| مدارات شعبية
ستكمالا لما سبق طرحه في الحلقة الاولى من هذه الدراسة النقدية نواصل الابحار في ايحاءات الكلمة ومدلولاتها عند الهرم الادبي/ خالد الفيصل.
فمن (قمة مجموعة الانسان) تكونت (قمة الهرم الكبير) لتأخذ الاهرامات الاخرى مواقعها وابعادها في محيطه,, واولى هذه الاهرامات الصغيرة التي بناها الشاعر هو (الهرم الانساني) بداية من قوله:
من كل ضد وضد تلقين فيني,,.
وهذه هي الحقيقة الانسانية التامة التي تقول بان الانسان يحمل في داخله من كل ضد وضده,, من كل نقيض ونقيضه,, ارادة الخير وارادة الشر، الحب والكره، الفرح والحزن,, وتفصيلات لمجمل يأخذ الشاعر بتفصيل هذه الاضداد التي يحملها بداخله كإنسان وذلك في قوله:
فيني نهار وليل وافراح واحزان,,.
وبعد ذلك ينتقل الشاعر لبناء (الهرم الزمني) ليفعل فعله في ايجاد سر الخلود له
كشاعر ورمز أدبي وذلك عند قوله:
فيني بداية وقت ونهاية أزمان,.
مجسدا كل ابعاد الوقت (الزمن) ونافذا معها وخلالها وبها,, فهو يحتوي بداية كل وقت بدلالة ان كلمة (وقت) أتت نكرة غير معرفة ب (آل),, وهو أيضا متواجد عند نهاية كل زمن بدلالة قوله: (,,, ونهاية أزمان),, وقد أتت دلالة الجمع في قوله:
(أزمان) كلفته ابداعية كبرى لاعطاء معنى الخلود الفني,, فالنهايات ليست واحدة، بل متعددة,, فاذا كان قادرا على التواجد واحتواء كل النهايات المستقبلية بل هو محورها الثابت فلا يمكن الا ان تكون دلالة واشارة لمعنى الخلود في الهرم الممتطئ لصهوة الزمن نفسه,, وقد عزز الشاعر بعد ذلك هذه الدلالات بما يؤكد معناها الذي اراده,, فقد عززها بدلالة قوله: (اشتاق باكر) مؤكدا نزوعه نحو المستقبل,, وبدلالة قوله: (أعطي امسي حنيني) مؤكدا تواصله مع الماضي، ليأتي البيت هذا بالدلالات القاطعة على خلود الشاعر كهرم ادبي وفني,, ومن محور هذه القمة ل الهرم الزمني أخذت جملة: (اخفي طعوني) في البيت السابع بعدها كوجود حتمي ملازم لابد من الاتصاف به لمن اراد الخلود الزمني,, وكذلك اخذ قوله (ان ما عرفتيني فلاني بزعلان) بعده ايضا,, لأن عدم معرفة سر البقاء لا يجلب الزعل، بل هو الأمر الطبيعي لهرم استطاع ان يكون فوق المعرفة الانسانية غير المتعمقة والثانوية مغلفا بسره.
ثم بعد ذلك انتقل لبناء (الهرم العاطفي) بقوله:
اسقي قلوب الناس عشق وضميان واهدي حيارى الدرب واحتار ويني واحاوم اطيور السماء حوم نشوان واسيل الوديان دمعي حزيني في عيني اليمنى,. وفي عيني اليسرى عجاج السنيني |
ليختتم ابيات بناء (الهرم العاطفي) بالبيت العميق الدلالة:
تهزمني النجلا وانا ند فرسان واخفي طعوني والمحبة تبيني |
فهذا الهرم الراسخ القوي بدلالات انه (ند للفرسان) وأنه يملك القدرة على اخفاء الطعون,, ينهزم امام (النجلاء) وتبين عليه آثار ملامح المحبة وهو الذي استطاع ان يخفي اثار ملامح الزمن,, وفي هذا البيت عمق دلالي كبير (ليوضح لنا بأنه خالد كشاعر كبير وليس كمحب وكإنسان),, ليصل بعد ذلك للبيت الاخير الذي تجتمع فيه دلالات الاهرامات الثلاثة السابقة ودلالة قوله: (مجموعة انسان) ودلالة القصيدة ككل وهو قوله:
ان ما عرفتيني فلا ني بزعلان
وعندما نتساءل لماذا لا يزعل من عدم معرفته,, فلأنه هو نفسه لا يعرف نفسه:
حتى أنا تراني احترت فيني
كترسيخ لدلالة عمق وتشعب هذا الرجل الهرم/ الفنان الخالد لما يحمله من امكانات وطاقات فنية ابداعية عميقة بالحياة الانسانية والعاطفية خصوصا، ولما يحمله من ادراك عميق لما يدور حوله.
لنحصل بعد ذلك من خلال مجموع النص على الهرم الكبير الهرم الذي سيظل كعلامة فارقة في الساحة الشعبية وكرمز ادبي خالد لها وهو الهرم الذي يأخذ الابعاد الثلاثة التالية انطلاقا من قمة لفظة (مجموعة انسان):
البعد الاول: بعد لفظة (مجموعة انسان),, لما تحمله من دلالة على احتواء كل المعاني الانسانية وكل الاضداد.
البعد الثاني: بعد دلالة قوله: فيني بداية وقت ونهاية ازمان.
وقوله: في عيني اليسرى عجاج السنيني,,, لدلالة على البقاء والخلود الفني، وكذلك للدلالة على حمله لسر البقاء والخلود.
والبعد الثالث: بعد القدرة على اخفاء علامات مرور الزمن بدلالة قوله:
أخفي طعوني والمحبة تبيني
وأخيرا:
ومن خلال هذه الابعاد استطاع الشاعر ان يغلف مسيرته الحياتية والشعرية بصورة نص فني شعري رسمته موهبته الشعرية الاصيلة التي يتمتع بها بأتم صورة,, ومن خلال الابعاد الثلاثة: (البعد الانساني) و(البعد العاطفي) و(البعد الزمني),, استطاع الشاعر ان ينفذ للحصول على سر الخلود, مغلفا كل ذلك بالفهم والادراك العميق والتجربة لتكون المحصلة النهائية هي تجربة مجموعة الانسان الامير/ الشاعر/ الهرم الادبي خالد الفيصل.
نيف الذكري
|
|
|
|
|