| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
فمما لاشك فيه ولاريب ان الشريعة الإسلامية اهتمت بقضية الامانة اهتماماً عظيماً ورفعت من شأن المتخلقين بها ووضعت من شأن المتخلين عنها بالدنيا والآخرة, لأن الامانة خلق كريم يحمل صاحبه على حفظ حقوق الآخرين من ودائع وغيرها وليست الامانة مقصورة على مايفهمه الكثير من الناس من انها خاصة في الودائع واشكالها فالامانة اعظم من هذا واعم واشمل فالصلاة امانة والزكاة امانة واللسان امانة ,, الخ,.
ولعل من الامور الهامة التي للامانة دور عظيم فيها ويتغافل عنها الكثير هي امانة الإدارة وهي ما يتطوقه كل مدير في اي قطاع من قطاعات الدولة ولعظم هذا الشأن لعلي اذكر بعض الادلة على هذا, فعن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مابعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه فالمعصوم من عصمه الله رواه البخاري فهذا حديث عام وشامل لكل من تولى امراً على احد.
وعن معقل بن يسار رضي الله عنه انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مامن عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة .
وعن ابي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:ما من رجل يلي عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله عز وجل يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه ففكه بره أو أوبقه إثمه أولها ملامة وأوسطها ندامة وآخرها خزي يوم القيامة .
وهنا يتبين لنا بضوء هذه النصوص ان الامانة من الأخلاق الفاضلة واصل من اصول الديانات وهي ضرورة للمجتمع الإنساني فهي شرف الغني وفخر الفقير وواجب الموظف.
فالمدير الذي تولى امر مجموعة من الموظفين لابد أن يتوفر فيه الحفظ والعلم والأمانة فعليه واجب الإخلاص في العمل وان يختار للاعمال احسن الناس قياماً بها فإن عدل إلى غير الحق لهوى نفسه او نفعاً لقريب فهذا من الخيانة لله ولمن ولاه هذا العمل, قال صلى الله عليه وسلم :من استعمل رجلاً على عصابة وفيهم من هو ارضى الله منه فقد خان الله ورسوله رواه الحاكم وفي الحديث الآخر أيما رجل استعمل رجلاً على عشرة أنفس علم أن في العشرة افضل ممن استعمل فقد غش الله ورسوله وغش جماعة المسلمين .
وعلى المدير ان يحرص على الامانة وعلى اداء الواجب كاملاً في العمل المنوط به وان يستنفذ جهده وطاقته في تكميله وتحسينه مراقباً الله تعالى في كل تصرفاته واعماله بعيداً عن الهوى ومزالق الشيطان لايستغل منصبه الذي عيِّن فيه ليجر لنفسه منفعة او إلى احد من اقاربه واصدقائه فكل هذا داخل تحت خيانة الامانة المنوطة في عنقه, لأن في هذا ضررا عاما على العاملين معه ويعتبر وسيلة من وسائل الاستغلال النفوذي فكل هذا غش وخيانة وما اخذه مقابل ذلك فحرام وسحت قال تعالى (ومن يغلل يأتي بما غل يوم القيامة).
قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عدي بن عميرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطاً فما فوقه كان غلولاً يأتي به يوم القيامة فقام إليه رجل اسود من الانصار كأني أنظر إليه فقال يارسول الله اقبل عني عملك قال ومالك قال سمعتك تقول كذا وكذا قال صلى الله عليه وسلم وأنا أقول الآن من استعملناه على عمل فليجئ بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذ ومانهي عنه انتهى رواه مسلم.
ومن أمانة المدير الحذر الحذر من ظلم من تحت إدارته بهضم حقوقهم معنوية أو مادية فإن ذلك موجب لضعف الثقة فيه المؤدي في النهاية إلى ضعف الإنتاج والعمل وفقدان روح التعاون, والمدير كما انه مسئول عن انجاز عمله كذلك مسئول عن إنفاذ حقوق من تحت يده وإدارته بعدل قبل ان يندم ولات ساعة مندم.
ومن خيانة المدير لامانته ان يقرب من تهوى نفسه ولو كان من غير اهل الثقة والامانة فيسند إليهم من الاعمال ما لو اسندت لغيرهم لكانت اولى واجدر ولان الدوافع التي تحمل الإنسان على الجد في الانتاج والرضا في العمل عدالة المسئول وقناعة من تحت إدارته بعدالته لأن النفس يهمها بالدرجة الأولى ان تاخذ حقها وافياً من غير نقص فإذا اطمأنت النفس اقبلت على العمل بجد ونشاط وهذا هو سر نجاحها, وإذا احس الموظف بعدم عدالة إدارته توقع كل شر من ذلك المسئول لأن من فرط في الامانة التي بينه وبين الله تعالى اولى بالتفريط بما دون ذلك, اما الذي يلتزم حدود الله تعالى في وظيفته مراعياً العدل بين موظفيه ولايخون الواجب الذي طوقه فهو من المجاهدين قال صلى الله عليه وسلم :العامل إذا استعمل فاخذ الحق واعطى الحق لم يزل كالمجاهد في سبيل الله حتى يرجع الى بيته .
ونستخلص مما مضى مايلي:
1 عظم الأمانة وانها من الحقوق والواجبات التي سيطالب بها اي مدير ادارة ونخص هنا المديرين لانهم المعنيون بالقول.
2 ان الامانة في العمل واجب من لم يقم به في الدنيا عوقب يوم القيامة.
3 تحري العدالة والمساواة قدر الاستطاعة حيث انه لايكلف الله نفساً إلا وسعها.
4 ان الخيانة من علامات النفاق والامانة من علامات الإيمان.
5 ان اسناد الامور الى غير اهلها من الخيانة للدين ولولي الامر الذي امر بقيام العدل.
6 تأكد اهمية الامانة في الشخصيات الإدارية لما انيط بهم من مسئوليات.
7 عدم تفضيل احد على احد الا بحق شرعي لان العدل ميزان يدعو للمحبة والالفة والطاعة.
8 إذا عدمت الامانة في اي ادارة تضرر من جراء ذلك جميع جوانب الإدارة من تخطيط وتنظيم وتوجيه ومراقبة.
9 على المدير ان يسلك مع موظفيه كل ميسور من قول وفعل وترك المعسور والبعد عن التسلط والقهر وان يكون الجميع عنده في ذات الله سواء.
10 تفقد امور العاملين معه لأن في هذا نجاح عمله وصلاح للدين والدنيا فلا يصلح الدين إلا بالعدل ولاتصلح الدنيا ولاتستقيم الأمور إلا على العدل.
عبدالعزيز بن محمد الفنيسان المعهد العلمي بالزلفي
|
|
|
|
|