| أفاق اسلامية
الحمد لله وصلى الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:
إن من الأمراض الاجتماعية السارية في كل زمان ومكان ما يكون سبب حبوط العمل والخسران المبين إذ قد يعمل الإنسان طول عمره أو بعضاً منه في أعمال جليلة القدر رفيعة المكانة عند الناس ثم تنزل به القدم إلى هاوية سحيقة مخيفة وهو لا يدري لأن من حوله يؤيدونه ويبجلونه ويغشونه ولا ينصحونه ولا ينصرونه لذلك, قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: (انصر اخاك ظالماً أو مظلوماً فقال رجل يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوماً أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟ قال تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره), لذا نجد الكثيرين لا يبذلون النصح للمخطىء وهذا غش واضح.
وبعد الرياء وهذا داء العمل الصالح وآفته وهو الشرك الخفي كأن يطيل المرء صلاته أمام الناس لينال المدح والثناء وقد يعلن الصدقة ويكثر العطاء للذكر وللشهرة بين الناس، إنه يفسد العمل الصالح إذا خالطه ولو كان قليلاً ويبطله ويحبطه ويجلب غضب الله وعذابه وعقوبته ونقمته, وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا جمع الله الناس يوم القيامة ليوم لا ريب فيه نادى مناد من أشرك في عمل عمله لله أحداً فليطلب من عند غير الله فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك)، وقال: (من سمَّع سمَّع الله به ومن يراء يراء الله به) والله تعالى بالمرصاد لمن يعمل العمل الصالح مراءة للناس أو تسميعا بعمله فسينتقم الله منه ويفضحه يوم الأشهاد يوم القيامة يوم الجزاء والحساب وفي الحديث المرفوع: (إن أول الناس يقضي عليهم يوم القيامة ثلاثة رجال: رجل استشهد في سبيل الله فأتى به فعرفه نعمة فعرفها قال فما عملت فيها؟ قال قاتلت فيك حتى قتلت قال كذبت ولكنك قاتلت ليقال هو جرىء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمة فعرفها قال ما عملت فيها؟ قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال هو عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارىء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه فأعطاه من أصناف المال فأتى به فعرفه نعمة فعرفها قال فما عملت فيها؟ قال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت فيه لك قال كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار).
هذا مما يخاف على المؤمن لذا لما سمع هذا الحديث معاوية بن أبي سفيان كاتب وحي الرسول صلى الله عليه وسلم بكى وبكى وبكى طويلاً ثم تلا قول الله تعالى من سورة هود: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون، اولئك الذين ليس لهم في الأخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون)، وقول الله تعالى في سورة الكهف: (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا).
رزقنا المولى جلا وعلا الإخلاص في القول والعمل والبعد عن الرياء والسمعة ونستغفر الله ونتوب إليه وهو الحافظ جل جلاله والحمد لله أولاً وآخراً.
محمد بن مرضي الشهراني هيئة محافظة خميس مشيط |
|
|
|
|