| محليــات
تدشن المملكة الألفية الثالثة بثوابت قضايا الأمة، وهموم الوطن، والاعتزاز بهوية عقدية حضارية وثقافية, والدول لا تحصل على مكانة أو قدرة على التأثير في خارطة الحدث الكوني بالتمني والرغبات، ولكن بما تملكه من رصيد روحي وثقافي معرفي، وقوة اقتصادية، ونسيج من العلاقات والتحالفات الدولية.
المملكة بلد المقدسات الاسلامية، والثروة النفطية، والنضج السياسي، لذا وظفت مكانتها ورصيد علاقاتها الدولية، وإمكاناتها لخدمة قضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية, والصراع مع اسرائيل هو صراع على أرض واحدة اغتصبها العدو على حساب أهلها، ومقدسات إسلامية يأمل تهويدها، واختلاف عقائدي وحضاري, وقد وقفت القوى العظمى الى جانب اسرائيل لأسباب استراتيجية ولتأثيرات لوبي قوي ومحترف، ومع ذلك رفضت المملكة كافة الضغوط، وأصرّت على فكرة السلام العادل والشامل، واقامة الدول الفلسطينية وعاصمتها القدس، واسترجاع الجولان.
ان تحديات الألفية الثالثة متنوعة، فالمملكة عانت من آثار أزمة الخليج، وانخفاض أسعار البترول، ومن ثم ارتفاع العجز في الميزانية العامة للدولة، مما فرض سياسة ترشيد وتخطيط اقتصادي طويل الأجل, وقد استعدت المملكة للخوض في منافسة صعبة، مبكراً، حيث قام سمو الأمير عبدالله بتوجيه ورعاية من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بزيارات دولية هامة شملت الدول الصناعية الكبرى واجتمع مع كبار رجال الأعمال وشركات النفط، ونسج علاقات اقتصادية جديدة، وتوجت تلك الزيارات بإجراءات تبنتها حكومة خادم الحرمين الشريفين، مثل انشاء المجلس الاقتصادي، والمجلس الأعلى لشؤون البترول، والتفاوض مع شركات عملاقة في مجال الطاقة والغاز، وتشكيل الهيئة العامة للاستثمار وصدور قانون الاستثمار الأجنبي وتملُّك الأجانب للعقار، وغيرها من إجراءات تهدف الى تكوين بنية اقتصادية صلبة تعتمد على تنويع مصادر الدخل وترعى نمو القطاع الخاص السعودي، وتشكيل مناخات تسمح بتراكم رأس المال وتوفير فرص العمل، وخفض العجز في الميزانية العامة، ولمواجهة تحديات الألفية الثالثة تبرز أهمية دور السياسة النفطية واجتماع قمة كراكاس القادم، فالمملكة تعرف أنها شريك وحليف في تكتل دولي أوبك وتطوير لغة مشتركة ومصالح متبادلة أولوية مطلقة في برامجها الاقتصادية.
وفي ضوء هذه التحديات وعلى مسارها تأتي زيارة سمو الأمير عبدالله لنيويورك والبرازيل والأرجنتين، وكراكاس، فهي زيارات تشكل استمراراً لجهود تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين، على مواجهة تحديات الألفية، سواء على مستوى قضايا الأمة أو هموم الوطن.
نحن في عصر العولمة والنظام العالمي الجديد، وهو عصر يعطي المعرفة والتقنية أولوية مطلقة، وفي الوقت نفسه يتخذ من المنظمات الدولية والتكتلات الاقتصادية، والعلاقات الثنائية أدوات لترسيخ مكانة وبلورة آفاق حوار وتنمية تعاون، وسمو الأمير عبدالله بما عرف عنه من حكمة وشجاعة وخلق رفيع، وتجربة سياسية طويلة سيحول كافة الاتصالات والزيارات الى جهد دؤوب يخدم قضايا الأمة ويخدم مصالح الوطن ويرسخ هوية نعتزُّ بها ولا نفرط فيها، مما يساعد هذا الوطن على تدشين الألفية الثالثة بمنظور استراتيجي يستجيب للتحديات ويرسخ مكانة هذا الوطن الشامخ بثقته بالله وحكمة قادته وجهود مواطنيه.
|
|
|
|
|