ليس ثمة شك في أن العمل الإداري المدرسي ميدان رحب وأفق واسع يؤدي دوراً كبيراً ويسهم إسهاماً فاعلاً في تحقيق اهداف المرحلة التعليمية و تفعيل معطياتها ومتابعة برامجها المتنوعة,.
العمل الإداري المدرسي سواء في مدارس البنين أو البنات ممارسة حيوية تتطلب كوادر ناضجة,, مؤهلة,, قادرة على ملء المساحة واستيعاب أصول القيادة الإدارية في المجتمع المدرسي المترع بالمسؤوليات والأنظمة والمحفوف بالمتطلبات,.
نعم,,القيادة المدرسية فنّ اصيل يمتزج بالموهبة والاستعداد والمهارة,, إنه عمل شاق ذو خصوصية إشرافية إبداعية تقتضي القدرة على فهم الأنظمة والإلمام باللوائح وحسن التدبير والتزام الحكمة المصحوبة بالمرونة,.
بل هو نسيج من الأنظمة: رسم إطارات,, صياغة قنوات,, توزيع مسؤوليات,, تغطية ثغرات,, استكمال سجلات,, بناء علاقات,, تطبيق نشرات,.
وتلك خطوط عريضة ينوء بها عاتق مدير المدرسة الذي يجد نفسه امام فضاء مدرسي عامر بدوائر البذل ومليء بالمواقف اليومية المتجدّدة والمشاكل الطارئة التي قد تقف في طريق الاعمال المدرسية إضافة الى قيامه بأعمال كتابية متوالية على ظهور تعاميم لا تنتهي,, ومن ثم لابد ان يتمكن مدير المدرسة من ان يجعل منسوبي المدرسة يعملون بروح الفريق الواحد لإتمام مسؤوليات العملية المدرسية والقيام بأعبائها وتطبيق نشاطاتها وتفعيل برامجها,, تصفو القلوب, وتتلاقى قوافل البذل ,, وتتجلى جهود المجموعة في قالب واحد,, تنصهر فيه عطاءات الباذلين,, كأسرة واحدة,, وحتماً سيكون مدير المدرسة واعياً حينما يشحذ الهمم,, يوقد العزائم,, يفجّر الطاقات,, يستمثر الخبرات,, ويتجلى في سلوكه وعطائه (قدوة حسنة) لكل العاملين في المدرسة حماساً وإخلاصاً واستشعاراً لقيمة المسؤولية التعليمية,, انه يرصد خطوات نجاحه ويرقب ثمار بذله ويسجّل صفحات مضيئة في كتاب الإدارة المدرسية التي أضحت فناً تربوياً له اصوله واتجاهاته وخططه الإشرافية وله آليّته الواضحة وإطاره المميّز,, ويمكن لمدير المدرسة ان يرسم دوائر التواصل مع اعضاء مدرسته ويقيم جسراً متيناً يصل به إلى قلوبهم ويحرّك مشاعر عطائهم متخذاً من العلاقات الإنسانية مبدأه الثابت,, انه يوصل الأنظمة المدرسية بأسلوب لبق,, مرن,, وبطريقة تحفظ احاسيس العاملين وتثمن تضحياتهم,, فالجميع يحس بقيمة الرسالة وعظم الامانة,.
نعم,, كم يكون مدير المدرسة موفقاً حينما يتحاشى لغة الدوام الرسمي,, ويتلافى لهجة الأنظمة ليغدو خطابه متوهجاً بمشاعر الحب والتقدير والرزانة,, ولا غرو فهو الرمز الذي يحتذيه الجميع و الانموذج الذي يؤثر في كل منسوبي المدرسة ويسهم في صياغة ابعاد انتاجية مشرفة متجاوزاً طابع الرتابة ومنعتقاً من قيود الحدة والصرامة,.
ومن أجل إقامة مناخ مدرسي صاف ومقنع لا بد أن يسير مدير المدرسة وفق ضوابط تعامليّة عادلة ومنصفة لأعضاء المدرسة سواء في توزيع المسؤوليات او وضع الجدول المدرسي أو اسناد مهام عبر رؤية موضوعية حياديّة ليصفو الجو المدرسي من سحب التوتر او دوائر الخلاف,.
ولايمكن ان نتغافل عن دور المصارحة والمكاشفة اللبقة في العمل المدرسي الذي يتطلب وضع النقط على الحروف وتعبئة كل مساحات الفراغ التي قد تظهر فتعيق تدفّق نهر العطاء,, ولن يعجز مدير المدرسة عن التغلب عليها بخبرة وحنكة ودراية متكئاً على تجربته الثرّية.
والأمر ينطبق تماماً على مديرة المدرسة وخاصة في توزيع المسؤوليات على المعلمات ومتابعة الغائبات وتحقيق عنصر الإنصاف في خريطة الجدول المدرسي بحيث تتعامل تعاملاً عادلاً مع سائر معلمات المدرسة وبخاصة في نصاب الحصص دون مجاملة او محاباة لمعلمة ما,, مع ضرورة توضيح بنود الأنظمة وشرح متون اللوائح لجميع منسوبات المدرسة لتعرف كل واحدة متطلباتها ومسؤولياتها,, ولاسيما ان مبدأ الرفض اسلوب تتخذه بعض المعلمات ملاذاً آمناً في ظل وقوف المديرة موقف المتفرج,.
أعود وأقول: إن القيادة المدرسية ممارسة فنّية ذات ابعاد تربوية وقيم إنتاجية تشرف على منظومة من الأعمال,, وتحرّك خيوط المجتمع المدرسي ليكون ذا حضور فاعل ودور مؤثر يستشرف آفاق النجاح ويفتش عن دوائر الكفاح,, وما على مدير المدرسة او مديرتها سوى ان يقرأ فضاءه الإداري قراءة متأنية مقوما أداءه وناهضاً بقدراته وإمكاناته مستفيداً من تجارب الآخرين,, ويحق له أن يزهو بانتظام العمل وحماس العاملين وإخلاص الباذلين وهطول سحب الرسالة الاصيلة.
محمد بن عبدالعزيز الموسى ث,الشقة بريدة
|