كان الحديث يدور في مجلس ممن قذف بكرسي الوظيفة خلفه منذ سنين، ولذلك فإن مثل هذا المجلس تدور فيه قصص وامثال,, وتعليقات غالبها من الماضي,, لكنهم لا يتركون,, لأبناء الحاضر فلاتاً,, وتمدنهم الزائد,, وترفهم الذي ورثوه من غير جهد ولا تعب,, أو نصب,, وتوجد مثل هذه المجالس في القرى, والارياف,, وهي هناك لذيذة في التداول الكلامي,, لأن معظم روادها لم يتجاوز المرتبة 33، 32، 31,, أو ممن كتب عليهم,, محلك راوح في هذا الجدول الوظيفي الجابر للخواطر, لذلك تكون المواضيع في منتهى السخرية, وغالبا ما يكون المجلس يضم متفاوتين في الانتماء للقرية او المدينة لكن ظروف الحياة أجبرتهم على الالتقاء والاستقرار في مدينة واحدة, وتكون تعليقات أو كما تسمى تصنيفات,, مثل قولهم,, أول ما طلعت الببسي,, ذهب أهل القرية تلك للطبيب,, يسألونه,, يشربون القارورة,, كم مرة,, او قولهم وضع فلان,, وهو من أهل مدينة كذا، وضع ثيابه الشتوية عندما اشترى الثلاجة في الفريزر عندما حل الصيف,, أما في المدن الكبيرة فإن النقاشات تختلف,, فلم يكن يؤذي هؤلاء المتقاعدين والمتقدمين في السن سوى هؤلاء الشباب الذين يسهرون على الأرصفة وفي الشوارع يجوبونها بسرعة فائقة,, ومتى يدرك هؤلاء معنى الحياة, ويا ليتهم يعرفون شيئا عن الماضي وتعبه,, وهل يا ترى لو أنهم انطفأت الكهرباء اياماً فهل يا ترى سيعيشون كما كنا نعيش في أزقة وحواري القرية يوم لا كهرباء ولا مبردات والحيوانات المفترسة تدخل ليلاً تجوب شوارع القرية الضيقة تذهب للمقصبة بحثاً عن بقايا,, ويسخر بعضهم فيقول لصديق له أمسك بأحد هؤلاء المنعمين من أذنه ذات يوم,, قال: أرفق عليه لا يموع في يدك,, أو يتقطع,, ويصف شاعرهم شباب اليوم وقد انتفخ وراء كرسي القيادة وقد رمى شماغه على الكرسي,, وعقاله على رأسه قائلاً.
كأنه إذا رمى شماغه ضب كبير داخل في باغه,. |
وتصوروا ان ضباً متوحشاً حشر في باغة,وظل يخترش داخلها,, ماذا يحصل؟
وقد تطورت هذه الديوانيات فيما بعد وسميت استراحات, وتطور الشياب وصاروا,, مثل الشباب الراكض بدون هدف, وكانوا يسخرون منهم من قبل, ويعلن أحدهم فيقول: تسأل الواحد منهم,, متى تشرق الشمس وكيف؟ فلا يعرف,, فهو ينام قبل الشروق ويستيقظ بعد الغروب,, وقد استمرأ بعض هؤلاء الشياب هذه الطريقة بعد معرفة الاستراحات فصاروا لا يعرفون أيضا متى تشرق الشمس وإن كانوا يعرفون متى تغرب, لان الاجسام لديهم يكفيها من وقود النوم,, ما يمشي الدباب أبو حَنَّه,.
|