| مقـالات
الحياة مرافق ومؤسسات ومجتمعات، وكل منها يتألف من هيكل صدق من شبهه بالهرم، والهرم يعني فيما يعني القاعدة الكبيرة والقمة الصغيرة، ولكن القمة تتحلى بصفات وميزات، تجعل منها قيادة حكيمة وحاسمة تستطيع ادارة الدفة بشكل امين ومأمون وسليم بحيث تصل الدائرة او المرفق المعين الى بر الامان، لا بل اكثر من ذلك بحيث يرتقي الامر، وتتطور لحالة ضمن منافسة بريئة تعيشها الحياة.
ولكن الأمر دوما هكذا؟ وهل تسير الامور على ما يرام على الدوام؟ وهل يكون الكرسي في قمة الهرم يسير نحو الاعلى والامام باستمرار؟.
الجواب بالطبع لا ، فهناك الكثير من المخاطر، التي يتناسب حجمها مع قدر اهمية وضخامة الدائرة او المؤسسة او المجتمع.
ان الكرسي وعلى مر العصور كان وما يزال محط اطماع العديد من البشر، وبعضهم يتطلع اليه بحق؛ لانهم يستحقونه، ويستطيعون تطويره والسير به قدما نحو الامام، ولكن البعض يتطلع اليه ، وهو لا يستحقه، لا بل لا يستطيع أن يدير أموره بالشكل المطلوب.
وفي كلتا الحالتين يبقى الكرسي بحد ذاته مصدراً للمتاعب، فالكرسي وما يجره من مسؤوليات ومتطلبات وأعمال قد يؤدي ببعض الناس للتكبر والكبر والخيلاء، وقد يؤدي بالبعض للوصول لحالة من الظلم تختلف درجتها والعياذ بالله وقد يصل ببعضهم إلى حد نسيان واجباتهم والتزاماتهم الاجتماعية والحياتية، ولقد وصل الأمر ببعضهم إلى حد قطيعة الرحم، والبعد عن أهله وإخوانه وأقاربه وأصدقائه.
والأمر الأخطر هو أن تنال الإنسان درجة من السوء بحيث يصبح مداهنا متملقا يتطلع للأطماع الدنيوية ليس أكثر، فيصبح انتهازيا لا أقل ولا أكثر، وفي هذا من السوء ما لا يحسد عليه صاحبه,,!
إن الكرسي قد يؤدي بالبعض إلى ركوب تيار المؤمرات، وحبك الفتن من أجل الإيقاع بالبعض، ومن أجل نيل مكاسب لا يستحقها طالبها!
وهناك بعض البشر الذين إذا تسلموا كرسي الادارة في وظيفة ما، فإن الغرور يناله، والعناد يصبح مطيته، ويساهم بتعطيل مصالح الناس ومنافعهم يرفع أنفه إلى السماء غروراً وكبرياء، وكأنه لا يوجد على سطح الأرض من يدانيه ويماثله، ينظر إلى مراجعيه بتعال وكبرياء وخيلاء، ويحاول تعقيد معاملات الآخرين، كي يلفت الأنظار بكثرة توسلات المراجعين له، وكأنه يتمتع بلذة تعذيب الآخرين والإساءة إليهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة!
إن حديثنا عن الكرسي يجرنا بالتأكيد للحديث عن الإدارة، فالإدارة هي المضمون، والكرسي هي الاسم والمظهر، والإدارة بصفاتها السلبية والإيجابية هي التي تجعل الكرسي سلبياً أو إيجابيا، إن الإدارة تعتمد بشكل أساسي على مؤهلات وقدرات الإنسان التي منحه الله تعالى إياها لتسخيرها لخدمة عباد الله تعالى، وتعتمد أيضا على المهارات التي يكتسبها الإنسان بالعلم والمعرفة والدراسة، ومن ثم تعتمد على الخبرة التي يكتسبها الشخص أثناء ممارسته لمهامه وأعماله، والناتج إن كان كما نتوقع فإنه لابد أن يكون عبارة عن إدارة بذوق رفيع، وستكون عبارة عن لوحة فنية رائعة تسر صاحبها، وتسر الرعية بإذن الله، والعكس بالعكس بشكل مؤكد.
إننا ركزنا على الناحية غير البيضاء في تناولنا لموضوع الكرسي والإدارة؛ وذلك لأننا بذلك ننبه للمطلوب والمرغوب، أما الوجه الناصع الابيض فإنه لايحتاج لثناء أو مديح؛ لأنه يعبر عن نفسه أمام الناس، والناس يعرفون ذلك ويحترمونه ويجلونه، وهو يشعر بالسعادة بمحبة الناس له.
يقول المثل: لو دامت لغيرك لما وصلت إليك، وقد أعجبتني مقولة أحد الإخوة كرسي الحلاق وهو الذي يجلس عليه كل فرد بواسطة أم بغير واسطة,,!
ونحن في إدارتنا ومسؤولياتنا لانريد إلا ما يريده الله لنا، إن الله تعالى قد وضع لنا المنهاج الرباني الصالح لكل زمان ومكان، والذي به وحده تكون الإدارة عندنا بمنتهى الروعة، وتأخذ بيدنا نحو الأمام والرقي، إننا والحمد لله لدينا الدستور الخالد على مر العصور، إنه دستور الإسلام الذي يدعونا لأن نكون مثالاً في الأخلاق والإنسانية، ويحضنا على العلم والمعرفة، وتحصيل العلوم، ويدعونا لتطوير أنفسنا وغيرنا في سبيل سعادة الإنسان.
المناصب موجودة في الحياة، وستبقى إلى ما شاء الله، وهي ليست مكسباً أو مطلبا مرغوباً ان أخذناها بمنظار الآخرة، لأن المسؤولية فيها والأمانة بالسلوك من خلالها أمور كبيرة لايتحملها أي إنسان، ولذلك على من يصل لأحد تكل المناصب أن يضع نصب عينيه وقوفه بين يدي الله تعالى، والله من وراء القصد.
alomari @yahoo. com
|
|
|
|
|