| محليــات
ارتكزت المملكة في علاقاتها الدولية والثنائية على مجموعة مبادئ تمثل ثوابتها وتعكس فاعليتها في ساحات عرفت بالصراع وتعميق الخلاف، ومنذ أن تأسست الأمم المتحدة وقبل أكثر من نصف قرن والمملكة داعية سلام ومكافحة من أجل عدل، ومتمسكة بحقوق، وملتزمة بمبادئ, وفي ضوء ذلك كله نسجت شبكة من العلاقات الدولية، لاتساوم فيها على حق، وتدين العنف والصراع غير المبرر أو غير المسؤول، ومن هنا انسجمت توجهات الأمم المتحدة، وخصوصاً في المجال الإنساني، مع منظور المملكة السياسي في معظم الأحوال، مما تترتب عليه دعماً مستمراً لأعمال الأمم المتحدة ونشاطاتها, ولم يتوقف هذا الدعم عند حدود الجانب المالي بل تجاوز ذلك إلى مشاركة فعالة ونشطة في صياغة مشروعات القرارات والاتفاقيات الدولية التي تقرها الجمعية العامة، والمملكة إيماناً منها بأهمية العمل الدولي، وما تمثله من مكانة دولية بذلت وتبذل كافة الجهود من أجل فتح قنوات حوار فعال ومسؤول لتأتي معظم اتفاقيات الأمم المتحدة خالية من النصوص المخالفة للشريعة الإسلامية، وكذلك تمثيل المصلحة العربية والإسلامية في مشروعات القرارات التي تعرض على الجمعية العامة من خلال التنسيق مع الدول الحليفة والصديقة.
الأمم المتحدة وهي تدشن احتفالية الألفية الثالثة، تشهد تطوراً نوعياً في الاداء، فصراع الشرق والغرب اختفى وحل محله نظام دولي جديد يعطي الأولوية للاقتصاد على حساب السياسة، وللمعلومات والافكار على حساب الديموغاجية التي مثلت ركيزة الخطاب السياسي على مدار نصف قرن، وأجواء دولية كهذه تفسح المجال لأن تلعب الأمم المتحدة دوراً رائداً في قضايا الأمن والسلم والعدل، ومن هنا يأتي حرص المملكة على أن يكون دورها رائداً من أجل خدمة قضايا الأمة وتعزيز مسيرة السلام, وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز يذهب إلى نيويورك وفي تقديره آثار التطور النوعي للأمم المتحدة والتغيرات الدولية المعاصرة فهو حفظه الله يمثل تراثاً سياسياً عريقاً في مجال العمل الدولي، وزيارته تتجاور في مداها وعمقها مجرد تداعي ذكريات لجهود دولة حرصت في مسارها على أن تستقل في قرارها وفي الوقت نفسه تنسج علاقات دولية قوامها تكافؤ وحوار مسؤول وتنمية آفاق تعاون، وتشريع للعدل، وكفاح من أجل مصير.
لقد وقف فيصل بن عبدالعزيز الملك الشهيد يمثل المملكة في تأسيس الأمم المتحدة، وكان رحمه الله مرفوع الرأس واثقاً من سلامة المسار، وكان حريصاً على أن يكون للمملكة دور رائد في وقت كان العالم يشهد بذور الحرب الباردة، وقد خرج للتو من حرب ضروس، ويتجه في الوقت نفسه الى مصير مجهول.
وعندما يقف عبدالله بن عبدالعزيز ملقياً كلمة المملكة في احتفالية الأمم المتحدة في الألفية الثالثة، انما يعبر عن نفس الثوابت التي عبر عنها فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله، في مؤتمر سان فرانسيسكو يوم ولادة الأمم المتحدة.
عبدالله بن عبدالعزيز في زياراته المرتقبة للأمم المتحدة، والبرازيل، والأرجنتين وفنزويلا، إنما يمثل كياناً شامخاً يعتز بموروث سياسي وتجربة دولية طويلة لها مصداقية في التعامل ووضوح في الهدف.
وعبدالله بن عبدالعزيز بما عرف عنه من صدق في التوجه ووضوح في المقصد، وشجاعة في الرأي، وما يملكه من تراث سياسي قادر بإذن الله على تحويل الزيارة إلى انجاز جديد في حقل علاقاتنا الدولية وترسيخ مصالح هذا الوطن.
|
|
|
|
|