| أفاق اسلامية
يعيش المرء في هذه الحياة ضمن مجتمع يربطه مع بني جنسه، فهو لا ينفك عن التواصل مع البشر ما دام سوياً صحيحاً, ويختلف هذا التواصل بين أفراد المجتمعات بحسب عقائدهم وأخلاقهم، ولذلك ترى أن المجتمعات المسلمة أكثر المجتمعات الإنسانية ترابطاً وتماسكاً وتعاوناً وتواصلاً فيما بينها كما قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى) وقوله صلى الله عليه وسلم: (المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً).
ونحن في هذا المجتمع المبارك قد امتن الله علينا بنعم جليلة من أهمها الترابط والتواصل والتعاطف بالإضافة إلى مكارم الأخلاق الأصيلة امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد,,,) إلخ الحديث.
وهذا الترابط يجعل من العيوب الاجتماعية التخلي عن القريب أو الصديق في بعض المواطن والمواقف المحرجة، ومن ذلك عند طلب ما يسمى بالوساطة من أجل إنجاز عمل ما أو تيسير معاملة أو نحو ذلك، إذ كيف يصح لك التخلي عن مساعدة قريبك أو جارك أو صديقك في إنجاز معاملة مثلاً وأنت تعمل في تلك الدائرة في منصب أو موقع يخول لك ذلك, وهنا نتساءل هل هذا العرف الاجتماعي يخول لنا الاستمرار في هذا المسلك؟!
إن واقع الكثير من الوساطات وللأسف يحصل منه الضرر بالآخرين كما أن فيه مخالفة لما وضعه ولاة الأمر من أنظمة ولوائح تحفظ للناس حقوقهم وتكفل المصلحة العامة لهم, كما أن من أشد هذه الشفاعات ضرراً أو خطراً هي الشفاعة في الحدود إذا بلغت السلطان، ولذلك كان من المواطن التي غضب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتى أسامة بن زيد رضي الله عنهما شافعاً في المخزومية التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها لأنها سرقت، فقال له: أتشفع في حد من حدود الله؟ ثم قام فاختطب فقال: (أيها الناس إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها), وفي لفظ: (لا أراك تشفع في حد من حدود الله), وهذا النوع من الشفاعات من أخطر الأنواع على سفينة المجتمع المسلم التي تبحر في خضم هذه الحياة، فهي كفيلة بخرق هذه السفينة وبالتالي غرقها, نسأل الله السلامة والعافية.
|
|
|
|
|