أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 3rd September,2000العدد:10202الطبعةالاولـيالأحد 5 ,جمادى الثانية 1421

متابعة

زيادة رصيد الإسلام في دول الغرب
معالي الأستاذ:كامل الشريف*
لقد أكرمني الله وحضرت أكثر اللقاءات والندوات التي نظمتها وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والإرشاد في نطاق ملتقى خادم الحرمين الشريفين وفي عواصم أوروبية عديدة، ويلفت النظر ان الملتقى يركز على قضايا تهم الجاليات الاسلامية سواء في مجالات التعليم، او الإعلام، او الدعوة، او التعايش الاجتماعي، وذلك لتحقيق غاية واحدة هي كيف يعيش الفرد المسلم بسلام، وامان مع جيرانه، ويحافظ في الوقت نفسه على عقيدته الدينية، وما تأمر به من كريم الخلق ونبل المبادئ، باعتبار ان النموذج الحسن والمثال الطيب هو خير اسلوب للدعوة لدين الله.
ولقد قال الله تعالى في حق نبيه الكريم وإنك لعلى خلق عظيم وقال أيضاً فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم، واستغفر لهم وشاورهم في الأمر .
ولقد تربى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا النهج، فجذبوا الارواح، وكسبوا القلوب، واشادوا حضارة عالمية تعايشت فيها امم شتى، وسلالات مختلفة، وحضارات متباينة دون ان يطغى احد على احد، او يدعي عربي السيادة على غير العربي، وهكذا رأينا قيادة العالم الاسلامي تنتقل الى غير العرب دون ان يكون ذلك في حرج، لأن الاخوة في الله والولاء لدينه كان فوق العصبيات الضيقة.
والى جانب التذكير بهذه المعاني، كانت المناقشات في الملتقيات تدور حول قضايا الساعة التي تشغل العالم كله، مثل حقوق الانسان، ودور المرأة في المجتمع وتحقيق السلام القائم على العدل ورفض التمييز العنصري، وغيرها، ومع ان هذه القضايا تعتبر بعض العلل التي تشكو منها الانسانية في هذا العصر، الا انها تشكل أيضا مادة في الحملة الظالمة الموجهة ضد الاسلام، والتي تدار بسبب الجهل بالاسلام او بسبب اهداف عدائية اخرى، ولقد سرني دائماً ان ملتقى خادم الحرمين الشريفين لايهمل الشخصيات الاوروبية واهل الرأي، ورجال الصحافة، بل يدعوهم للمشاركة، وطرح الاسئلة دون حرج، وبهذا الاسلوب امكن كسب عدد كبير منهم، فاصبحوا يدافعون عن الاسلام، ويدعون للتعايش مع المسلمين، وفي تقديري ان استمرار هذه الملتقيات سوف يزيد من رصيد الاسلام، ويمد الجسور بينه وبين هذه الشعوب، ويقوي اسباب التعارف والتعاون بينهم التزاما بالتوجيه القرآني يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم وهناك فوائد معنوية لاتنكر ولاتقدر بمال، حين يشعر المسلمون المغتربون ان هناك دولة شقيقة كبرى كالمملكة العربية السعودية تقف الى جوارهم، وتساعدهم على نيل حقوقهم اسوة بباقي الطوائف الاخرى، بالاساليب القانونية، ووفق الدساتير المعمول بها في الدول الاوربية، ونحن نحس ان هذا الاسلوب الايجابي اخذ يؤتي ثماره، واخذت الدول الاوربية تعترف بالاسلام وتسمح بتدريسه في المدارس الحكومية، وتشجع المسلمين على ممارسة شعائرهم الدينية بحرية كاملة، خصوصا بعد ان وضح ان قادة المملكة العربية السعودية لا يسعون لغرض خاص سوى اعلاء كلمة الله، وازالة العقبات من امامها، وتمكين المسلمين من اداء الدور الذي حدده لهم القرآن الكريم ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون .
ولما كانت هذه الملتقيات تحظى بتأييد ودعم خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة، فإن هذا النشاط لايقف عند حدود الابحاث والدراسات على اهميتها الكبرى ولكن يركز على قرارات عملية تفرض نفسها على واقع المسلمين في ديار الغرب، وقد رأينا بعض الملتقيات تعقد مع اتمام مشروع من المشاريع او بداية مؤسسة من المؤسسات، وفي هذا السياق قامت عشرات المساجد في العواصم الاوربية، عدا المراكز الاسلامية، وماتشتمل عليه من دورات علمية، او توزعه من مصاحف كريمة وكتب دينية بكل اللغات، وما يتبعها من دعاة أكفاء ينقلون كلمة الله الى المسلمين، وغير المسلمين بأسلوب حكيم بعيد عن التطرف، أو الغلو ولاشك ان مما يسهل امر هذا النشاط الاسلامي الواسع انه يدور في اطار سياسة المملكة العربية السعودية القائمة على مد يد الصداقة للجميع، وتحقيق التعاون للخير المشترك، والحرص على ان تكون الجاليات الاسلامية سببا للاستقرار والرخاء في مواطنها الجديدة وهي سياسة تقابلها الحكومات الاوربية بروح الثقة والاطمئنان، ولذلك نرى رؤساء الدول الاوربية وكبار رجال الحكومة، يشاركون في افتتاح المراكز الاسلامية والمشاريع الخيرية التي يتبناها الملتقى لانها لا تحمل اي متاعب للوحدة الوطنية، وتشيع جوا من المحبة والتعاون وحسن الجوار، كما تساعد على علاج الاوبئة الخلقية التي باتت مصدر قلق للسياسيين، ورجال الفكر والدين، مثل المخدرات، والكحولية، والعنف، والانحراف، التي يحاربها الاسلام ويضع قواعد للحد من شرورها، ولاشك ان الاسلام يملك قابليات كثيرة في هذا المضمار، اذا استطاع الدعاة ان يبرزوها، وان يحاوروا الآخرين على اساسها، وخصوصا في العالم المعاصر حيث تزول الحدود، وتتقلص المسافات، وتنتقل عدوى الفساد بسهولة عبر اجهزة الاعلام، وحركة السياحة، وسهولة الانتقال، ومن صالح المسلمين ان يكافحوا هذه الاوبئة في كل مكان قبل ان تتسرب الى بلادهم، وان يتعرفوا من خلال الحوار على العناصر الاصلاحية ويشكلوا معها تعاونا عالميا يحمي الفضائل والقيم الاخلاقية، وليس هناك افضل من هذه الملتقيات لجمع اهل العقول النيرة، والضمائر الحية لوضع اسس هذا التعاون التزاما بالتوجيه الرباني للمؤمنين وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان .
* الأمين العام للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة

أعلـىالصفحةرجوع












[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved