أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 31th August,2000العدد:10199الطبعةالاولـيالخميس 1 ,جمادى الثانية 1421

مقـالات

نوافذ
حكايات الصيف
أميمة الخميس
هل يصبح العالم أقل قسوة، والعدالة أعمق رسوخا، والبيئة أقل جفافا في فصل الصيف؟ هل يرتاح العالم من مآسيه وأزماته وطائراته المتحطمة وغواصاته الغارقة، ومؤتمرات سلم وسلام لا يستسلم.
حتى يلجأ الكتاب إلى مرحلة من الكمون الصيفي ويختبئون تحت أغطية الإجازات، وعالم لا يخضع لهدير صوت المطبعة النهمة, وان لم يكن جميعهم فغالبيتهم وكأنهم يتخلون عن ذلك المرقب القصي النائي الذي يحتوي على بئر الكلمات وينخرطون في اللجة دون تبرير او تفسير ورصف النظريات المهلهل منها والرصين والتي يعتقدون (بطوباوية) ساذجة انها ستصلح من شأن هذا الكون وستغير من ملامحه!!
وان كانت ادبيات العالم تصور فصل الصيف بانه ذلك الفصل المرح العابث ذي الالوان الفاقعة والثمار الفائرة، فهو يحمل سيرة مختلفة لدينا، وكأن طبقة الاوزون اختارت هذه البقعة كأولى بقاع القصاص للعبث غير المسؤول معها، هو فصلنا الشرس الذي احرق اطراف الاوراق والزهور في الحدائق المنزلية، وأعطب الامزجة، وخلق ساعة بيولوجية عجيبة لمدينة الرياض جعلت الناس (غالبيتهم) يستجيرون بالليل من سطوة النهار فامتلاء ليل الرياض بالسيارات الهادرة والزيارات المتأخرة التي تقارب نجوم الصبح، وبشر يتشكلون ليكونوا فصيلة (وطواطية) متطورة تهجر الضوء وتمتهن الظلام.
وفي تلك اللحظة التي يتوقف فيها الكاتب عن الكتابة فإنه فجأة وكانه لمس بقوة سحرية يتصالح بها مع الموجودات من حوله وتغادره تلك العين الملحاحة القلقة المتعبة التي تهوى اختراق الواجهات المنمقة المزركشة الى تلك الاعماق السحيقة التي تختبئ بداخلها مخلوقات الظلام وهوام الغفلة!! يصبح وادعا مهادنا وتختفي من صوته تلك النبرة المتذمرة الواعظة التي تمول وقود الكتابة!! وحريق الكلمات!! لذا يصمت الكتاب في الصيف، ويستجيرون بالامكنة الباردة القصية تلك البقاع المغموسة في البرد وزبد السحب، ويكتفي بغارات متقطعة على خزائن الروح يطهرها من خيباتها وبعض من قصاصات قديمة ورماد احلام لم يسعفه الوقت والجسد لاقحامها، الصيف فصلنا الشرير الشرس ولا نملك في حضرته سوى فضيلة الصمت وكتاب الكمون.
تركنا الصيف لمهرجانات التسوق!! تلهو برغبات الناس، واحلامهم الطارئة واليومية، وتزركش لوثة الاستهلاك، واستجرنا عن هذا بفضيلة الصمت المكلوم بامانيه، وتلفت القلب بانتظار سهيل الجنوبي، ذلك النجم الاحمر الخافق الذي هو وحده يملك ان يكفكف سطوة الصيف عن المدينة، سهيل اول بشارات الخلاص لاهل الصحراء لذا قالت العرب: (اذا طلع سهيل برد الليل وتلمس التمر بالليل) هو تماما او بشارات الخلاص.
البريد الالكتروني: Omaimakhamis@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved