| أفاق اسلامية
كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه ، هذا هو الحديث الشريف الذي نطق به خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو ينطق بالحقيقة البيضاء الساطعة، ألا وهي ان الانسان يولد كالصفحة البيضاء، ومن ثم تأتيه التأثيرات من محيطه، وبالأخص من والديه لتنعكس عليه تلك التأثيرات فكراً أو ثقافة وعملاً وذوقاً وأخلاقاً، فان كان المؤثر خيراً انعكس خيراً، وان كان لا سمح الله شراً كانت النتائج لا تحمد عقباها، ويزداد الأمر خطورة وأهمية عندما نتحدث عن العقيدة والمعتقد، والعقيدة هي أهم ما بحياة الإنسان؛ لأنها هي التي تأخذ بيده نحو السعادة أو الشقاء في الدنيا والآخرة.
لقد بعث الله تعالى نبي الأمة صلى الله عليه وسلم بالدين الحق للناس كافة ولكل زمان ومكان، ودين الحق يتوافق مع الفطرة السليمة، بل هو تلك الفطرة دون حياد عنها ودون بُعد عنها، انه الصرط المستقيم الذي لا يضل من تمسك به، أو التحق به، واعتصم به، السيدة ميلاني زهيرة ماك كول هي احدى النساء على وجه البسيطة والتي أدت بها بيئتها الكاثوليكية لأن تكون كاثوليكية، ولكن ليست هذه نهاية المطاف، فالفطرة السليمة لا تنام كلية، بل تبقى تلح على صاحبها لتوقظه من فترة لأخرى.
لقد كانت تلك السيدة ترى الطقوس والعبادات والكنائس الكاثوليكية، كما كانت تعايش ابناء جلدتها وقومها وكثير منهم يذهبون إلى الكنيسة ويمارسون السلوكيات النصرانية، كما كانت تعرف تماما العقائد والعبادات بدين اهلها، ولكن كل هذا لم يكن ليشبع نفسها ويقر عينها ويريح بالها، حيث كان هناك شيء اسمى واعظم لم تستطع كل تلك التعاليم الراسخة في مجتمعها ان تبعدها عن البحث عنه، وبقيت الفطرة السليمة تأخذ بيد تلك السيدة حتى اوصلتها للحقيقة.
لقد كتبت أختنا السيدة ميلاني مقالا في نشرة نقطة التقاء الصادرة عن المؤسسة الاسلامية في ليستر ببريطانيا في العدد الصادر عن شهر يونيو 2000م تحت عنوان اطلالة على عالمي تحدثت عن حياتها، وكيف كان عندها اهتمام بتعلم اللغات وثقافات الشعوب الاخرى، حتى انها درست اللغات والعلوم الانسانية الاجتماعية في الجامعة، وفي الجامعة تعرفت بشاب كان يشاطرها نفس الاهتمام، وبمرور الوقت تم الزواج, لقد شاءت ارادة الله تعالى ان يهيىء لها من يهديها نسخة من معاني القرآن الكريم، وصارت تلك النسخة اقرب صديقة لنفسها، فكانت تقرأ فيها بانتظام وشيئا فشيئا وجدت فيها بغيتها وضالتها المنشودة، وشعرت بإرواء الظمأ.
لقد أصبحت سلوكيات تلك السيدة سلوكيات واخلاق الاسلام، وطبقت ذلك قولا وعملا ولسنوات عديدة قبل ان تشهر اسلامها، وتنطق بالشهادة.
وكان صيف العام 1999م حاسما في حياة ميلاني زهيرة حيث آن الأوان وحانت الفرصة وأذن الله تعالى بان تنضم الى قافلة المؤمنين الموحدين والعباد الصالحين - بإذن الله - لقد نطقت بكلمة الحق، واعلنتها عالية خفاقة ان: لا إله إلا الله ,, محمد رسول الله ، وصارت نورا يشع في بيتها وحوله، لا بل في كل مجتمعها وبيئتها، ولم تكن الا اشهر قلائل، وأتى شهر أيلول (سبتمبر) من نفس العام ليحمل بشارة اكبر، فقد اعلن زوجها اسلامه ونطق لسانه بالشهادة، وصار الاسلام دينا لتلك العائلة حاملا معه السعادة لها في الدنيا والآخرة.
وتستمر قافلة النور والخير حافلة الهداية بإذن الله ، ففي شهر آذار (مارس) من هذا العام 2000م اشهرت والدتها اسلامها، ونطقت بالشهادة، وبعدها شهد والدها بالحق، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله,, محمد رسول الله، وصار الجميع من أمة المسلمين.
تقول الاخت ميلاني: إن مهمتها دائمة مستمرة لأنها تحمل السعادة بين طياتها، وعليها من المسؤولية الكبرى لايصال هذا الدين الحنيف لأبنائها، وهي الآن تشعر بالراحة والطمأنينة والسعادة,, نعم لقد قرت عينها اخيراً وارتاح بالها، ووصلت للحقيقة التي بحثت عنها وكانت سعادتها اكبر بإسلام زوجها ووالديها.
تلك هي الفطرة السليمة عندما يصاحبها الى السعادة، وتلك هي المرأة النموذج للمرأة المسلمة وغير المسلمة الان وكيف توصل دعوة الحق لكل محيطها، ولا طمع لها الا ثواب الله، وذلك هو الدور الكبير لذي يجب ألا ننساه دوما في عملنا الدعوي، الا وهو دور الكتاب والمطبوعة والاعلام, لقد أثرت ترجمة معاني القرآن الكريم في تلك المرأة كما رأينا أروع تأثير، وهناك ترجمات للكثير من الكتب الشرعية لها دورها شريطة الاهتمام بنوعيتها وأسلوبها ولغتها وحتى طريقة تقديمها واهدائها وخصوصا عند التعامل مع غير المسلمين، فكل هذا يقع ضمن سياق العمل الدعوي السليم والاصيل, يقول الله تعالى: (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) الآية: والله ولي التوفيق.
alomari 1420@ yahoo. com
|
|
|
|
|