أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 29th August,2000العدد:10197الطبعةالاولـيالثلاثاء 30 ,جمادى الأول 1421

فنون مسرحية

الدكتور السعدون يتساءل مسرحياً ويتعجب ثقافياً ويتحدى جماهيرياً
الجمعية تبعث الإداري خارجياً وتترك المسرحي في مكتبه
** أكد الدكتور حزاب ثاني السعدون استاذ الدراما والنقد المسرحي بجامعة الملك سعود الذي التقته الصفحة في مكتبه ان الحديث عن المسرح السعودي بلا فعل حقيقي يظل كلاما في الهواء,, واستطرد الدكتور السعدون بصراحته المعهودة ان التلفزيون السعودي نمّط نفسه في المجال الثقافي وأضحى عاجزا عن المنافسة الفضائية، وتحدى ان يحضر اي مسرحية عربية ألف مشاهد مثلما هو الحال في مسرح جامعة الملك سعود .
الدكتور السعدون الحاصل على شهادة الدكتوراه في الاعلام من الولايات المتحدة والصحفي السابق يدعو الى دعم رسمي للمسرح حتى يقف على قدميه ثم يدعمه القطاع الخاص, اللقاء الصحفي الذي جمعنا به جاء ثريا في كثير من قضايا المسرح ناقشها السعدون برؤية محايدة هدفها ايجاد موقع لائق للمسرح السعودي الذي يجد عقوقا من الكثيرين.
,,,,,,,,,,,,,, ؟
عند النظر للمهرجانات المسرحية يجب ألا نفصلها عن خصوصيتها، هذه الخصوصية تنبع من كون العمل المسرحي الموجه لغرض ما ولمناسبة معينة ولعرض في اكثر الحالات مرة واحدة وفي بعضها يتم عرض العمل مرتين لا اكثر وهذه الاعمال تصبح بطبيعتها نخبوية مهما كان الادعاء بغير ذلك ومن اية جهة, فالمهرجانات نخبوية تقدم فيها الفرق المسرحية او الدول افضل ما عندها ودائما تتخذ صفة التجريبية سواء من حيث استخدام الاضاءة او الفراغ المسرحي او حركة الممثل وغير ذلك من عناصر العرض المختلفة وهذا بطبيعة الحال لا يمكن أن يؤدي الى جماهيرية.
,,,,,,,,,,,,,,؟
عملية التقويم خاصة في الوطن العربي تخضع لاعتبارات غير فنية والمشاركون قبل غيرهم يعرفون ان هناك مجاملات سياسية في عملية التحكيم وفي اعتقادي الشخصي ان المشتغلين بالمسرح في المملكة العربية السعودية يحتاجون الى الاطلاع على هذه التجارب التي تحشد في مكان موحد وزمان محدد لكي يتابعوا ما يجري في العالم، فهنا بغض النظر عن اي شيء آخر سواء من حيث مستوى المعروض او التحكيم نرى أن المسرحي السعودي بحاجة اكثر من غيره للاطلاع على خمسين عرضا مثلا تحتوي كافة تجارب العالم المسرحية لأن المسرحيين العرب الآخرين لديهم فرص اكبر للاطلاع على هذه التجارب حيث باستطاعتهم دعوة الفرق المسرحية المختلفة لعرضها اما نحن في المملكة فلنا خصوصيتنا التي لا تتيح لنا مثل هذه الفرص ومن هنا يجب على جمعية الثقافة اتاحة اكبر فرصة للمسرحيين السعوديين لحضور مثل هذه المهرجانات خارج المملكة لاثراء التجربة المحلية وإلا فسنبقى معزولين عن اي تقدم مسرحي يذكر ومن هنا فنحن السعوديين قد نكون اكثر المستفيدين من المهرجانات ولكن بشرط اعطاء فرصة المشاركة للمسرحيين وليس الموظفين فنحن نتعاطى مع عمل ابداعي ومبدعين وليس موظفين مهمتهم المسائل الادارية.
,,,,,,,,,,,,,,,؟
لا يمكن لاي عمل إبداعي يتسم بالعمل الجماعي والتكلفة المالية العالية ان ينجز بدون دعم رسمي وخاصة البدايات، فالمؤسسات الحكومية اولا ثم القطاع الخاص ثانيا تقبلان بدعم العمل المسرحي وتأصيله وتقديمه للجمهور المتعطش للمتعة البريئة، فنحن مثل بقية شعوب الارض .
لا شك ان لدينا مواهب وان هذه الارض تنبت مبدعيها مثل اي شيء آخر ولكن كيف تتم رعاية هذه النبتة فهذا يختلف من بيئة الى اخرى.
نحن ما زلنا في البدايات ومطلوب من الجهات الرسمية الشيء الكثير لاثراء الابداع ولا يمكن اختزال تجارب الآخرين، فالآخرون مروا بتجارب فردية ثم تبنت الدولة ابداعهم واسهمت في تطويره وترسيخه وبعد رحلة النضج يمكن ان يترك للقطاع الخاص .
يجب ان نبدأ بدايات صحيحة فهناك دول صغيرة تنفق على المسرح الكثير وهى ليست بحجم المملكة ولا بقامتها من حيث المكانة السياسية او الاقتصادية او عراقة التاريخ.
ان العمل الابداعي من وجهة نظري ينمو ويزدهر في المجتمعات المستقرة سياسيا واجتماعيا لأنه المناخ الأمثل للابداع ومع تنامي عدد السكان والوفرة المالية يبقى العمل الابداعي مطلبا يحتاج الى تضافر كل الجهود لانجازه,
فالمجتمع السعودي بعد ان وحده الملك عبدالعزيز وأرسى أسس الدولة العصرية لم يعد تلك المجتمعات الصغيرة التي تنتقل بخيامها من مكان الى آخر وتتقاتل من اجل لقمة العيش .
هذا المجتمع بعد التوحيد اصبح يحظى بنسب تعليم عالية جدا وبمستوى صحي متقدم بسبب ما توفره له الدولة أيدها الله من خدمات متقدمة لا يحلم بها مواطنو الدول الأخرى، هذا كله يجب ان ينعكس على العملية الابداعية والا يصبح هناك خلل في تفكيرنا.
,,,,,,,,,,,,,,,,؟
هنا ندخل في عملية جدلية صعبة من يبدأ ومن يؤازر الآخر, أولا يجب ان تكون المفاهيم واضحة بالنسبة للمشتغلين بالابداع والاعلام, والجمهور المتلقي من وجهة نظري الخاصة يجب ان يفرق بين مفهوم الاعلام ومفهوم الثقافة وما الدور الذي يجب ان يضطلع به كل جانب فالثقافة ومنها الابداع تحتاج الى بناء تحتي عميق اي الى عملية معرفية تراكمية طويلة فلو أخذنا مسألة العرض المسرحي فأنت تحتاج الى مهندس ديكور ومهندس اضاءة ومهندس صوت، ومصمم ديكور ومنفذ وغير ذلك من العناصر التقنية التي لا بد من تعليم وتدريب كل هؤلاء الذين ينفذون العمل ناهيك عن الموسيقى.
هنا نتساءل كم من الوقت والجهد الذي يتطلبه ايجاد مثل هذه النوعية من المختصين, إذن انت تحتاج في هذه الحالة لمعاهد متخصصة لتخرج مثل هذه النوعية او تبعث الى الخارج، فالعملية الثقافية ليست بالبساطة فهم ايضا يحتاجون الى بعد زمني حتى يبدعوا في عملهم .
كذلك كيف تستطيع ان تنتج كاتب رواية، كاتب مسرحية، فناناً تشكيلياً متميزاً، موسيقياً ممثلاً، مؤدياً، وهنا العمل الابداعي والعمل الثقافي المتميز يحتاج الى بنية تحتية، هذه لا يمكن ان تنتجها بغمضة عين.
الرئاسة العام لرعاية الشباب متمثلة في جمعية الثقافة والفنون مطلوب منها ايجاد هذه البنية او اي جهة مركزية تكون مسؤولة عن ايجاد هذا التراكم، اما مسؤولية الاعلام فهي نشر المنتج المتراكم وترويجه وايصاله للناس,
وطبيعي ان وسائل الاعلام سوف تبث ما هو موجود ولن تستطيع ايجاده من العدم وكلما كان هذا المنتج الابداع غزيرا كانت مهمة الاعلامي الانتقاء من بين هذا الكم ومن هنا يكون العمل الابداعي متميزا وذا قيمة انسانية عليا وتخلق مناخا من المنافسة البناءة والمستمرة والتي تعود بالنفع على الجميع وترفع مكانة الوطن ومكانة انسان هذا الوطن في عيون الآخرين وهذا بدوره ايضا يعطي الدولة ككل مكانة اكبر في العالم على كافة المستويات بما في ذلك الجوانب السياسية والاقتصادية مع ان الكثيرين يعتقدون انه علاقة بينهما, نحن عشنا التجربة عندما تأهل فريق كرة القدم السعودي في اولمبياد لوس انجلوس عام 84م حيث رأينا في عيون اساتذتنا وزملائنا وجيراننا في الولايات المتحدة الامريكية والدولة التي استطاعت ان تنهض بكرة القدم حتى هذا المستوى المشرف على مستوى العالم قادرة على ان تخلق مناخاً للابداع سواء المسرح او غيره.
,,,,,,,,,,,,,,,,؟
طبيعي ان ينشأ خلط بين مسرح الكبريهات وبين المسرح الجاد وعلينا ان نطرح السؤال على انفسنا، ماذا يشاهد المتلقي وما هي السبل لايصال عروض مسرحية ذات قيمة فنية عالية فأكثر الانتاج المسرحي غير السعودي بالطبع مسرح يعتمد على شباك التذاكر ونجومية الفنان والفنانة مع بعض الاستثناءات كمسرح عادل امام ومحمد صبحي في جمهورية مصر العربية, والغريب في الأمر ايضا ان العروض المسرحية الهابطة في القاهرة تعرض في وقت الصيف وبأسعار لا يستطيع المواطن المصري العادي حضورها، فهي تقدم في اغلبها لجمهور خليجي تنقصه الذائقة الفنية الراقية، والاعلام وبكل اسف لم يسهم في ازالة هذه الصورة، فهناك عروض مسرحية تقدمها جامعة الملك سعود, صحيح ان الجيد فيها قليل، ولكن بكل أمانة وصدق نرى ان الجامعة تقدم على الأقل ثلاثة عروض سنوية على مستوى فكري وطني رفيع جدا فيما التلفزيون لا يبالي بمثل هذه النشاطات,
وأنا لا أريد ان انتقد التلفزيون السعودي لمجرد النقد ولكن للأمانة نرى ان الاعلام السعودي ما زال اعلاما تقليديا فيما يتعلق بالثقافة، فلم يستطع مواكبة الاحداث الثقافية او السعي الى تحريك الركود الثقافي السائد عن طريق الركض وراء كل ما هو مفيد فيجب على الاعلام الانطلاق والحد الأدنى من المرونة والحركة لكي يقوم بدوره في مناح تنافسي فضائي رهيب الا انه ما زال يقدم أقل مما هو مطلوب، فهناك اعلام يصنع من لا شيء اشياء مبهرة للآخرين اما اعلامنا فعلى قدر ضخامة المنجز فانه يقدمه باقل من واقعه وهذا شيء مؤلم.
فالاعلام يحتاج الى انطلاقة اكبر وليس التعامل مع قوالب اعلامية جامدة, فالاعلامي يجب ان يبحث وينقب عن المفيد والجديد ولا يقتصر على تقليد الآخرين، وهكذا نجد انه من السهل تقديم برنامج على الهواء مثل المحطات الفضائية الاخرى ولكن من الصعب ان يحكم على عمل فني جيد ام لا.
ما الذي يمنع من تصوير المسرحيات التي تعرض في الجنادرية او جامعة الملك سعود ومن ثم انتقاء ما هو قابل للعرض ام ان الاعلامي لا يستطيع ان يقوم بهذا الدور ويكتفي بالشراء مما هو متوفر في السوق من انتاج غير سعودي ولا يفهم من هذا انني ضد الانتاج المتميز من اي مكان في العالم ولكن من يستطيع ان يقيم الأعمال وهذا هو السؤال.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,؟
نحن نحتاج الى جهة رسمية لرعاية المسرح والى دار عرض متخصصة تقدم فيها العروض المسرحية يوميا حتى يتعود الجمهور على ارتيادها بتذاكر معقولة والتكلفة تدفعها مؤسسات الدولة الثقافية جمعية الثقافة والفنون ، بهذا نستطيع ان نخلق جيلا مسرحيا وأعمالاً ابداعية.
فمن يصدق ان عاصمة كالرياض تحتضن أربعة ملايين نسمة وجامعات وهيئات ديبلوماسية وعاصمة للثقافة العربية ولا يوجد بها دار للعروض المسرحية الدائمة وعلى مستوى تجاري ايضا.
إن من يشاهد جمهور العروض المسرحية في جامعة الملك سعود حيث يصل الحضور الى ما يقارب الف متفرج في كل عرض وانني اتحدى أن تجد مثل هذا الجمهور على مستوى الوطن العربي على الأقل ولكن أين العروض ,,, ؟!!، يجب ان تكون هناك جهة تتولى الاشراف والتنظيم والانفاق وايضا الحصول على المردود المالي، وبغير ذلك يكون الحديث عن التجارب المسرحية السعودية والاخراج وما الى ذلك من عناصر العرض كلاما في الهواء لا يسمن ولا يغني من جوع، مع تمنياتي للجميع بالتوفيق وانا متفائل بمستقبل ابداعي زاهٍ لهذا الوطن وأبنائه وسوف يثبت ذلك المستقبل القريب واتمنى ان يكون قريبا جدا.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved