|
| وَرّاق الجزيرة
تروى مقولة قديمة عن أحد أعلام المسلمين في العلم والتربية وهو الإمام أيوب بن تميمة السختياني حيث قال فيما رواه عنه الإمام الدارمي في (سننه أو مسنده على خلاف في صحة الاسم) يقول هذا العلم الجليل لا تعرف خطأ معلمك حتى تجالس غيره .
وهنا يتحدث أيوب السختياني فيما نقل إلينا عنه عن ظاهرة قديمة حديثة موجودة في كثير من الأوساط العلمية بجميع أشكالها وتخصصاتها على مر الأزمنة والعصور وتعدد المكنة والبقاع، هذه الظاهرة تتمثل في ذلك الطالب الذي يتتلمذ على شيخ له أو أستاذ واحد دون سواه من الأساتذة والعلماء فينظر إلى جميع الأمور صغيرها وكبيرها بمنظار شيخه سواء كانت في النحو أو التاريخ أو الأدب أو غير ذلك من العلوم، سواء كانت في إطار اهتمام ذلك الشيخ أو في مجال قراءته فقط.
فيرشد السختياني إلى أهمية تعدد مصادر المعرفة والمعلومات وعدم الاقتصار على مصدر واحد مهما كانت درجته وأهليته، فمن المستحيل أن يكون هذا المصدر الواحد على درجة واحدة من القوة في جميع العلوم، إلا حالات قليلة ونادرة تعد على أصابع اليد الواحدة إضافة إلى أن الاقتصار على مصدر واحد مؤد لا محالة إلى التعصب له ولأقواله دون غيره ممن يوازيه أو يفوقه في العلم والمعرفة، والتعصب كما لا يخفى ظاهرة خطيرة من أبرز نتائجها القضاء على روح العلم والبحث والتفرغ للانتصار لحظ النفس وإسقاط الخصم على كل الأحوال دون النظر إلى العلم والحقيقة أين وجودهما!.
فمن هنا جاءت هذه النصيحة من أيوب بن تميمة السختياني لكل متلق للعلم والمعرفة في كل مكان وزمان بأن يعدد مصادره المعرفية والعلمية دون الاقتصار على مصدر واحد وفي الوقت نفسه على التلميذ أن يحترم الجميع ممن تلقى عنه العلم أو لم يتلق عنه العلم فالعلم هو أجل وسيلة لتهذيب النفس وتواضعها من أجل الوصول إلى سمو المعرفة التي تجعل من صاحبها راقيا إلى المراقي.
ولا يعني الدعوة إلى تعدد المعرفة أن يكون التلقي كلأ مباحا لكل من هب ودب فمصادر العلم والمعرفة لها علامات ورايات يستطيع المتلقي أن يصل إليها بالاستشارة والسؤال وان يعرف مواقعها من خلال الطرق المتبعة في ذلك.
|
|
|
|
|
