| الاخيــرة
كتبت مقالاً في جريدة الجزيرة بتاريخ 11/5/1421ه عن زواج زميل، ذكرت فيه ما أبداه ذلك الزميل من مشاعر السعادة بعد التثنية، وما لقيه في شهره الأول من غبطة متناهية، وذكرت رأيي فيما ذهب إليه، وعزوفي عما أقدم عليه، مستشهداً بأبيات شعرية تقول:
تزوجت اثنتين لفرط جهلي لما يشقى به زوج اثنتين فقلت أكون بينهما خروفاً ينعَّم بين أجمل نعجتين فكنت كنعجة تضحي وتمسي تداول بين أخبث ذئبتين رضا هذي يبين سخط هذي فلا أخلو من احدى السخطتين |
وهاتفني الأخ والصديق العزيز الأديب المعروف الأستاذ/ حمد القاضي، معلقاً على المقال رافعاً راية الاستسلام، عازفاً عن الإقدام، وعقدنا ندوة عبر الهاتف حول الموضوع وأبدى كل منا ما لديه من أسباب ومبررات.
وفي ثنايا الحديث عن الموضوع، أورد الأخ الاستاذ/ حمد قصيدة لأحد الشعراء يحكي تجربته السعيدة مع الزوجتين راداً بذلك على القصيدة آنفة الذكر، ومع تأييدنا المطلق لصاحب القصيدة الأولى، إلا أنه كان لزاماً إيراد القصيدة الثانية لمن وجد ضالته في معانيها.
تزوجت اثنتين لضيق صدري بما يشفى به زوج الوحيده وقلت: لقد تخمت لفرط جهلي ثريداً لا أمل من الثريده فصرت كطائر في كل يوم أبو أعرش مملكة جديده رضا هذي ينبه ود هذي فتجهد في اجتذابي مستزيده بهذي جولة، وبتلك أخرى كذاك,, تمر أيامي السعيده فيا من شئت أن تحيا سعيداً عليك عرضت تجربة أكيده فخذ نصحي، ولذ بسديد قولي ودع ما قيل في تلك القصيده |
وبعد هذا كله رأينا أن الحكمة ضالة المؤمن، والسياسة فن الممكن، والتوفيق بيد القادر المهيمن, وأن المرء إما طالب شأو طامعاً في نيله، أو ساعياً إلى دعة مجانباً لغيره، أو هو بينهما بقدر من التفاوت, وأيقنا أن لكل أريب مأرباً، ومأربه نابع من خِلاله وحاجته، فما وافقه كان إلى قلبه أقرب, فالمدرك يعلم أن الموحّد في الزواج قانع بما لديه، راضٍ بما بين يديه، مستمتع بما خلص إليه، والمثني أو المثلث أو المربع رأى بأم عينه في كل مرحلة من تجربته ما أمكنه إدراكه من محاسن ومساوئ فاستمر على حال بذاتها، أو استبدالها بغيرها، بما يوافق مبتغاه.
والناس على اختلاف مشاربهم يأنسون بالحديث عن الزواج، أما حقيقة مشاعرهم فهم في ذلك مختلفون فمن رزق من ارتضى، وطابت نفسه بما أوتي، فلن يرى في التثنية ألا مزيداً من العناء، ولن يلتفت إلى اخرى، فهو مؤمن بأنه سوف يعطيها وتعطيه من السعادة أكثر مما سيجنيه في وجود الثانية، ومن منطلقه هذا يعيش في هدوء وطمأنينة في وجود زوجة صالحة حريصة على رعايته والقيام بواجبه.
قال الشاعر:
وغنى النفوس هو الكفاف، فإن أبت فجميع ما في الأرض لا يكفيها |
والمثنِّي رأى في التثنية بلوغ المرام، واعتقد أن ما هو آت خير مما كان، فأقدم وأشرف بنفسه على نتائج فعلته.
د, محمد بن عبدالرحمن البشر
|
|
|
|
|