| الاولــى
* القاهرة محيي الدين سعيد تل أبيب عمان الوكالات
يتوقف الرئيس الأمريكي بيل كلينتون اليوم في القاهرة للقاء الرئيس المصري حسني مبارك في زيارة أجمعت الدوائر الإعلامية في مصر على انها من أجل مباحثات السلام الدائرة في الشرق الأوسط ومن أجل الاتفاق على خطوات عملية لتحريك عملية السلام التي مازالت تعاني من صدمة فشل مباحثات كامب ديفيد الثانية.
وتجيء زيارة كلينتون لمصر بعد فترة قصيرة من تبادل الحملات الإعلامية بين القاهرة وواشنطن التي وصلت ذروتها في مقال الصحفي الأمريكي توماس فريدمان القريب من دوائر صنع القرار الأمريكي والتي شن فيها هجوما حادا على الرئيس المصري حسني مبارك واعتبر زيارته للرياض وتشاوره مع القادة السعوديين أثناء مباحثات كامب ديفيد معوقا لعملية السلام ومانعا للرئيس الفلسطيني عرفات من اتخاذ خطوات اعتبرها فريدمان جادة وفعالة من أجل القدس.
وسرعان ما ردت الصحف القاهرية الكبرى بحملة مضادة انتقد فيها كبار الكتاب المصريين السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط والانحياز الدائم لإسرائيل والتأكيد على عدم حاجة مصر للمعونة الأمريكية وإمكانية الاستغناء عنها في أي وقت مع التذكير بخدمات مصر ودورها المحوري الذي فرض نفسه على عملية السلام في الشرق الأوسط.
ورغم الوصف الدائم للعلاقات المصرية الأمريكية منذ استئنافها في منتصف السعبينات بأنها علاقات استراتيجية إلا ان هذه العلاقات تتعرض بين الحين والآخر للعديد من التوترات التي تصل احيانا الى حد الأزمة، وقد كان ابرز مواقف التناقض بين البلدين في الرفض المصري للغزو الإسرائيلي للبنان عام 82 واثناء اختطاف السفينة إكيلي لاورو في المياه المصرية عام 1989م، وأيضا مع مؤتمر التوقيع على معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية.
ورغم ان مباحثات كامب ديفيد الأخيرة فشلت لأسباب منطقية في مقدمتها طبيعة الموضوعات التي تناولتها هذه المباحثات لأول مرة وفي مقدمتها موضوعات القدس واللاجئين، إلا أن الإدارة الأمريكية حمّلت القاهرة ومعها الرياض أيضا جزءاً من المسؤولية عن فشل هذه المفاوضات حيث كانت ترغب الإدارة الأمريكية من البلدين في اعطاء غطاء مناسب للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من أجل تشجيعه لتقديم تنازلات في قضية القدس واللاجئين وهو ما رفضته العاصمتان العربيتان الكبيرتان وما اثار ضدهما الإدارة والإعلام الأمريكي.
ودعا هذا الموقف المسؤولين المصريين الى التأكيد على ان مصالح مصر والولايات المتحدة الامريكية ليست واحدة والتذكير بأن النظام الاجتماعي والثقافي في امريكا مختلف ويقوم على الحضارة الانجلو ساكسونية، كما ان امريكا دولة ناشئة في حين تضرب الجذور المصرية في عمق التاريخ ومن ثم فإن المتوقع هو ان تحدث بين الحين والآخر اختلافات بين البلدين مع اختلاف وترتيب المصالح من وقت لآخر بين البلدين.
ورغم تأكيد الرئيس الامريكي كلينتون أثناء زيارته الافريقية الحالية على ان هناك صعوبات مستمرة في عملية السلام في الشرق الأوسط وسعيه الى التهوين من التوقعات بشأن اجتماعه الذي تم ترتيبه على عجل مع الرئيس المصري مبارك في القاهرة اليوم إلا ان المؤكد ان لقاء الرئيسين اليوم سيدور حول عملية السلام في ظل الحديث عن مقترحات مصرية لتقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين والإسرائيليين وقد تم اجتماع مبارك وعرفات يوم السبت الماضي من اجل بحث عدد من المقترحات والتوصل الى افكار واضحة ومحددة لعرضها على الرئيس الأمريكي اليوم ليتم على اثرها تحديد ما اذا كان سيتم عقد قمة ثلاثية جديدة أم لا.
كما تتناول المباحثات العلاقات الثنائية بين مصر وأمريكا خاصة ان هناك علاقات اقتصادية وعسكرية قوية بين البلدين حيث هناك ترتيب لإقامة منطقة تجارة حرة بين البلدين وايضا استئناف المناورات العسكرية بينهما.
وتعتبر زيارة الرئيس الأمريكي للقاهرة الأخيرة له مع اقتراب انتهاء ولايته، ورغم ان هذه الزيارة لم تكن مرتبة وانما جاءت مفاجئة للكثيرين، إلا انها تحمل الكثير من الدلالات في مقدمتها سعي الإدارة الأمريكية لتصحيح ما تناولته وسائل الإعلام الأمريكية والعربية والعالمية خلال الفترة الماضية عن خلافات بين الجانبين خاصة حول قضية القدس.
كما انها تؤكد من جديد الرغبة الملحة للرئيس كلينتون لتحقيق سلام في الشرق الأوسط يرتبط باسمه ويكون سندا لخلفه آل جور في سباقه نحو البيت الأبيض، وأيضا سندا لزوجته هيلاري في سباقها نحو مقعد الكونجرس الأمريكي، وفي هذا الشأن يسعى كلينتون لتذليل كافة ما يراه من عقبات والتشاور مع العواصم المؤثرة في تحقيق هدفه الكبير وفي مقدمتها القاهرة.
وقد أظهرت الفترة الماضية مدى التأثير الاستراتيجي للقاهرة في عملية السلام بالمنطقة وذلك من خلال لقاءات المسؤولين المصريين بمسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين ومن دول اخرى لبحث سبل التقدم في عملية السلام.
ويبدو ان الإدارة الأمريكية وعت جيدا الدرس الخاص بالأهمية الاستراتيجية للقاهرة كعنصر مؤثر على الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء وهذا الأمر الذي ظهر في الترتيب المفاجئ لزيارة كلينتون للقاهرة على هامش زيارته الافريقية والإعلان عن ذلك في وقت متأخر جدا بالنسبة لهذه الزيارات.
وصار واضحا ان الاصوات التي تعالت داخل الإدارة الأمريكية وتوابعها من وسائل الإعلام المختلفة، لم تكن محقة في هجومها على القاهرة ومحاولة التهوين من دورها في الشرق الأوسط والتلويح بانتهاء اهمية هذا الدور مع انتهاء الاتحاد السوفيتي، وترى دوائر إعلامية ان الرغبة الملحة للرئيس الأمريكي لتحقيق سلام في الشرق الاوسط في هذا الوقت الذي يواكب حملات انتخابات الرئاسة الأمريكية ليسجل لكلينتون وليس ضده، ذلك أنه جرى العرف بين الرؤساء الامريكيين السابقين على عدم القدرة على طرح مبادرات كبرى في أوقات الانتخابات وذلك حرصا على ارضاء اللوبي الموجود في امريكا.
ويبدو واضحا ان الإدارة الأمريكية تحمل معها في اللقاء بالرئيس المصري مبارك اليوم مقترحات محددة لعملية السلام في الشرق الأوسط وانه سيتم البحث في كيفية المواءمة بين هذه المقترحات والتصورات المصرية حول هذه العملية للخروج بإطار عمل مشترك لدفع عملية السلام في المنطقة.
كان الرئيس الأمريكي قد اختتم زيارة لكل من تنزانيا ونيجيريا وبحث في الأولى انهاء الحرب الأهلية في جمهورية بوروندي، كما بحث في الثانية كيفية تقديم المساعدة لنيجيريا من أجل تخفيف ديونها المتوارثة من الحكومات السابقة والبالغة 40 مليار دولار، وكذلك المساعدة في اصلاح اقتصاد نيجيريا للوصول بها الى ان تصبح آلة التنمية الاقتصادية في افريقيا وذلك على حد تعبير كلينتون.
على الصعيد نفسه ذكرت تقارير امس الاثنين ان صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين للمفاوضات الانتقالية نفى ان تكون الافكار المصرية لجسر الهوة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي تضمنت اقتراحا بتقاسم السيادة على المسجد الأقصى.
وقال عريقات في تصريحات لصحيفة القدس الصادرة في فلسطين امس بعد اجتماعه ليلة الاحد - الاثنين مع شلومو بن عامي وزير الخارجية الإسرائيلي بالوكالة ان الموقف المصري يقوم على اساس تنفيذ قرارات الشرعية الدولية 242 و338 وعلى أسس وركائز محددة حسب ما وردت في مؤتمر مدريد ووفق ما وقع عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك في شرم الشيخ .
وكان بن عامي قد صرح يوم الاحد ان اسرائيل رفضت مقترحات مصرية تتعلق بكسر الجمود الحالي حول قضية القدس وقال ان إسرائيل لن تقبل المقترحات المصرية الخاصة حول القدس في مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية .
وكان مصدر فلسطيني رفيع المستوى قد صرح أمس بأن الرئيس المصري حسنى مبارك كلف مستشاره السياسي الدكتور اسامة الباز بتشكيل فريق عمل يضم عددا من أبرز الخبراء والدبلوماسيين واساتذة القانون الدولي لصياغة مشروع اتفاق حول قضايا الخلاف بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وقال المصدر في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية ان مشروع الاتفاق سيصاغ بالاتفاق مع الجانب الفلسطيني في إطار المقترحات المصرية التي قدمت الى الجانب الفلسطيني، مشيرا الى ان الرئيس مبارك عرض على الرئيس ياسر عرفات هذه المقترحات اثناء زيارة الأخير للاسكندرية يوم الاثنين الماضي.
وأضاف ان عرفات عاد الى مصر يوم السبت الماضي برد مبدئي على تلك المقترحات إلا ان المصدر لم يكشف عن فحوى هذه المقترحات.
وحسب المصدر فقد تقرر خلال اجتماع عرفات ومبارك بالاسكندرية الاتفاق على استمرار العمل حتى نهاية الاسبوع الحالي تمهيدا للصياغة النهائية لمسودة الاتفاق.
وأضاف ان الجانب الفلسطيني سيعرض مسودة الاتفاق النهائية على الولايات المتحدة خلال اللقاء المنتظر بين عرفات والرئيس الأمريكي بيل كلينتون في سبتمبر المقبل على هامش قمة الألفية الثالثة التي ستعقد في الأمم المتحدة.
وكان عرفات قد صرح لدى عودته الى غزة قادما من مصر الليلة قبل الماضية بأنه سيطلب من كلينتون خلال لقائهما في نيويورك بأن يأتي الى هنا ليرفع العلم الأمريكي على السفارة الأمريكية في القدس الشريف عاصمة الدولة الفلسطينية .
وكشف المصدر ان عددا من المستشارين المصريين عكفوا منذ مطلع الشهر الجاري على إعداد وفحص خرائط وبيانات تفصيلية تتعلق بمدينة القدس الشرقية وذلك بهدف التوصل الى أدق التفاصيل بشأن مسودة الاتفاق المرتقبة.
وتوقع عقد قمة مصرية أردنية في وقت قريب لمناقشة المقترحات المصرية الفلسطينية ونتائج المباحثات التي عقدها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في تل ابيب مؤخرا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك.
من جانبه نفى رئيس وزراء الأردن علي أبو الراغب اول أمس الاحد تقارير إعلامية تحدثت عن تقدم عمان باقترحات تتعلق بمدينة القدس.
وأكد ابو الراغب أن الأردن ليس طرفا في المفاوضات الجارية بشأن مستقبل المدينة المقدسة.
وقال رئيس وزراء الأردن للصحفيين الأردن لم يطرح اقترحات بشأن القدس ولسنا طرفا مفاوضا في هذه القضية .
وكانت تقارير واردة من إسرائيل قد ذكرت ان عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني تقدم باقتراحات خلال لقاءات منفصلة مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وإيهود باراك رئيس وزراء إسرائيل تتعلق بالقدس، وتشكل القدس القضية الرئيسية في محادثات الوضع النهائي بين إسرائيل والفلسطينيين.
|
|
|
|
|