| الاقتصادية
هي ظاهرة عالمية أن يساهم الموسورون ورجال الأعمال في دعم الأنشطة والبرامج الخيرية.
والأنشطة الخيرية لا تقتصر فقط على بناء المساجد ورعاية الأيتام كما هو شائع لدى البعض ولكنها تمتد لتشمل المدارس والمستشفيات وتعبيد الطرق ودعم البحوث والدراسات وغيرها مما ينتج عنه خدمة للآخرين وتسهيل لمعيشتهم أو مساهمة في رقي الأمة وتقدمها بصفة عامة, وإن كانت الأعمال الخيرية والمساهمات الوطنية تتشابه في أشكالها وأنواعها من بلد لآخر إلا أنها تختلف في البواعث التي تكمن وراءها فإذا كان الهروب من الضرائب دافعاً قوياً لتبني مثل ذلك الأمر في الدول الغربية فإن الحافز الديني والجزاء الأخروي يقفز في الصدارة في بعض الدول الأخرى التي تأتي بلدنا في مقدمتها بلا شك.
وبالرغم من التحول الذي طرأ في مفهوم المساهمات الوطنية والأعمال الخيرية لدينا في السنوات الأخيرة وتجاوز كونه محصوراً في بناء المساجد فقط ليشمل المساهمة في إنشاء مراكز الإعاقة ودور العلم والبرامج التعليمية وغيرها، إلا أن نظرتنا كمجتمع لمن يقف خلف هذه المشاركات والدعم الاجتماعي لم ترق بعد إلى مستوى النظرة الإيجابية القادرة على تقدير أولئك والنظرة إلى مساهماتهم من منظور إيجابي مليء بالتقدير والاحترام, فالمجتمع بما صوره الإعلام ينطلق من زاوية واحدة عند النظرة لتلك المساهمات والدعم وهي زاوية رد الدين، أي أن ما يقوم به أولئك المساهمون والمتبرعون ليس إلا من باب رد الدين فقط دون النظر إلى البواعث الأخرى التي تكمن خلف هذا التصرف, بل ان الأمر يتجاوز ذلك إلى تصوير هؤلاء وكأنهم استفادوا بطرق غير شرعية في فترة من الفترات وأن عليهم أن يكفروا عن ذنوبهم برد الجميل إلى مجتمع هيأ لهم ولغيرهم الظروف ليصلوا إلى ما وصلوا إليه، أو بالأصح ليصلوا ويعجز غيرهم من الوصول إلى ما وصلوا إليه .
إن هذا لا يعني تبرئة لهؤلاء من مفهوم رد الدين الذي نضعه السبب الأوحد خلف الدعوة للمساهمات الوطنية ، فالجميع مدان لوطنه كما أنه مدان لوالديه ولمعلميه وكل من يقدم له خيراً, إلا أن الوطن لم يكن باراً بهؤلاء فقط، فهو ومع بداياته التنموية كان باراً بالجميع بدءاً من المواطن العادي وحتى رجل الأعمال المبتدئ وتمثل ذلك في القروض العقارية والزراعية والصناعية وغيرها, أي أن الظروف كانت مهيأة للجميع والبرغم من ذلك فإنه يوجد من بين من عاش الطفرة الاقتصادية من لا يملك بيتاً أو مزرعة أو مصنعاً, إلا أن فئة من أولئك الذين عاشروا تلك المرحلة استحقوا أن يطلق عليهم بعد هذه السنوات وصف رجال أعمال بعد أن وصلوا إلى ما وصلوا إليه بما يتوفر لديهم من مهارات وقدرات وإصرار وحماس مدعوم بما وفرته لهم الحكومة من فرص وإمكانات متعددة.
إن هذا يعني أن لدى هؤلاء شيئا آخر مختلفا استطاع أن يميزهم عن غيرهم ممن تهيأت لهم نفس الظروف وسنحت لهم نفس الفرص وهو ما أدى إلى نجاحهم ووصولهم إلى ما وصلوا إليه, وهو أمر يقودنا إلى القول بأهمية النظر إلى ذلك العامل حينما نستحث أولئك على المساهمات الوطنية دون الاقتصار فقط على هاجس رد الدين المصحوب بالاتهام المبطن, حيث يجب النظر إلى مساهماتهم على أنها امتداد لنجاحاتهم السابقة وأنها تدل على بعد الرؤية لديهم وخروجهم من محيط أعمالهم الصغير الذي نجحوا فيه إلى محيط أوسع وهو النجاح على مستوى الوطن, فهي دعوة إلى التعامل الإيجابي مع ذلك الأمر بدلاً من قصره فقط في محيطه الضيق المتمثل في رد الدين المنطوي على تأويلات سلبية، مع القناعة بلاشك بأهمية رد الدين والتقدير لما قدمه الوطن لهؤلاء وغيرهم من أبنائه أين ماكانوا وأي ماعملوا.
kathiri @ sol .net.sa
|
|
|
|
|