| المجتمـع
* المدينة المنورة مروان عمر قصاص
الزواج يعتبر أقدم وأقدس شراكة اجتماعية في حياة البشرية فهو الأساس في بناء المجتمعات، وهو السبيل الوحيد المشروع لقضاء الشهوات الفطرية التي أوجدها الحق سبحانه وتعالى لعمارة هذا الكون وضمان استمرارية الحياة البشرية وبالتالي استمرار عبادة الخالق عز وجل، والزواج كما يؤكد علماؤنا الأفاضل وفقهم الله سنة من سنن الأنبياء المرسلين وشعبة من شعب الإيمان والزواج سكن للنفس واستقرار لها وحماية للمجتمعات من الانحرافات وصيانة للبشرية وطريق لاستمراريتها بمشيئة الله.
وخلال هذه الفترة من العام حيث موسم الاجازات تشهد مناطق ومدن وقرى المملكة العديد من المناسبات السعيدة وبهذه المناسبة حاولنا طرح ومناقشة هذا الموضوع الهام في حياتنا وقد تطرقنا في هذا التحقيق للعديد من الموضوعات المرتبطة بالزواج وركزنا على بعض السلبيات التي تؤثر على هذا الرابط المقدس وخصوصا فيما يتعلق بالتكاليف الكبيرة التي اصبحت تتزامن مع مناسبات الزواج وتحيل الفرحة المطلوبة والمنتظرة في هذه المناسبة الى أعباء كبيرة تثقل كواهل الشباب وأسرهم وتصيب الشباب بقلق نفسي بسبب الديون التي تكبل الفرحة وتكبل الحياة الزوجية بقيود المطالب المالية وهو ما يسبب العديد من المشكلات الزوجية كما يؤدي الى حالات اكتئاب يكون لها آثار نفسية وعضوية والبركة في مفاهيمكم, وحتى لا نطيل في المقدمة تعالوا معا نبحر في أعماق هذه القضية من خلال عدد من الآراء والله الموفق.
نصائح لا بد منها:
يقول الشيخ/ عبدالرحمن المغذوي إمام مسجد بالمدينة المنورة ان الزواج حاجة ضرورية وهامة في بناء المجتمعات وهو منصوص عليه كأمر من الأمور الهامة في الدين الإسلامي الحنيف ودعا الى ضرورة العمل الجماعي لإعانة الشباب على الزواج وتحمل مؤنة النكاح وتشجيع أولياء الأمور ابناءهم على الزواج ومساعدتهم على إتمامه, ونوه الشيخ المغذوي بمشروعات دعم الشباب في هذا البلد على الزواج من خلال العديد من المؤسسات والجمعيات الخيرية التي تسعى لمساعدة الشباب على الزواج وأكد على أهمية دعم هذه المؤسسات والجمعيات الخيرية لمواصلة هذا العمل الخيري الكبير ودعا الى أهمية تعاون المجتمع وتآزره للحد والتصدي للقيود الاجتماعية البالية التي تعوق الزواج بالعودة الى الوعي الإسلامي واقتفاء اثر السلف الصالح بتخفيف المهور وتكاليف الزواج، وخاطب الشيخ المغذوي الشباب المسلم موجها لهم العديد من النصائح الهامة وقال ان عليكم العمل على اختيار الزوجة المسلمة وأن تكون ذات دين وخلق لأنها ستتحمل مسؤولية تربية أولادكم وقال ان الجمال ليس جمال الحس وإنما جمال المعنى فان اتفق لك ان تكون زوجتك ذات دين وجمال كان أتم وأكمل واستشهد بحديث نبوي شريف لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه (تنكح المرأة لأربع لمالها، وحسبها، وجمالها، ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك), وقال اختر زوجتك أن تكون جميلة لأنها أسكن لنفسك وأغض لبصرك وأكمل للمودة واختر زوجتك أن تكون ذات حصافة وعقل واتزان واجتنب الحمقاء والرعناء فان ولدها ضائع وحمقها بلاء واحرص على ان تكون أنت عفيف النفس راضيا بما اعطاك الله حتى تكون البركة والمودة والرزق الحلال والله الموفق.
لا للإسراف والتبذير:
وقال الاستاذ/ عبدالرحمن بن منير العسيري مدير عام الشؤون المالية والإدارية بإمارة منطقة المدينة المنورة ان إظهار الفرح والبهجة بمناسبة الزواج أمر طيب وسنة نبوية شريفة ولكن علينا نحن المسلمين ونحن نعيش في مجتمع إسلامي محافظ ان نشهر الفرح بهذه المناسبة في حدود الآداب الإسلامية والأعراف والمبادىء وألاّ ندع بعض العادات والتقاليد تسيطر علينا ونحمل أنفسنا تحت شعار الفرح فوق ما نطيق من تكاليف مالية باهظة لا داعي لها وتسبب العديد من السلبيات يكون أكثر المتأثرين بها العريس الذي يدخل حياة جديدة وهو مكبل بقيود الديون التي هي ذل في النهار وقلق في الليل، وتساءل المنير لماذا الإسراف في السهر حتى ساعات الصباح الأولى، ولماذا الإسراف في موائد الطعام، ولماذا الإسراف في إقامة مظاهر الزفاف؟؟ ودعا الى ضرورة الترشيد قدر المستطاع في تكاليف الزواج حتى نشجع الشباب على الزواج وخصوصا ان بعض الشباب أصبح تحت هذه الضغوط الاجتماعية يحجم عن الزواج ولا يفكر به.
دعم المشروعات الخيرية
ويرى الاستاذ/ هندي بن عوض القاضي رجل الأعمال المعروف ان المجتمع مطالب الآن أكثر مما مضى بالمبادرة الى دعم ومؤازرة المشروعات والجمعيات الخيرية في هذه البلاد والتي تقدم إعانات وقروضا ميسرة للشباب لتشجيعهم على الزواج حتى نزيل عنهم ضبابية التكاليف الباهظة للزواج بسبب بعض العادات والتقاليد الظالمة التي تحمل الشباب نفقات كبيرة وتكبلهم بقيود الديون وسلبياتها العديدة وقال ان مساعدة الشباب على الزواج صيانة لهم وحماية لمجتمعنا من ويلات الانحراف والسقوط في هوة الضياع لنخسر أبرز أسس المجتمع، وقال ان جمعية الخدمات الاجتماعية بالمدينة المنورة إحدى الجمعيات المشاركة في دعم الشباب وهي تستحق من الجميع العون المادي لضمان استمرارية خدماتها وبرامجها الخيرية كما أن بلادنا تضم العديد من هذه المنشآت التي تحتاج لدعم الجميع.
الزواج الجماعي هل هو الحل:
ويقول الاستاذ/ محمد بن حامد المعلا رجل أعمال أود أن أشكر لالجزيرة طرحها للقضايا التي تهم المجتمع كهذه القضية التي اعتبرها مصيرية ولا بد ان يؤدي كل مواطن دوره فيها لأنها تمسه إن عاجلا أو آجلا واعتقد ان الزواج في المجتمع السعودي ليس أمامه معوقات تذكر بالشكل المزعج والذي يجعل منها مشكلة لا قدر الله إلا ظاهرة المبالغة الكبيرة بالاحتفال بمناسبة الزواج وما يتبعها من تكاليف مزعجة هي التي تحد من اقبال الشباب على الزواج ويضيف المعلا قائلا ان هذه الظاهرة تحتاج الى المزيد من الوعي من المواطنين من خلال أئمة المساجد ووسائل الإعلام المختلفة وكذا من خلال دراسات متكاملة لهذه المشكلة وكيفية التصدي لها, ويطرح المعلا اقتراحا يراه مناسبا وهو السعي لعمل اتفاق جماعي تشرف عليه إحدى الجمعيات الخيرية أو مركز الحي في المدن السعودية يتضمن تنظيم حفل للزواج الجماعي في المدن السعودية يعقد مرة كل نصف سنة او كل سنة بحيث يجتمع عشرة أو عشرين شابا لاقامة زواج جماعي في إحدى القاعات حتى تكون التكاليف موزعة بين العرسان شريطة الترشيد في هذه الاحتفالات الجماعية ويرى ان يتم دعم هذا المشروع من كبار المسؤولين في المناطق من خلال تقديم تسهيلات معينة وحث رجال الأعمال على المساهمة بها وحضورها كتشجيع لهذا المشروع الخيري.
والبوفيه المفتوح:
ويكمل المعلا اقتراحه قائلا ان الإسراف والمبالغة في تقديم الطعام بكميات كبيرة على شكل موائد يتم نشرها داخل قاعات الاحتفالات بالعشرات حتى أن البعض يفاخر بأنه قد مد مائة وعشرين مائدة أو أكثر وتجد ان الحضور الذين يتحلقون حول هذه الموائد لا يتناولون إلا جزءا قليلا والباقي يتم التخلص منه في حاويات أو يتم إيصاله الى بعض الأربطة ويقول لماذا لا نحفظ النعمة ونحرص عليها ولا نهدرها بهذا الشكل الذي لا يرضي الله وقد ينالنا بسببه العقاب من رب العزة والجلال وحفظ هذه النعمة بيدنا إذا اعتمدنا على نظام جيد خلال حفلات الزواج وهو البوفيه المفتوح والذي تكون تكاليفه أقل ويتيح للحضور أخذ الكمية الكافية لكل شخص ويبقى الطعام نظيفا ويمكن تقديمه لحضور آخرين أو تقديمه للمحتاجين وهو نظيف لم تعبث به الأيدي، ودعا الى ضرورة إلزام قصور وقاعات المناسبات بتجهيز مكان للبوفيه المفتوح في قاعات الاحتفال المخصصة للرجال واتفاق اسر المتزوجين على العمل بموجب هذا النظام الحضاري الذي يحفظ النعمة التي إذا حفظناها حفظنا الله عز وجل.
ما أحلى الرجوع إليه:
ويقول الاستاذ/ ناصر بن رشيد طرابيشي تاجر أن من أكبر معوقات الزواج هذه الأيام هي التكاليف الكبيرة التي يتحملها الأسر في إقامة حفلات الزفاف وكذا المبالغة في تأثيث بيت الزوجية بأثاث كثير وغالي الثمن والبحث عن شقق كبيرة تفوق احتياج الزوجين وهما في بداية حياتهما الزوجية ويدعو الطرابيشي الى العودة لعادات زمان في حفلات الزفاف ويقول ما أحلى الرجوع إليه ويقصد بذلك حفلة الزواج أيام زمان والتي تسمى (التعتيمة) وهي وليمة العشاء البسيطة والمتواضعة والتي تشمل الجبن والزيتون والدبيازة واليخني والكنافة والشريك وغيرها من الأطعمة الشعبية البسيطة والصحية أيضا حيث ان ما تحتويه من سعرات حرارية أقل من الوجبات الدسمة التي تقدم في حفلات الزفاف كما أن الفائض من هذه الأطباق يمكن الاستفادة منه فيما بعد.
ترشيد السهر:
ويرى الطرابيشي ان ترشيد ساعات السهر في حفلات الزفاف يساهم في تدني نسب التكاليف الكبيرة في حفلات الزواج وتساءل لماذا نسهر حتى ساعات الصباح؟؟ في لهو وإهدار للوقت وللمال أيضا ولماذا المبالغة في تأثيث بيت الزوجية, ويضيف أن هذه التكاليف تثقل كواهل الشباب وتجعلهم يحجمون عن الزواج لأنهم يتحملون تكاليف تجعلهم يتحملون الديون التي تكبل فرحتهم وتكبل حركتهم وتسبب لهم إحباطا كبيرا يؤثر على صحتهم وسعادتهم الزوجية.
|
|
|
|
|