| العالم اليوم
* بلجراد ا ش أ
يبدو ان المعارضة اليوغسلافية تتحرك نحو الانتخابات الرئاسية المقرر اجراؤها في يوغسلافيا يوم 24 سبتمبر القادم على نحو فوضوي ومشتت الأمر الذي قد يكفل للرئيس اليوغسلافي سلوبودان ميلوسفيتش او (الملك سلوبو) على حد وصف احدى المجلات الغربية الفوز بفترة رئاسة ثالثة في يوغسلافيا.
فلم تشأ احزاب المعارضة الرئيسية الستة عشر التي تؤلف فيمابينها ما يسمى ب(تكتل المعارضة الديمقراطي) ان تتوحد كلمتها هذه المرة ايضاً, وبدلا من ان تتفق على مرشح واحد تلتف حوله، تقدمت بثلاثة دفعة واحدة,, فهي اما ان تقاطع او تنقسم .
واثبتت المعارضة اليوغسلافية (من جديد) انها غير قادرة على تشكيل اي تحد حقيقي لميلوسيفيتش عندما فشلت في الاتفاق على مرشح واحد,, وعندما خرجت (حركة التجديد الصربية) كبرى احزاب المعارضة الصربية اعلنت في خطوة غريبة عن ترشيح فويسلاف ميهايلوفيتش رئيس بلدية بلجراد لخوض انتخابات الرئاسة ضد ميلوسيفيتش.
وفي المقابل تقدمت الأحزاب الخمسة عشر اليوغسلافية المعارضة الاخرى بمرشح اخر هو فويسلاف كوستونيتشا زعيم الحزب الديمقراطي الصربي فضلا عن مرشح معارض ثالث هو توميسلاف نيكوليتش عن الحزب الراديكالي الصربي المتطرف الذي يتزعمه المتطرف فويسلاف سيسلي.
ومن بين المرشحين المعارضين الثلاثة يقف فويسلاف كوستونيتشا البالغ من العمر 56 والأستاذ الجامعي الذي ساعد عام 1989 في تشكيل الحزب المعروف حاليا بالحزب الديمقراطي في موقع المرشح الأكثر حظا من الشعبية بين الثلاثة وصاحب الخبرة السياسية الواسعة علاوة على انه من القوميين المعتدلين الذي بامكانه جذب اصوات القوميين.
اما المرشح المعارض الثاني وهو فويسلاف ميهايلوفيتش عمدة بلجراد فانه يدين بشهرته الى اللقب الذي يحمله بوصفه حفيد الجنرال الصربي المشهور دراجا ميهايلوفيتش الذي كان قائدا ميدانيا خلال الحرب العالمية الثانية وأتهمه الشيوعيون بالتعاون مع النازي واعدم لادانته بالخيانة العظمى.
وعندما يتحدث سكان العاصمة بلجراد عن عمدتهم فانهم لا يذكرون له قدرات سياسية وانما يتذكرون جده كرجل لا تزال تختلف حوله الآراء حتى بعد مرور نصف قرن على وفاته كما سنتقد هؤلاء السكان اسلوب عمدتهم في ادارة المدينة كما يرون انه لم ينجح في الاستحواذ على القلوب مثلما يتمتع زعيم الحزب الديمقراطي الصربي, ويأتي المرشح المعارض الثالث توميسلاف نوكوليتش ممثلا لجناح التطرف الذي تقل فرصته عن سابقيه.
ولم تبذل احزاب المعارضة اليوغسلافية الخمسة عشر الاخرى اي جهد لاقناع زميلهم فوك دراسكوفيتش زعيم حركة التجديد الصربية (الذي عرف عنه باتخاذ القرارات غير المتوقعة دائما) لحمله على سحب مرشحه وتجنب الانقسام في صفوف المعارضة الذي سيصب في النهاية في مصلحة سلوبودان ميلوسيفيتش.
هذا الضعف الشديد والانقسام والتشتت الذي يسود صفوف المعارضة اليوغسلافية ليس بالامر الجديد على مسرح الأحداث في بلجراد.
فلا يزال الرئيس سلوبودان ميلوسيفيتش يتقدم نحو العملية الانتخابية دون ان يجد من يعترض طريقه,, فقد دفع بالبرلمان في اواخر الشهر الماضي لان يوافق في غضون ثلاث ساعات فقط علىاربعة مشروعات قوانين تتعلق بالقواعد الانتخابية الجديدة التي تمكنه من خوضها بسهولة دون عوائق.
ويقف وراء الرئيس ميلوسيفيتش الحزب الاشتراكي الصربي الذي يتزعمه وكذلك حزب اليسار اليوغسلافي الذي يشترك معه في الائتلاف الحاكم والذي تترأسه زوجته ميرا ماركوفيتش التي اعلنت مرارا تأييد ومساندة حزبها لزوجها في الانتخابات المقبلة.
ولا يختلف الوضع تقريبا في جمهورية الجبل الأسود الشريك الثاني مع جمهورية صربيا في الاتحاد اليوغسلافي والمتبقية الوحدية في كنف بلجراد من بين الجمهوريات اليوغسلافية الست.
فالمثير للدهشة ايضا قرار الحزب الاشتراكي الحاكم في جمهورية الجبل الاسود بزعامة رئس الجمهورية ميليديو كانوفيتش الموالي للغرب بمقاطعة هذه الانتخابات والذي سيصب ايضا في مصلحة ميلوسوفيتش لانه سيحرم مرشحي المعارضة من اصوات الناخبين في الجبل الاسود.
ويتهم رئيس الجبل الأسود السلطات الصريبة في بلجراد بتصعيد الضغوط السياسية والاقتصادية على جمهوريته واضعاف دورها في اطار الاتحاد اليوغسلافي,ويبدو ان الغرب قد ضاق ذرعا ليس فقط بالرئيس اليوغسلافي سلوبودان ميلوسيفيتش بل بالمعارضة اليوغسلافية ايضا, فقد باءت دعوة وزيرة الخارجية الامريكية مادلين اولبرايت للمعارضة اليوغسلافية باختيار مرشح واحد بالفشل كما حذرت اولبرابت من مقاطعة الجبل الأسود للانتخابات الرئاسية.
وتقول مجلة (اكسبريس ) الفرنسية ان باريس وواشنطن تتابعان عن كثب الاتصالات التي بدأتها شخصيات بارزة من اليمين اليوناني لاقناع ميلوسيفيتش بالاختفاء من الساحة السياسية في يوغسلافيا , غير ان هذا الاحتمال اصبح امرا مستبعدا الان بعد الاصلاح الدستوري الاخير الذي يعد في صالح ميلوسيفيتش، كما ان رحيله ليعيش في المنفى في روسيا او اي مكان اخر ينطوي على جانب سلبي وهو انقاذ الملك سلوبو من الوقوع في قبضة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وازاء هذا الاداء الفوضوي والمشتت للمعارضة اليوغسلافية، يتساءل المرء هل يقترب ميلوسيفيتش من الفوز بمقعد الرئاسة لفترة ثالثة رغم انف الغرب؟.
|
|
|
|
|