| تحقيقات
تحقيق : روضة الجيزاني
تربية الأبناء من الأمور الصعبة والهامة في الحياة فهي تقوم على أسس اجتماعية مكتسبة سواء في التنشئة أو في السلوك الإنساني الذي يمارس في الحياة اليومية ومعروف أن العلاقة بين الآباء والأبناء علاقة وثيقة متصلة من الواقع الاجتماعي والنمطي ويمتد من خلال الأدوات اللازمة في الحياة أو بمعنى آخر الأسلوب الذي يتعرف عليه الطفل منذ التنشئة والذي قد يصبح السمة الخاصة لمفاهيم أساسية لايمكن تجريدها,, ولكن ماهي المفاهيم الصحيحة للأسرة الصحيحة وماهي الأسباب الحقيقية لمشاكل الأسرة سواء من الناحية النفسية والاجتماعية وماقد يترتب عليه من سلوكيات في الكبر,.
وفي هذا اللقاء نستضيف الاخصائية النفسية السعودية (ليلى وهبي) التي أعدت بحثاً خاصاً عن الأسرة الممتدة وأسباب مشاكلها وتكشف لنا عن بعض الجوانب الهامة والخاصة من مشاكل الأسرة ومرحلة المراهقة لدى المراهقين, وضيفتنا لها عدة أنشطة ثقافية واجتماعية حيث أقامت عدة محاضرات وندوات بمكتبة الملك عبدالعزيز ومركز الأمير سلمان الاجتماعي كما شاركت أيضاً بمهرجان الجنادرية وأقامت أكثر من 22 محاضرة في الولايات المتحدة الأمريكية شملت عدة ولايات هذا بالإضافة إلى تدريس وتحفيظ القرآن الكريم للجاليات المسلمة في أمريكا,
لها عدة برامج إذاعية وتلفزيونية وسلسلة مقالات اجتماعية ناقشت مفهوم الأسرة الصحيحة ومرحلة المراهقة لدى المراهقين.
مفهوم الأسرة وتكوينها
في البداية نتعرف على مفهوم الأسرة الصحيحة من الناحية الاجتماعية والنفسية؟
مفهوم الأسرة الصحيحة هي الأم والاب وتوفر المناخ الصحيح الهادىء والسكينة وكل طرف منهما يكمل الآخر ومن هنا يجب أن تتوفر لديهم بعض المقومات المشتركة وإن اختلفت الآراء والمقومات يجب على الرجل هنا أن يروض زوجته لتتفق آراؤها مع آرائه وهو قادر على فعل ذلك وأهم الأشياء التي يجب توفرها بين الزوجين هي الرحمة لأن الهدف من الزواج هو بناء أسرة سليمة تعتبر العنصر الأساسي لتكوين أسرة ؟ صغيرة متكاملة.
* ولكن ماهو مفهوم تكوين الأسرة الصحيحة؟
مفهوم تكوين الأسرة مبني علىأساس اختيار الزوجين لبعضهما وهنا يجب أن نضع أمام أعيننا شيئاً مهماً جداً وهو الدين فلا ننظر إلى الأشياء المادية ولا إلى الكماليات الموجودة في الوقت الراهن وإذا ماتم الزواج على أساس ديني وخلقي استمر في التعمير ولانضع الأمور العاطفية هي الأساس فالحب يأتي دائماً بعد الزواج أما قبل الزواج فهو عبارة عن وميض سرعان مايتلاشى وينطفئ، وكما هو معروف أيضاً أن السنة الأولى من الزواج تكون سنة مجاملات بين الزوجين وبعد هذه الفترة تنكشف الحقائق ويظهر كل طرف على حقيقته الثابتة وهذا الشيء ينطبق على الزوج, أيضاً فلا ينظر فقط إلى الناحية الجمالية في شريكة حياته فقد تكون غير جميلة ولكن لو نظر إليها بشيء من العقل والحكمة لوجد جمالاً آخر هو جمال الروح والأخلاق وغير ذلك من الصفات الضرورية، كذلك يجب ألا ينظر إلى سنها أن تكون أكبر منه قليلاً بسنوات أو أنها تخطت سن الثلاثين كل هذه الأمور لاتمنع الزواج وعلينا أن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلّم عندما ارتبط بالسيدة خديجة وكانت تكبره في السن وظل يتذكرها حتى بعد وفاتها ومن هنا نقول أن الأسرة السليمة إذا تكونت منذ البداية على هذه العناصر الأساسية نستطيع أن نطلق عليها الأسرة الصحيحة.
* ولو تناولنا الناحية الاجتماعية وأهمية التكافؤ الاجتماعي بالزواج؟
لاشك أن البيئة الاجتماعية لها تأثير واضح في الحياة الزوجية ومن خلال خبرتي العملية أجد أن أكثر المشاكل الاجتماعية تأتي من هذا الشيء ومن هنا أفضل أن يكون الزواج من نفس البيئة فالزوجة مثلاً يجب أن تأخذ من نفس بيئتها وسواء الاجتماعية أو الطبقية ولكن لو ارتبطت المرأة برجل أعلى منها من الناحية المادية فهنا يستطيع أن يأخذها إلى مكان أعلى وهذا ليس فيه اعتراض أما إذا ارتبطت بأقل منها مستوى قد يفشل الزواج لأنها لن تستطيع أن تروض نفسها على وضع اجتماعي مفاجئ لم تعشه من قبل وحتى ينجح الزواج يجب على الطرفين أن يتزوجا من نفس البيئة الاجتماعية المحيطة بهم والتي اعتادا أن يعيشا فيها لنضمن نجاح الزواج واستمراره.
الأسباب الرئيسة للخلافات
* المشاكل الحقيقية للأسرة كيف تبدأ وتكبر وماهي أهم أسبابها؟
حول ذلك أود أن أتناول هذه النقطة الهامة وأبين من خلال عملي وتنقلي في عدة دول عربية وعالمية وبحثي المستمر عن أسباب المشاكل الحقيقية للأسرة وجدت أن أهم نقطة هي تدخل الأطراف الأخرى بالزوجين سواء كان عن طريق أهل الزوج أو أهل الزوجة أو أطراف أخرى من الأسرة الممتدة لأن الأسرة الممتدة ليست فقط الزوج والزوجة بل كل المحيطين والقريبين من الأسرة.
ومن هنا يجب على الزوجين أن لا يلجآ إلى أي من الأطراف حفاظاً على حياتهما الزوجية، وإذا كانت الأمور شديدة التعقيد وليس لها حل هنا يجب أن يتدخل أحد الأقارب لحلها لا لتعقيدها كما أننا لا نستغني عن نصائح الآخرين إذا كانت تتناسب مع آرائنا وحياتنا ونأخذها ونختزنها ولكن ما يناسب منها وضعنا، وهناك أسباب أخرى مثلاً تسلط الزوج على زوجته بأسلوب حياتها يتسيد عليها ويفرض رأيه والزوجة لاتقبل التسيد، كذلك الزوجة تفعل نفس الفعل والزوج لايقبل هذه التصرفات فتبدأ المشاكل الداخلية للحياة الزوجية أما إذا كانت أمور هامة تتعلق بالدين فعليها طاعته لأن طاعة الزوج واجبة على الزوجة المسلمة وهذا كما ذكرت أمر ديني يعود عليها بالمصلحة، أيضاً إذا قدمت الزوجة النصائح لزوجها أن لا يسهر خارج المنزل ولايضيع مدخراته على أمور غير ضرورية فهذا جائز وواجب على الزوجة المسلمة تجاه زوجها للحفاظ عليه.
ويجب علينا أن لانهمل الأمور الضرورية منذ بدء الحياة الزوجية فالصراحة والتفاهم منذ البداية أساس الحياة الزوجية الناجحة، حيث أكثر المشاكل الزوجية تأتي منبثقة من هذه الأمور فعلى الفتاة أن تبين للرجل المتقدم لها كل شروطها حتى لايختلفا بعد الزواج فإذا كانت ترغب في مواصلة مشوارها الدراسي أن تصبح مثلا طبيبة أو معلمة لأن تكوين الأسرة النواة يجب أن يقام على أسس واضحة لكلا الطرفين.
أسباب خاصة
* ولكن بعيداً عن هذه الأسباب المحتملة لحدوث المشاكل الزوجية، نريد أن نتناول أيضاً الأسباب الخاصة للزوجين في حدوث المشاكل الزوجية لهما؟
في الواقع كل زوجين لابد وأن يواجها بعض المشاكل الحياتية كما أن وجهات النظر قد تختلف فيما بينهما ولكن إذا سلما من تدخلات الآخرين يسهل حلها فمهما كانت المشكلة كبيرة من الممكن التوصل إلى حل لها إذا كانت بينهما لغة التفاهم والحوار البناء ثم إنّه في النهاية لن يطول الخلاف لأنهما لن يستغنيا عن بعض مهما كانت الأسباب ويظهر هنا الطرف المتدخل بصورة غير لائقة أمام نفسه وأمام الآخرين ثم أيضاً قد يخلق هذا الشيء حساسية دائمة تجاهه من الزوجين بعد حل المشكلة.
تدخل أم الزوج
* أما عن تدخل أم الزوج في حياة ابنها والذي يعد سبباً من الأسباب الهامة لبدء المشاكل وتفاقمها تضيف ليلى وهبي قائلة:
إن شعور الأم بالغيرة من زوجة ابنها والنظر إليها بنظرة عدوانية حيث انها تشعر بأن امرأة أخرى تسيدت الموقف وبدأت تتصرف بابنها وهذا شعور وارد من كل أم ولكن يجب أن لاتتطاول في تصرفاتها وتتهجم سلوكياً على الطرفين لأنها تعتبر نفسها سلطة قائمة فتثقل ابنها في أمور ليست ضرروية بل ولاتريدها أحياناً فقط لتشغل ابنها عن زوجته التي قد يكون هي التي اختارت لها أن تكون زوجة لابنها، وكما ذكرت أن الأم تعتبر نفسها سلطة وإذا مارست كل الأشياء التي تستطيع القيام بها ولم تأت بنتيجة تبدأ تخيفه بمسألة الغضب وتقول له في تصرف انها سوف تغضب عليه ومن هنا تبدأ الحرب النفسية له فلا يستطيع القيام بكل مسؤولياته والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وهذه التصرفات تدخل فيها الغيرة والحسد بالإضافة إلى التسلط بالدرجة الأولى، ولو أن كل أم وضعت نفسها او ابنتها مكان زوجة ابنها هل سترضى هذه المعاملة ثم ان البداية الصحيحة تدوم وتكبر ويكبر معها الاحترام والحب فمثلاً لو أن أم الزوج استقبلت زوجة ابنها منذ البداية بنظرة حب واحترام وقدمت لها النصائح بطريقة مقبولة ومتحضرة بعيداً عن أسلوب التهجم والأمر لكانت الأمور سارت بطريقة رائعة ترضي الجميع.
طلاق بسبب الأم:
وأود أن أذكر قصة واقعية حدثت بسبب كلمة طائشة خرجت من أم الزوج في مجلس نساء وكانت زوجة الابن تحضر المجلس وأحست وقتها بالإهانة وغضبت وذهبت لزوجها تخبره بما حدث إلا أن الزوج وقف موقف المتفرج ولم يعر الموضوع اهتمامه في حين أن الزوجة أصيبت بحالة نفسية سيئة مما دفعها لأن تذهب إلى بيت أهلها وبصحبتها أطفالها الثلاثة لعل الزوج يتخذ حيال ماحدث شيئاً لكنه لم يفعل شيئاً بل أرسل إليها ورقة الطلاق، ولم تنته المشكلة وبدأت مشكلة أخرى هي الأبناء فالزوج يطالب بأبنائه تحت ضغط من والدته والزوجة تريد الاحتفاظ بأبنائها وهكذا استمرت أحداث هذه المشكلة حتى انتهت بزواج الأب من زوجة أخرى وأخذ أطفاله ليقيموا مع زوجته التي لم تتحمل رعايتهم, واستقر الحال في النهاية أن يقيم الأطفال عند جدتهم لأبيهم المسنة غير القادرة على رعايتهم وملاحظتهم، وهنا أتساءل أين مخافة الله من امرأة مسنة تخطت الستين من العمر كانت السبب الرئيسي في فرقة الزوجين وتشرد الأطفال بسبب كلمة طائشة دمرت أسرة بكاملها.
وبهذه المناسبة أوجه كلمة للزوج أيضاً أن لايضغط على زوجته وأن يقف موقف رجل يخاف الله حكيم في تصرفاته من أجل أسرته لأنه أيضاً يعتبر عنصرا فاعلا ومشاركا في هدم أسرته لو أنه وقف حائراً دون أن تكون له شخصية مستقلة تجاه عائلة المسؤول عنها أمام الله وأمام المجتمع لأن من حقوق الزوجة على الزوج أن تعيش معه كريمة عزيزة النفس كما أنني أرجو من الأسرة الممتدة عندما تقبل على زواج أحد أبنائها أن يقدموا لهم العون والنصائح المفيدة وتؤهله نفسياً واجتماعياً لبناء أسرة صحيحة قادرة على العطاء والبناء في مجتمعها وهذا ينطبق على الابنة أيضاً في تقديم النصائح الهامةإليها ونبعد عن الأسرة الممتدة في التدخل في حياتنا الخاصة سواء كانت الأم أو الأخت أو العمة وأحياناً أيضاً يجب أن لا تشارك الآخرين بالإثم في افتعال المشاكل التي هي من أهم الأسباب لهدم الحياة الزوجية.
|
|
|
|
|