عزيزتي الجزيرة
تبدو العلاقات الزوجية فضاءً دافئاً متلبداً بغيوم المشاعر المسكونة بالانتماء العذب لمجتمع أسري سعيد,, بل هي ميدان نابض بالحركة والحيوية ومليء بسباقات البذل ومنافسات التضحية,, بين شريكين يختصران مسافات الكفاح ويفتشان عن مواقع النجاح,, يقفان بشموخ أمام رياح الظروف وأعاصير الزمن,, ويقتسمان لظى المواقف وتباشير الفرح,.
من هنا باتت الحياة الزوجية خريطة مكتظة بتضاريس العطاء,, وبمواقع البناء تحت مظلة المسؤولية وعبر صدى الإحساس بقيمة الأسرة,, والشعور بدور الرعاية لتذوب كل دوائر التوتر أمام إخلاص وعزيمة الشريكين ,, أعني الزوج والزوجة,, فما أروع أن يدرك الزوجان أهمية التفاهم والانسجام من خلال لغة مشتركة وموقف موحد ليصبحا وجهين لعملة واحدة، تجسد روعة العلاقة وعمق الارتباط وكل ذلك يعكس سياسة زوجية ذات رؤية ناضجة ومتزنة تنأى عن تساؤلات الهامش في منعطفات الحياة وتتجه إلى بناء المثل في عالم الأسرة وغرس القيم وترسيخ المبادىء وتكوين أبناء صالحين وأعضاء منتجين.
نعم لم تعد العلاقة الزوجية تستجيب لأية فلسفة جاهزة أو نظرية معلبة أو تخضع للأطر الضيقة والآراء القاصرة التي تقف حائلاً دون تنوير الفكر الزوجي,, أو تعرقل فواصل النغم الماتع في مشوار الزوجية,, أدرك الزوجان أن التربية الصالحة هي مشروعهما الجميل المبارك وأن كتاب الزوجية سجل مفتوح مشرق الصفحات مليء بحوارات البذل والعطاء وهو لا يحمل طلاسم أو يقدم ألغازا أو يطرح معادلات التجريب.
نعم كانت حواء تردد حكمة قديمة أكاد أجزم أن من صاغها امرأة,, هذه الحكمة تقول: وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة وما على الرجل الناجح إلا ان يفتش عن هاتيك المرأة، التي رسمت له خطوط أمجاده الذاتية,, فسيجدها تسكن قلبه وتعيش في خياله كزوجة واعية ألهمته سبل الإبداع وربما استطاعت حواء أن تتخلص من هاجس هذه الحكمة وتفك عقدتها لتريح الرجل وتشاركه تطلعاته وأحلامه عبر إسهام زوجي فاعل وتثير معه أسئلة الكفاح,, ولم تزل تحمل بين كفيها أدوات التربية وبذور القيم ووسائل المنهج السليم لتغدو كما قال حافظ إبراهيم الأم مدرسة,,, وأنت أيها الزوج الكريم قادم ومعك ألف شمعة تُضاء وألف دائرة عطاء,, تعبىء قوارير العمل,, وتشرع نوافذ الأمل,, تحس بما يملأ ذهن أبنائك من ركام معرفي هائل وزخم معلوماتي متدفق أفرزته لغة الحضارة ليبقى دورك في التوجيه والرعاية.
عفواً أيها الزوجان,, وأنتما تصوغان مفردات البيت الزوجي المبارك وتنظمات حقيبة الزوجية أتيحا لنسيم التفاهم أن يلامس أغصان المنزل السعيد انقشا رسوم المبادىء على الجدران,, اتركا المحبة تطلق عبيرها يتضوع في أرجاء المنزل,, اجعلا شمس التضحية تذيب جليد الخلافات الطارئة,, صفّفا حروف العطاء لينشدها الأبناء لحناً عذباً عبر مثل رائعة وقيم نبيلة تظهر في سلوكهم المشرف ففي زمن العقوق تشمخ أزهار الحقوق.
محمد بن عبدالعزيز الموسى ث الشقة بريدة
|