أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 21st August,2000العدد:10189الطبعةالاولـيالأثنين 21 ,جمادى الاولى 1421

مدارات شعبية

قراءة في قصيدة تفاصيل للشاعر سعد آل سعود
صراع الأمل والألم في خفايا النص
* قراءة: عبداللطيف العوفي
السكنى في مكان يعني الاستقرار والراحة.
ومغادرة السكن والعودة اليه تعني المعايشة والاشتياق وكلتاهما تكونان ألما وأملا.
والالم والامل غالباً ما يكونان متلازمين متجهين في خط واحد حتى يقتل احدهما الآخر والبقاء للأقوى دائماً.
فمتى كان الامل اقوى من الألم صارت مؤشرات تحقيقه اوضح وادل.
وكلما كان العكس كان الالم احرى بكتابة اليأس والاحباط وفي هذه القصيدة التي نحن في صدد قراءتها نجد الصراع المحتدم بين الامل والالم ولكل منهما مؤشرات دالة على ترجيح تحقيقه وهذه المؤشرات جاءت من خلال القصيدة لتجعل الصراع يحتدم ويحتدم لدرجة تجعل القصيدة دائمة الغليان الى ان تؤتي ثمارها ونتائجها.
يقول الشاعر:


مرت على قلبي وهي ساكنة فيه
تقول بعد الحب,, لا تنتظرني

الامل هنا في قوله وهي ساكنة فيه والالم انها مرت مروراً لتقول لا تنتظرني فتؤجج الالم بعبارة صريحة واضحة ولكنها قالت بعد الحب فالاعتراف بالماضي امل بالعودة اليه.
و التاريخ يعيد نفسه .
وكذلك بنظرة اخرى لمطلع البيت اذ انها مرت فهي مازالت تذكر رغم ما طلبته من عدم الانتظار فبإمكان الهاجر ان يستمر بالهجر ليوحي بعدم العودة وقتل الانتظار لا بالمرور والتوصية فالمرور بحد ذاته اشتياق واحياء امل.


مرت على جرح الليالي تصحيه
نسى شقاها كل درب وذكرني
مرت على ظلما طريقي تضويه
ليلة هناها,, مع عناها غمرني
مرت تثير الوجد فيني وتطفيه
مرت حنين لوعدها اللي غدرني

تكررت مفردة مرت اكثر من مرة, وهي احياء امل بعدم القطيعة وان كان تكرارها ليس لتكرار المرات بل هي مرة واحدة ولكنها تكررت تعبيراً شاعرياً من الشاعر عن الامل ودرجته فأحياناً عودة الم الجرح دليل على امل شفائه.
لقد مرت لتصحي الجرح ولتضيء ظلام الطريق الذي خيم بدونها مرت لتثير الوجد حنيناً لذلك الوعد.
ثم يأتي السبب الاهم لذلك المرور ليعاضد قراءتنا للبيت الاول عندما اوحينا بعدم صدقها عندما جاءت لطلب عدم الانتظار فالشاعر عندما يقول:


من خوفها لا نسى غلاها وطاريه
مرت تذكرني بوصل هجرني

هذا البيت صدى لتناقض غرض الممر مع طلب عدم الانتظار لدى الحبيبة انها تخشى النسيان من قبل الحبيب وتخشى اضمحلال الغلا عندما ينسى طاريه.
الملاحظ انه من اول بيت في هذه القصيدة حتى الآن واقع مترابط يسرده الشاعر بتجلٍ رائع ليكرس نقطة مهمة في ذهن القارئ هي انها اي الحبيبة تتمنع وهي راغبة وهذه مناورة لإبقاء جذوة الحب حيه وملتهبة.
وكل الابيات السابقة لها هي, اما تفاعل الشاعر مع ذلك المرور فيأتي ابتداءً من البيت التالي:


حلم تلاشت ضحكته ليه تحييه
ليه الوفا في ليلها ما سهرني

مازال هناك امل في حياة الحلم فهو فقط تلاشت ضحكته ولم تبدأ تكشيرته ليه تحييه الشاعر هنا لا يقصد انه كان ميتا الحلم اذ قال ليه تحييه بل يقصد لماذا تعيد فيه الحيوية والنشاط.
تساؤل لا اظنه اعتراضا بل لمعرفة ما الغرض من هذا الاحياء هل هي العودة؟ ام نكأ الجرح فقط لإعادة المه فهذا الامل وهو اعادة الحيوية قد يكون لبعث الالم وهو نكء الجرح.
ليه الوفا في ليلها ما سهرني
هنا تساؤل أملي ان صح التعبير رغم الحزن وظلام الالم يأتي الامل بأن يسهره الوفاء في ذلك الليل الذي هو هنا تعبير عن ظلام الالم.
تفاعل آخر وتساؤل ألم يأت صدى لذلك المرور الامل فأمل امتداد الفرح الماضي و الم ابكاء ذلك الفرح يأتيان في شطر هذا البيت.
ماضي فرحها كيف ترجع تبكيه
عادة تفاصيل الحزن تختصرني هذا ايضاً امتداد للألم في قوله السابق حلم تلاشت ضحكته ليه تحييه فالاختصار والتلاشي لا يعنيان النهاية ورغم ما فيهما من ألم الا انه يبقى باحيائهما أمل .
ثم يأتي البيت التالي ليدل على ان جذوة الحب مازالت حية يقول:


الشوق ماتت في رجاها خطاويه
عرفتها عمر وزمانه نكرني

لاحظوا ان الشوق لم يمت بل ماتت خطاويه فقط اي توقف عن متابعة الخُطى والاستمرار ومادام الشوق حياً فهناك امل ان يخطو ويترك ذلك التوقف.
فقط ماتت تلك الخطى لان زمان تلك الفترة انكر حق الشوق والشوق توقف احتجاجاً على هذا الانكار فان تم الاعتراف بقي الامل باستمرار الخطى والالم هنا سببه ذلك النكران وكل نكران ألم .
حبيبتي وعد نستني امانيه
حبيبتي هنا كلمة مدوية في اذن الامل وكلمة اخرى مقابلة تدوي باذن الألم هي نستني .
لكن ورود مفردتين ايجابيتين هما الحبيبة و الاماني جدير بهزيمة مفردة واحدة سلبية هي النسيان فكلمتان جديرتان بهزيمة كلمة واحدة.
اما الموادع في قوله وتوديعها على الموادع جبرني فقد جاء تجاوباً مع توديعها والجزاء من جنس العمل.
اي جاء اجبارياً وعندما ينتهي الم الاجبار يأتي امل عدم التوديع.
ثم يختتم الشاعر قصيدته بانتصار الامل معنوياً بقوله:


من حب ما ينسى ولو حب ناسيه
هذا الذي ليلة جفاها قهرني

هو لن ينسى لانه احب وسيظل على امل بعودة الحب حتى وان احب ناسيه وذلك النسيان.
وكأني بالشاعر هنا يأتي بالشطر التالي ليس تكملة للشطر الاول من هذا البيت بل هو اجابة على تساؤل ضمني عن الشطر الاول حيث كان ذلك التساؤل هو افتراض ان يقول القائل: ولكنها لم تنسك والدليل مرورها السابق ليقول الشاعر هذا الذي ليلة جفاها قهرني فجفاها هو جفاء فقط وللمحب ان يجفى حبيبه ونعلم ان الجفاء غير القطيعة.
لأن الجفاء يعني الاحتجاج مع امل التفاهم اما القطيعة فهي بت حبل الوصال وعدم العودة ألا ترون ان الامل هنا اقوى من الالم لذلك فقد انتصر هنا.
وهذا ما اراد الشاعر ان يورد براهينه بصورة او بأخرى.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved