بمزيد من الأسى والحزن علمت بوفاة الأديب العملاق والشاعر الفريق يحيى بن عبدالله المعلمي الذي غادر ساحة الأدب واللغة والشعر مأسوفاً عليه والذي كان معنا في ساحة الكلمة والشعر واللغة مفردات وأدباً وكان معنا في الاثنينية منذ بدئها إلى آخر لحظة من حياته الغالية التي قضاها مدافعاً عن اللغة العربية وأدبها لغة وشعراً وقضاها (أي حياته) بلسان ذرب وفصاحة بالغة,, كما قضاها مدافعاً عن وطنه ويكفي أنه كان من الرجولة في درجة سامية وهو يختار في الجنادرية متحدثاً وشاكراً ومشكوراً على جهوده في حب دولته وخدمة وطنه الغالي المملكة العربية السعودية وهو لها في كل ما يدور حول حب الوطن العزيز,, والكل يذكره في حبه للوطن ويذكرون ما قام به في المرور والأمن من العمل الجاد والخدمة الصادقة,, لقد شبّ طالبا ومعلما وفريقا والوطن على لسانه وفي فكره وفي كل أمره وفي حركاته وسكناته,, فتعزيتنا للدولة التي عهدت منه هذا الكفاح الباهر والحرس الساهر شعراً وأدباً ولغة,, ومشارك في كثير من المؤتمرات والاجتماعات والنوادي في كافة أنحاء الدولة, جعل حبه للغة العربية دفاعاً عن كل ما يحبه في هذا السبيل من سوء,, ويتفانى في هذا الدين بقوله وشعره وفكره وأدبه,, في الندوة الأدبية في الجنادرية كان موقف الشيخ الفريق يحيى المعلمي عظيما في ذلك المحتفل الرائع في الجنادرية الواحة الحسية,, هذا ويستحق أن يسمى بأنه حارس للفصحى وأنه سيف من سيوف اللغة العربية في هذه الأمة,, ولقد عاش الفريق يحيى حياة عريضة - رحمه الله - وأسكنه فسيح جناته وأموات المسلمين، حياة أعطت مساحات واسعة وارتقت طبقات متعددة, عرفه الأدباء أريباً ذا حسٍّ أدبي اسلامي مرهف واطلاع واسع وعميق, وعرفه الكتاب كاتباً قلباً نابضاً جاداً,, يترفع عن سفاسف الأمور وصغائرها,, وعرفه العسكريون ضابطاً منضبطاً وقائداً مخلصاً لدينه ثم مليكه ووطنه,, فقد كان للرجل سمة جامعة هي عين ينبعث منها كل هذه العطاءات والقدرات، بل هي كانت إطاراً يضم سهام شخصية الفريق - رحمه الله - ذي المواطنة الحقة,, لقد كان يحيى مواطناً صالحاً مثالياً بدون تكلف وكانت الدولة وكان الوطن والمواطن محور فكره,, ومدار كتاباته,, لقد كان يحيى يعالج الأمور والهموم في مجتمعنا بقلم مسلم موفق يغار على القرآن ولغته وعلى السنة وجوامع كلمها,, لقد كان يحيى يرى عزة الوطن في عزة دينه الحنيف ويرى عزة الدين في المجتمع أن يكون لسانه لسان القرآن والسنة، لذلك فطالما سخر لسانه وقلمه لترسيخ الفصحى والذود عنها وتحمل في سبيل ذلك من الأذى ما الله به عليم.
لقد عرفت المعلمي مثل ما عرفه أي مسؤول أو مواطن طوال حياته العملية وفي السنوات الماضية نمت بيني وبينه علاقة شخصية سداها المحبة والتوافق في الشعور والاحساس بأدبه في اللغة العربية والكتاب والسنة وأجد في وفائه وكأنه جزء منى,, ولا أنسى حسن تربيته لأبنائه الذين كان يتابعهم عندما كنت مديراً لمعهد الأنجال,, والحمد لله فقد شاهد في أبنائه خيراً,, آملاً أن يستمر الوفاء من الأب إلى الأبناء كما هو حاصل من ابنه القدير عبدالله,, آملاً أن يكون عزاؤنا في أبنائه وفي أسرته الكريمة,, مكرراً ومشيداً لمسة الوفاء من هذه الدولة قبل وفاته من خلال الجنادرية, متذكراً تلك الأيام التي كان يدير فيها اثنينيتنا بكل اقتدار وتمكّن,, حيث كان الابن بندر بن عثمان المشرف على الاثنينية يأخذ رأيه واستشارته في كثير من الأمور التي تهمُّ الاثنينية, حفظ الله لنا دولة الوفاء في بلد الوفاء, ويعلم الله فقد فقدت عزيزاً,, وصديقاً,, ووفيّاً,, وحبيباً,, رحم الله الفقيد وبارك في عقبه.
عثمان الصالح
|