أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 5th September,2000العدد:10204الطبعةالاولـيالثلاثاء 7 ,جمادى الثانية 1421

مقـالات

نوافذ
اللغة الثالثة
أميمة الخميس
لابد ان يستوقفنا ذلك السيل من العواطف المحتدمة والذي انطلق فوق شاشات الهواتف الجوالة مع انتشار خدمة الرسالة المقروءة اشعار، مقتطفات من اغان والكثير من الرسومات الجرافيك التي كانت تستحث جميع الكامن والمسكوت عنه في أعماقنا واشتبكت سماء الرياض بسيل من الرسائل تحمل لغة جديدة لغة ثالثة لا تشبه اللغات اليومية المتحفظة!! الصحراويون بطبعهم يميلون نحو الغموض والتحفظ في علاقاتهم الشخصية وكأنهم يميلون الى تغطية تلك اللغة المرجأة المتدثرة بعيدا عن قوانين الجماعة، فجاءت تلك الكوة من الاتصال تحمل جميع العواطف المؤجلة المختبئة في الاعماق ولاسيما ان وسيلة الاتصال عبر الهاتف الجوال تكفل للذات امنها وطمأنينتها دون وسائل الاتصال المباشرة والتي لا توفر الحماية التامة لتلك الذوات الحذرة المتوجسة والتي لم تمنحها قوانين الصحراء مساحة من البوح في السابق.
يقال بأن التغيير ينسرب نحونا رويدا وعلى حين غفلة، لكي يكون ذلك الكم التراكمي من التغيير الذي قد لا نلمحه إلا بعد ان يتمكن ويصبح راسخا واضحا وبالتالي خاضعا للقياس.
فهل تكون تلك اللغة الثالثة التي تقدمها الهواتف الجوالة هي أحد ملامح التغيير والاختلاف بالتصور الذي نباشر به العصر التكنولوجي؟؟
وعلى سبيل المثال فإن الزيارات الاجتماعية في السابق كانت تتم بصورة تلقائية ومزاجية، ولم يكن الجدول اليومي يتعكر او يتعرض للاختراق فيما لو اقتحم بمجموعة من الزوار، واليوم تبدو أي زيارة وان كانت عائلية وحميمة غريبة!! ان لم تسبق بهاتف مسبق يعطي الضوء الأخضر للدخول في الجدول اليومي لبيت يكون قد نظم جداوله وفهرس أوقاته بما يتواءم مع الجرس المدرسي وساعات المدينة الصارمة.
ولعل هذا نموذج بسيط يبرز لنا الاختلافات التي تحدث في شكل العلاقات الاجتماعية من خلال علاقتنا مع الآلة, الآلة قد تغير علاقتنا مع المفردات!! فعلى حين كان الانتظار في السابق هو مفردة قلقة ثقيلة مليئة بالرتابة وقلة الحيلة فلابد انها اليوم من خلال الآلة تحولت الى عجينة سهلة التشكل بعد أن أصبح في استطاعة الجميع ان يقارعوا الانتظار والترقب بوسائل تختصر مساحاته الشاسعة وتخفف من سطوته ووطأته.
وأتذكر الآن ذلك الكتاب البائس الذي كان يتداوله الطلبة والمراهقات سرا، والذي يحمل بين طياته ديباجات متعددة ومقترحة لكتابة الرسائل، وعلى الرغم مما به من صنعة بديعية وتكلف فج إلا انه كان يلقى رواجا لا بأس به بين من خذلتهم الكلمات في التعبير عن أنفسهم.
سيطال الزمن المهرول رسائل الهاتف المقروءة وستتحول يوما ما الى شيء قديم وبائت، ولكن الى ذلك الحين فإنها اليوم تهدر فوق سماء الرياض بلغة جديدة ومختلفة,, لغة ثالثة.
البريد الإلكتروني: omaimakhamis@ yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved