| أفاق اسلامية
تكمن أهمية عقد الملتقى الإسلامي الثقافي في المجر في عدة جوانب منها:
الأول: خصوصية المكان، فالمجر دولة كانت محكمة الإغلاق على المسلمين، لما أحاط بها من الشيوعية حقبة من الزمن إحاطة السوار بالمعصم بل إحاطة الأغلال بالأعناق، وحين خرجت تلك البلاد من الشرنقة، بدا المسلمون من أهلها كالخارج من السجن بعد سنين لم ير فيها النور يتلمسون الطريق بحذر شديد، فاختيار وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد للمجر مقراً للملتقى اختيار موفق، فالمسلمون فيها والدعاة فيها وفي الدول المجاورة لها من دول أوروبا الشرقية هم أحوج الناس لإعادة التعرف على الإسلام وللالتقاء بإخوانهم المسلمين بعد انفصال طويل.
الجانب الثاني: خصوصية الموضوع؛ فاختيار دراسة أحوال المراكز والمؤسسات والجمعيات الإسلامية في أوروبا وسبل تطويرها إدراك لعظم الرسالة المناطة بتلك المراكز والمؤسسات والجمعيات، ورغبة في تقوية عملها وتنظيمه ليواكب التطور العالمي عامة والاوروبي بخاصة، كما أنه ينطوي على اعتراف بالأهمية العالمية لأوروبا عامة ولأوروبا الشرقية خاصة، واستشعار بضرورة أن يكون للمسلمين إسهام واضح في عجلة الحياة الجديدة في أوروبا الشرقية انطلاقاً من أهمية الدين العالمي الذي يعتنقونه ويدينون به، ورغبة في إيصال حقيقته إلى من يجهله كي لا يحرم خيره، ولتحقيق ذلك كله لابد من العناية بمراكز إشعاعة والقائمين على مؤسساته وجمعياته كي تصير أنموذجاً حيوياً للإسلام وأهله.
الجانب الثالث: خصوصية الرعاية، فقيام المملكة العربية السعودية ممثلة بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بتنظيم هذا الملتقى يأتي انطلاقاً من رسالة المملكة تجاه المسلمين في كل مكان، وهي الرسالة العالمية النيرة التي تتشرف المملكة بحملها حكومة وشعباً، بما تمثله من وسطية لا غلو فيها ولا تفريط، وعقيدة سليمة لا انحراف فيها ولا اعوجاج، فهي خير ما يجب نقله إلى العالم، لأنه الإسلام الحقيقي النقي الذي تقبله النفوس الباحثة عن الحق والناشدة للهدى والرشاد، ولذلك لا عجب أن نرى تقبل المتلقين لما تقوم به المملكة وأهلها من نشر للدعوة والعلم الشرعي، ولا غرابة في أن نرى ثقة غير المسلمين فيما تقدمه المملكة من تعريف بالإسلام، لأن الحق أبلج تقبله النفوس غير المريضة، ومعلوم أن أي عمل لا يقصد به إلا وجه الله تعالى ينزل المولى عز وجل فيه البركة، ويفتح له قلوب البشر، وأحسب أن الأعمال المباركة المنطلقة من هذا البلد المبارك هي من هذا النوع من العمل، ولذلك لم يكن غريباً ما نراه من قبول حسن له في العالم.
الجانب الرابع: خصوصية المشاركين، فقد دعي إلى هذا الملتقى عدد كبير من الدعاة العاملين في أوروبا وغيرها، وأنيط إعداد المحاضرات والندوات بعدد من العلماء والدعاة الراسخين في العلم والدعوة وذوي الخبرة الطويلة، وكل ذلك يأتي رغبة في تحقيق أعلى قدر من الإفادة والتقارب في المنهاج الدعوي، وتبادل الخبرات بين العاملين في حقل الدعوة ونشر الإسلام.
وأخيراً أسأل الله تعالى أن ييسر تحقيق الخير في هذا الملتقى، وأن يجزل المثوبة والأجر لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز لما ينفقه في سبيل الله، كما أبتهل إلى المولى جل جلاله أن يزيد هذه البلاد قيادة ورعية من فضله وتوفيقه وأن يحفظها ذخراً للإسلام والمسلمين.
* الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
|
|
|
|
|