| عزيزتـي الجزيرة
الأمة الإسلامية بحاجة ماسة في هذا العصر إلى أبنائها المثقفين من الأدباء والنقاد الذين أفنوا أعمارهم في أسفار طويلة يتنقلون فيها بين المحطات الثقافية القرائية والأدبية,, لأن هذه الأسفار الطويلة والرحلات البعيدة في الأساليب والأفكار والثقافات صنعت وجهزت لهم الآلات التي تمكنهم من الاقتحام والاستخلاص والاستنتاج فنحن في هذا الوقت بأشد الحاجة إلى أفكار هؤلاء المتسعة وعقولهم النامية الراقية ولايفهم من كلامي أن الأمة بحاجة إلى كل مثقفيها لتوجيه نشأتها وتسيير مركبتها لا,, فالأمة الإسلامية مليئة بالمثقفين والمفكرين المنحرفين والمعترضين,, وإنما أقصد الأدباء والنقاد الإسلاميين الملتزمين بتعاليم دينهم الذين ينطلقون من الكتاب والسنة والذين استهلكوا الحبر واستنفذوا الورق في الدفاع عنها والوقوف في وجه أعدائها ربما ان هذا العصر عصر الفكر عصر التوجيه والتسيير فليس عصر الانزواء على قصيدة أو رواية واستخلاص أفكارها والتفنن بالحديث عن جمالياتها.
فإنني من هذه السطور أدعو كل أديب أو ناقد إسلامي أدمى آذاننا في تحليل قصيدة أو المطاردة والركض خلف أشخاص رواية,, ان يلملم آلاته ويرحل بها إلى معترك الساحة الصاخبة والمضطربة,, حيث أمته وأفراد عائلته هم بأمس الحاجة إليه بحاجة إلى التوجيه والإرشاد,, والدكتور حسن الهويمل وإن كان يقف على ثغر إسلامي في ردوده على المحدَثين إلا أنه أدرك ان الانزواء والانكفاء لا يجلب للأمة الشيء الكثير فلابد من النزول إلى الساحة وتحريك فكر الأمة واستنهاضها.
وفعلا تحرك الدكتور الهويمل ولملم حاجياته وآلياته الأدبية والنقدية ونزل بها إلى ساحات الفكر حيث النشء مشتت الفكر مضطرب التفكير وهو بحاجة إلى من يزيح عنه العتمة وينير له الطريق للخروج من المأزق الحضاري ومسابقة الآخر والتكيف معه ,, فما الفائدة من الشهادات والوصول إلى أعلى المراتب وقد انغلق على نفسه وجمد فكره ولم يحرك ساكنا في أمته فهذا العصر ليس عصر (الدال) والتباهي والتناقض بل عصر الإنتاج والتحريك والإبداع، والنقلة التي انتقلها الدكتور الهويمل من النقد الأدبي إلى النقد الفكري هي حقيقة نقلة كنا نبحث عنها ومتعطشون لها ونتمنى من أصحاب الأقلام المنزوية أن يسلكوا مسلكها وينهجوا نهجها ,, ونلمس هذا التحول من النقد الأدبي إلى النقد الفكري في المقالات المتتابعة والمتلاحقة اللاتي نشرن في جريدة الجزيرة,, ومن خلال متابعتي لهذه الأطروحات تكوّن عندي رؤية حولها وهي ان الدكتور في (العولمة,, وثقافة التقنية) وضع يده على مكان الألم وموضع الداء فقد شخّص الوجع والخلل في الأمة ولكنه لم يفتح لنا الباب ويرسم لنا الطريق الذي نسلكه في سباقنا مع الآخر فالتغني على الآلام والصراخ والضجيج حوله لن يفيد أمتنا في شيء ولن يضمد جراحها ويروم صدعها وهي قد ملت الوصفات والتقارير الطبية وتبحث عمن يمسك بيدها ويخرجها من هذه المعمعة وهذا الاضطراب ليدخلها إلى ثقافة الآخر من الأبواب.
خالد عبدالعزيز الحمادا بريدة
|
|
|
|
|