تحصل على ما تريد او تحقق ما تصبو إليه ومع ذلك فأنت تماطل وتسوّف وتؤجل المواعيد والعهود التي عهدتها على نفسك ليس ذلك فحسب، بل تراك تهتم بالثانويات والكماليات وصغائر الأمور على حساب الاساسيات والأولويات مما يجعلك انساناً لا تعرف ماذا تريد! انساناً غير منظم وذا تأثير غير فعال على من حولك وبالتالي قليل الانتاجية وربما كمحصلة نهائية شعورك بعدم الرضا عن نفسك!
وحتى العمل نتعب فيه ونود التخلص منه في اقرب فرصة ممكنة خاصة في وضع المرأة مثلا ولكننا لا نستطيع الإقدام على هذه الخطوة لأننا اما نجد فيه انفسنا او للخروج من مشاكل نفسية واجتماعية داخل المنزل او لحاجة مادية ماسة لا نستطيع الاستغناء عنها, فنحن نعرف ان الخروج من العمل أو التقاعد منه راحة ولكننا نخشى تبعاته.
نعم نفهم جيداً ان سلوكياتنا احيانا هي مصدر تعاستنا ولكن ليس في اليد حيلة لان العادة صعب التخلص منها بسهولة ولان المشاعر لايمكن ان تتوقف فجأة لأنها وليدة صدق ولحظات صافية.
نعم نعرف الفوارق ولكنها لا تهمنا ولا تعني لنا شيئاً سواء كانت فوارق عمرية أو اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية.
قد تبدو المسألة متعبة نوعا ما ولكن هذه هي الحقيقة وان شئت أن تتأكد فاجلس مع نفسك وراجع مواقفك وتجاربك وسلوكياتك وسوف تكتشف بنفسك ما نقصده وسوف تقول وأنت تبتسم ايضا نعم المشكلة اني فاهم وعارف، ولكن,,!!
ان المشكلة هنا ليست في كونك عارفاً او فاهما أم لا، بل المشكلة هي كيف تتعامل مع هذه الحقيقة التي تعرفها جيداً أكثر من غيرك!
فهل تحتفظ بها وحدك كما يحلو لبعض الناس وتكتفي بالابتسامة او إطلاق زفرة حارة خارجة من القلب؟ واذا كان الأمر كذلك، فالى متى يطول هذا الأمر؟
اما اذا كنت بيدك شيء ما تستطيع ان تفعله لترتاح قليلاً ولو بسيطاً فهل قمت به؟ والى أي مدى.
ان الحياة تجارب مختلفة فيها ما نوفق فيه من رب العالمين وفيها ما نخفق وايضا من رب العالمين والفشل لا يعني النهاية وتظل المسألة محاولات مستمرة لا توقفها عقبات او تقف في طريقها عثرات ولكن لك ان تفهم نوعاً آخر من الفهم وهو اننا احياناً نفهم شيئاً واحداً وهو اننا مهما يكن بيننا من خلافات ومهما تباعد بيننا المسافات ومهما تكن قسوة القرارات التي نتخذها بشأن علاقاتنا تظل علاقتنا أمتن من ذي قبل ويظل الطرف الآخر الذي هو انت يحتفظ بكل المكانة وبكل الحظوة لأنه المعزة ذاتها لأن ما بني على صدق وصراحة ووضوح لابد ان يظل مهما كانت الظروف ومهما تقدم الزمن ومهما حاول كل طرف ان ينأى بنفسه عن الآخر مهما كانت المبررات لأن الحقيقة وليست المشكلة هي انك عارف نوعية هذه العلاقة السامية وفاهم لأبعادها الرائعة.
* همسة *
المشكلة أنني أعرف؟؟
أن ما أريده بعيدٌ عني,.
ليس لي وليس معي,.
على الأقل الآن,.
ومع ذلك راض!
بأي شيء!
مهما كان بسيطاً!
المهم أنه منك,.
المهم أنه يبقيني معك,.
كي أشعر بالارتياح,.
* * *
المشكلة أنني أعرف,.
انك تتعبني احيانا
تغضبني أحيانا,.
بل تبكيني كثيراً,.
ومع ذلك,.
أنسى عتابي لك,.
أنسى غضبي منك,.
لمجرد أن اسمع صوتك!
لمجرد أن أراك!
لمجرد أن تأتي إليّ!
لمجرد أن تعتذر لي!
لمجرد أن تشعرني!
أنك أخطأت في حقي!
لمجرد أن أحس,.
أنك لا تقصد اساءتي!
لأن ما بيننا
أسمى من كل خلاف
* * *
نعم المشكلة أنني أفهم,.
أن من يجب تغييره
هو أنا!
ولكن,.
كيف أقنع قلبي,.
أن يظل قوياً؟
كيف أقول لمشاعري
بان تتوقف وهي صادقة؟!
وكيف أمنع أشواقي
من التعبير
عن أسمي شيء في الوجود
عن الحب الحقيقي؟

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved