| مقـالات
يلج الأستاذ قاعة المحاضرات فيقدم إلى طلبته أسئلة امتحان اعمال السنة والتي تقول نصاً: علل (عقلانيا) ما تراه من (علة!) في كل (زوج!) من الأمثال التالية:(اللي ما له أول ما له تالي,,، حكي في الماضي نقص في العقل)، (أنا ابن جلا وطلاع الثنايا,,، ليس الفتى من يقول كان أبي)، (السكوت من ذهب,,، إذا كان السكوت من ذهب فما أغنى الخرسان)، (فلا تقنع بما دون النجوم,,، القناعة كنز لا يفنى!).
حسناً، يبدو ان الجميع قد اجتاز هذا الامتحان,, وهكذا تغذ الايام السير ليجد هؤلاء الطلبة انفسهم وجها لوجه مع امتحان (نصف السنة) والذي احتوى على سؤالين نصهما كالتالي: السؤال الأول: وضح (دايالكتيكيا) الأبعاد الثقافية/السلوكية في الأمثال التالية: يقول المثل :( احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة,,) وعليه فمن المفترض الارعواء للمثل القائل :(فلا تستكثرن من الصحاب), في نفس الوقت، يقول المثل:(الصديق وقت الضيق) ومثلة :(رب أخ لك لم تلده امك) وبناء على ذلك يقول القائل: (فاكثر ما استطعت من الصديق),, السؤال الثاني :(اذا كان ذو العقل (شقي) وحسب ما توحي به إلينا فرضية ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ، فكيف لنا في ظل هذه الفرضية ان (نفكك !) قول من قال: (أهل العقول براحة؟!).
الآن إذن لم يتبق سوى امتحان واحد، الا وهو الامتحان النهائي فالتخرج (ومبارك مقدما!): ما هي العوامل الثقافية التي ادت الى تباين وتناقض الامثال آنفة الذكر، بل وما هي الجدوى من امثال متناقضة كتلك؟ وهل تتفق مع الاعتقاد السائد بان هذه الامثال غذاء للروح والجسد؟, وعلى افتراض انها بالفعل (غذاء): فهل هو غذاء صحي (ثقافيا) ام غذاء مليء بالكليسترول (الثقافي؟), بل ماذا عن (تاريخ صلاحية) هذا الغذاء الثقافي؟ وفي حال تبين انها منتهية الصلاحية، فهل تعتقد ان تعاطي (الأمثال) منتهية الصلاحية (زمنيا) مضر بالصحة الثقافية نفسيا وسلوكيا؟!,, وضح اجاباتك بأمثلة من تناقضات الواقع عادة وعبادة.
,, للأسف الشديد (لم ينجح احد!) ولذا يبادر استاذ المادة طالبا من الجميع تناول الكتاب غير (المقرر!) وفتح الصفحة المعنونة (فن صناعة حياكة الامثال الاجتماعية!),, وليقرأ الجميع جهرا,, ازدواجية الأمثال دليل على ازدواجية البيئة الثقافية التي قامت باشتقاق ومن ثم استخدام هذه الامثال ولاغراض ثقافية متنوعة, ان في تناقض هذه الامثال انانية وانتهازية ثقافية: انها سلاح فاعل بيد القوي للاحتفال بانتصاره الثقافي، ووسيلة عزاء بيد الضعيف للتخفيف من ألم هزيمته, إنها اذن سلاح ذو (حدين): تبرير مالا يُبرر وعزاء لمن لا عزاء له!,, سلاح لتعليل (التخمة) في كل شيء، وسلاح لتخدير المشاعر في كل وقت, ان في الامثال (ميكافيلية) ولا ميكافيلية ميكافيلي نفسه: إنها وسائل تبرر الغايات العليا وغايات تبرر الوسائل الدنيا، إنها شوارع فسيحة ذات مسارات ثقافية متعددة، ومع ذلك فسرعان ما (تنكمش!) هذه الشوارع الفسيحة متحولة إلى أزقة ضيقة (مسدودة!).
,, قل لي ما هو مثلك (المفضل) اخبرك عما إذا كنت منتصراً أم مهزوماً!
|
|
|
|
|