| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد:
بعض,, الكتّاب في جريدة الجزيرة وغيرها من الجرائد يجذب انتباه القارىء وتشعر بصدق كلامه من خلال رغبته في المصلحة العامة التي تنفع المجتمع في شؤون حياتهم اليومية والتفاعل مع مشكلات المجتمع والإشارة إلى طرق الحل لهذه المشكلات، ومن هؤلاء الكتّاب في جريدة الجزيرة سعادة الأستاذ الدكتور عائض الردادي فهو يكتب بلسان الحقيقة التي يعيشها المجتمع بزاويته الأسبوعية المسماة: دقات الثواني أو على الأصح دقات الحقائق، وقد كتب الدكتور عائض مقالاً بعنوان: اختبار القبول في الجامعات بعدد جريدة الجزيرة رقم 10175 في 7/5/1421ه.
ولخص حقائق عن القبول في الجامعات نوقشت في ندوة بالرياض قبل ثلاث سنوات عن مستقبل التعليم العالي تحت رعاية وزارة التعليم العالي, ومن هذه الحقائق التي ذكرها الدكتور عائض مايلي:
1 ميل كثير من المتحدثين إلى حصر عدد الملتحقين بالجامعات دون المطالبة بتطوير مساحة القبول في الجامعات برصد ميزانيات لها وتوسيع مبانيها اتساقاً مع الزيادة السكانية في المملكة العربية السعودية.
2 خشية بعض المتحدثين ان يصبح أكثر سكان المملكة جامعيين.
3 قليل من المتحدثين من نبّه إلى خطر عدم قبول الطلاب في الجامعات وما سيسببه ذلك من أضرار اجتماعية، وعن سعادته بأن نوصف بأننا الشعب الجامعي، وعن ضرورة الفصل بين إتاحة التعليم العالي للطلاب وموضوع الوظيفة.
4 طرح موضوع عدم الاعتماد على نسب النجاح في الثانوية العامة واخضاع الطلاب لاختبار القبول في الجامعات وكذلك المقابلات لأن هذا العمل يفعل في أمريكا, (أي عملية تقليد أعمى دون النظر إلى ظروفنا وظروف امريكا), والعبارة التي بين القوسين من عندي.
ولي تعليق على الفقرات السابقة أرجو من جريدة الجزيرة ان تتركني أعبر عن وجهة نظري في قضية القبول في الجامعات التي جلبت لبعضنا الهم والغم، والحقيقة أنني لم أكن أشعر بالظلم وهضم الحقّ في يوم من الأيام إلا عندما يأتي موضوع القبول في الجامعات فإنني أشعر بضياع حق يحتاج إلى إعادة وهو حق التعليم العالي للجميع, وفي الوقت نفسه أجزم بأن هذا الشعور بالظلم سيزول بعون الله تعالى ما دامت قيادتنا الرشيدة تحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسيرة الخلفاء الراشدين، وستجد قيادتنا الحكيمة حلاً عادلاً للقبول في الجامعات يصحح وضع القبول المعمول به الآن.
وألخص تعليقي على الفقرات السابقة في النقاط التالية:
أولاً: إن مشكلة القبول في الجامعات كانت نتيجة حتمية لحصر عدد الملتحقين في التعليم العالي, لأن التعليم العام في المملكة العربية السعودية مازال منتشراً في أرجاء البلاد ويزيد عدد المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية عاماً بعد عام ويتخرج اعداد كثيرة من الثانوية العامة ثم يتوجه المتخرجون الى الجامعات فإذا كان العدد محصوراً في الجامعات فسيصبح عندنا فائض لم تستوعبه الجامعات الأمر الذي يتطلب ضرورة مواكبة الزيادة السكانية وزيادة عدد الطلاب المستمرة ولابد من الإعداد لهذه الزيادة المستمرة مهما كلف ذلك من ثمن وإذا لم تحصل زيادة قبول في الجامعات تساير زيادة الأعداد المتخرجة من الثانوية العامة فستكون مشكلات القبول في الجامعات مستمرة عاماً بعد عام, ويظهر لي أن المتحدثين الذين يميلون الى حصر القبول في الجامعات لم يحسبوا نتائج عدم قبول الطلاب في الجامعات مع أن الحلول التي وضعت اخيراً لا تحل مشكلة ولا تنفع المواطن الذي يريد التعليم العالي ولهذا لابد من العمل على حل مشكلة القبول وعدم تركها لحلول قاصرة النظر وغير مفيدة ولا تحقق رغبات المواطن الطموح الذي يريد التعليم العالي والاستفادة من مكارم دولتنا اعزها الله وحرسها من كل سوء.
ثانياً: لازلت أبحث عن سبب خوف بعض المتحدثين من زيادة التعليم العالي ولم أجد سبباً مقنعاً يبرر هذا الخوف, ولعل العراقيل الموضوعة الآن للقبول في الجامعات من نتاج افكار الخائفين من كثرة الجامعيين في المملكة العربية السعودية, ولعلهم خافوا على مناصبهم من الشباب الطموح المخلص الذي يشقُّ طريقه الى العلم والمجد وخدمة بلاده بكل صدق وإخلاص وامانة, ونسي هؤلاء الخائفون انه يحق لهم ان يفاخروا بزيادة أعداد الجامعيين في المملكة العربية السعودية ومع هذا فإننا بحاجة ماسة الى أعداد كبيرة من الأطباء السعوديين ولم نصل الى ما يكفي البلاد ولا زال الاطباء السعوديون قليلين في وزارة الصحة حيث قدرت نسبتهم بأقل من 18% والزيادة التي أمر بها ولي العهد المفدى لكليات الطب في الجامعات السعودية خطوة مهمة لسد احتياج المملكة من الاطباء السعوديين في المستقبل إن شاء الله.
فلماذا الخوف من كثرة أعداد الجامعيين.
ثالثاً: من المؤسف جداً ان الذين نبهوا الى خطورة عدم قبول الطلاب في الجامعات كانوا قلة ولم يؤخذ برأيهم مع أن رأيهم هو الأصلح والأسلم لخدمة المواطن السعودي في مجال العلم والتعليم العالي وليس ضرورياً الربط بين التعليم العالي والوظيفة بل من الفائدة لخدمة المجتمع الفصل بين الوظيفة واتاحة الفرصة للتعليم ومن وجهة نظري انه من الواجب تيسير التعليم للجميع وعدم ربطه بالوظيفة أو النسبة المئوية وتكون وزارة التعليم العالي جهة خاصة للتعليم العالي فقط وليست مسؤولة عن التوظيف لأن جهة التوظيف هي وزارة الخدمة المدنية لا غير وبهذا يسند التوظيف الى مجاله دون ربطه بأي شيء آخر, وبعبارة مختصرة من الافضل الفصل التام بين التعليم العالي والوظيفة بحيث تكون وزارة التعليم العالي تعلّم الطلاب ولا دخل لها في توظيفهم.
اما موضوع النسبة المئوية فهو موضوع يثير الشجن في النفس لما سببه لنا من متاعب نتيجة عدم قبول ابنائنا وبناتنا ووجودهم عندنا عاطلين لا وظيفة ولا تعليم عالٍ فالجامعات سدت الطرق امامهم بحجة النسبة المئوية.
فهل النسبة المئوية في شهادة الثانوية العامة مقياس للعدل بين الطلاب وبسببها إذا انخفضت يسقط حق الطالب أو الطالبة في التعليم العالي؟
وبانخفاض هذه النسبة يكون المسؤولون معفيين من رعايته ومساعدته على تيسير التعليم العالي له, وعليه فإنني أكرر المطالبة بإعادة النظر في قبول الطلاب في الجامعات على اساس النسبة المئوية, أيها السادة الكرام: جميع الطلاب السعوديين ينتمون الى المملكة العربية السعودية ومعنى هذا أنهم متساوون في الحقوق والواجبات عليهم واجب خدمة بلدهم حتى لو كلفهم ذلك أنفسهم ولهم حق في التعليم دون تفريق بين طالب وآخر.
كيف ينعم ابن جاري بالتعليم العالي المجاني وابني محروم منه؟!
وكيف تنعم ابنة جاري بالتعليم العالي المجاني وابنتي محرومة منه؟!
هل النسبة المئوية التي تقل عن المطلوب تسقط حق ابنائنا وبناتنا في التعليم العالي؟
أيها السادة الكرام: لا شك ان الذين بيدهم أمر القبول في الجامعات لم يحسوا بمعاناتنا عندما يحرم اولادنا وبناتنا من التعليم العالي بسبب هذه النسبة اللعينة ولكن حتى يحسوا بذلك اطلب منهم ان يجربوا حرمان اولادهم وبناتهم من التعليم ويعتبروهم من أهل النسبة المنخفضة الذين لا يحق لهم دخول الجامعات وينتظروا رد الفعل في أنفسهم وفي ابنائهم وبناتهم ونتيجة هذا الحرمان من التعليم العالي على بناتهم وابنائهم, جربوا ذلك وتأكدوا من كلامي وقد قيل: ما تحرق الجمرة إلا رجل واطيها ولاينبئك مثل خبير , نحن نعاني من حرمان اولادنا وبناتنا من التعليم العالي والمسؤولون عن القبول في الجامعات يتفرجون علينا ولم يعملوا لنا شيئاً يزيح معاناتنا من عدم قبول ابنائنا وبناتنا وكأن التعليم العالي ملك خاص لأهل النسب العالية في الثانوية العامة فقط.
إن الأموال التي تصرفها الدولة على التعليم العالي ليست خاصة لأهل النسب العالية في الثانوية العامة وإنما هي موجهة لتعليم كل مواطن سعودي يرغب العلم وخدمة وطنه في المستقبل بدون تفريق بين مواطن وآخر، ولم تعرف المملكة العربية السعودية في تاريخها النظيف الشريف التفريق بين المواطنين سواء في التعليم أو في غيره, ونحمد الله الذي هيأ لنا دولة عربية مسلمة تحكم بشريعة الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وسيرة الخلفاء الراشدين انطلقوا من هذا المبتدأ: حبوا لاخوانكم ما تحبون لأنفسكم.
رابعاً: إن النسبة المئوية في حد ذاتها نكبة خاصة على بعض الطلاب الذين تقل نسبتهم عن المطلوب حسب المذكور بشهادة الثانوية العامة.
أما اخضاع الطلاب لاختبار قبول في الجامعات فهو نكبة اخرى على اصحاب النسبة العالية لأن هذا الاختبار سيرفع أقواماً ويضع آخرين، وقد يرفع من لا يستحق الرفع ويخفض من لا يستحق الخفض نتيجة لأحكام البشر وعدم ضبطه في مقياس معين وفي الوقت نفسه مدخل خفي لدخول طالب وإخراج آخر لأن الداخل يقال نجح في اختبار القبول والخارج يقال رسب في اختبار القبول وبهذا العمل يختلط الحابل بالنابل ويصعب الضبط الدقيق بين من يستحق ومن لا يستحق, ولأن الطالب الداخل في الجامعة مواطن سعودي والطالب الذي ترفضه الجامعة مواطن سعودي ايضا والطالبان كلاهما متساويان في الحقوق والواجبات ولهذا لابد من اعطائهما حقهما من التعليم العالي بغض النظر عن النسبة المئوية والوظيفة في المستقبل, لأن لهذا حقاً في التعليم ولهذا حق ايضا والعدل واجب بينهما في الأمور العامة التي تصرف لها مبالغ من الدولة والذي يحمل شهادة الثانوية العامة ويريد مواصلة دراسته مهما كانت نسبته له الحق في دخول الجامعة, فإذا كانت نسبته في الثانوية العامة 80% فما فوق يستحق مكافأة الجامعة وإذا قلّت نسبته عن 80% يستحق التعليم العالي مثل زملائه ولا يستحق المكافأة لأن نسبته أقل من 80% وبهذا الإجراء لم يحرم الطالب او الطالبة بسبب النسبة من التعليم العالي وإنما حرم من المكافأة بسبب نسبته في الثانوية العامة, ويكون الجميع اشترك في التعليم العالي وانحصر الحرمان في المكافأة فقط وقد قيل ما لا يؤخذ جلّه لايترك كلُّه , أو لعل العبارة: ما لايؤخذ كلّه لايترك جلّه .
وإن كانت الجامعات مصرة على اتخاذ النسبة مقياساً في القبول فلابد من إعادة النظر في شهادة الثانوية العامة بحيث يحق للطالب او الطالبة إعادة الاختبار مرة اخرى في الثانوية العامة لتحسين المستوى العلمي في شهادة الثانوية العامة حتى يتمكن من القبول في الجامعة, المهم إذا كانت شهادة الثانوية العامة لم تؤهل الى الدخول في الجامعة لمن يرغب ذلك فما هي فائدتها لطالب العلم.
أيها السادة الكرام: ارفقوا بأبنائنا وبناتنا وفقكم الله، وقد قيل: رأس الحكمة مخافة الله , واعدلوا بين ابنائنا وبناتنا في التعليم العالي مثل ما هو معمول به في التعليم العام.
وفق الله الجميع لخدمة ديننا وبلادنا في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سالم بن عبدالله العنزي المدينة المنورة
|
|
|
|
|