| الثقافية
كثيرون هم الشعراء الذين غادروا دون ان يتركوا رصيداً في ذاكرة الايام وكل شاعر منهم كان يحمل قصة ابتدأت معه وانطفأت معه,, ورغم أن التنقيب هنا، وهناك لم يترك شاردة وواردة,, إلا أن المكتشف هو قطرة من بحر غاض ماؤه,.
ولست هنا في غرض البحث والتنقيب ، ولكنها خاطرة اعتلجت في الذهن حين افتقدت كثيراً من الشعراء الذين عرفتهم او مررت بهم اوسمعت لهم اولئك الشعراء الذين ارى فيهم نموذجاً عربياً يشي بمقتل كثير من المواهب والقدرات المعاصرة,, انموذجاً لحالة من التردم في الذات الشعرية التي اختزلها غبار الفوضى وانكسار درجات السلم.
سمعت ان بعضهم غزا قنوات الاتصال فوجدها مهدمة فارتد إلى نفسه يندب زمنه،وان بعضهم حرق اوراقه لانه لم يجد منفذاً لتبحيرها، وآخرون ادركوا ان زمن الشعر انتهى وحان وقت الضرب في ارجاء الارض بحثاً عن المال والطعام,.
وتذكرت قول الشاعر الحمامي الذي هجا الادب والشعر واتجه الى مهنة الجزارة حيث يقول:
كيف لا اشكر الجزارة ماعشت غلابا واهجر الآدابا
وبها صارت الكلاب ترجيني وبالشعر كنت ارجو الكلابا
وغير الحمامي شعراء كثر تركوا الشعر، وانخرطوا في معترك الحياة بحثاً عن المادة,, لاسيما في عصور التردي والتي نعيش مثالاً عليها الآن.
والسؤال الان: هل سيأتي زمن يقوم فيه الباحثون والدارسون بالتنقيب عن شعرائنا المعاصرين؟ وهل سيعطى كل شاعر حقه بعد قرون من وفاته كماحدث لكثير من الشعراء (المغمورين) السابقين؟
وإذا كان الباحثون الان يعتمدون على امهات الكتب من المصنفات في البحث والتنقيب,, فاين هي تلك المصنفات الحديثة التي تحاول جمع شتات هذا الكم المهاجر من شعرائنا؟
وإذا قال عنترة:
هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم |
نقول لم يغادر الشعراء,, فهم موجودون وكثر,, ولكنهم يتعرضون الى ابتزاز الحياة المادية,, وانكسار المحاور المعنية.
|
|
|
|
|