أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 21st August,2000العدد:10189الطبعةالاولـيالأثنين 21 ,جمادى الاولى 1421

الطبية

الدرن هل بالإمكان السيطرة عليه؟
ثلاثة ملايين مصاب يتوفون سنوياً
يعتبر الدرن السل من أقدم الأمراض المعدية حيث ان هناك ما يثبت أن قدماء المصريين الفراعنة كانوا يعانون من بعض أنواع الدرن درن العمود الفقري على سبيل المثال ، استطاع الإنسان ان يدرك انه مرض ينتقل عن طريق اقتراب شخص مصاب من شخص سليم والمعروف تاريخياً انه كان هناك مصحتان خاصتان لمرضى السل حيث يوضعون في أماكن يكون فيها الهواء الطلق مع إمكانية بقائهم معزولين وممنوعين من الاختلاط بالأصحاء حتى يشفوا تماماً، واستمرت هذه الطريقة البدائية في العلاج حتى تم اكتشاف علاجات مقاومة لمرض الدرن في منتصف القرن العشرين، وتوالت بعد هذا الاكتشافات فيما يتعلق بمعرفة الجرثومة بشكل دقيق واستحداث طرق جديدة لتشخيص المرض بالإضافة الى علاجات أخرى مؤثرة ومفيدة في علاج مرض الدرن, ولكن على الرغم من هذا استمرت جرثومة الدرن في التسبب في حدوث حالات جديدة من المرض وبخاصة في المجتمعات الفقيرة حيث يتوفر عامل الازدحام وقلة الوعي الصحي وعدم توفر العلاجات اللازمة من هذه الجرثومة.
وحسب تقارير منظمة الصحة العالمية فإنه يوجد نحو ثلث سكان العالم 1,7 مليار شخص تقريبا مصاب بمرض الدرن وأن الدرن يتسبب في وفاة نحو 3 ملايين نسمة سنوياً.
ومع تراكم المعلومات والخبرات فيما يتعلق بمرض الدرن عبر السنين فقد تكونت لدينا صورة واضحة الآن عن بكتيريا الدرن/ طبيعة وأشكال المرض وطرق العلاج والوقاية منه.
والمعروف طبياً ان البكتيريا المسببة للدرن تستطيع ان تنتقل للإنسان عن طريق جهازه التنفسي وفي أغلب الأحوال يستطيع جسم الإنسان ان يحتوي الجرثومة ويحاصرها في مكان ما من الرئة حيث تبقى الجرثومة في حالة سكون لفترات طويلة قد تصل الى عدة سنوات, وتتم هذه العملية بدون ظهور أي أعراض مرضية على الشخص في أكثر من 90% من الحالات ومن المعروف أيضاً ان حالات الدرن المرضية تحدث بسبب استعادة البكتيريا لنشاطها مرة أخرى الذي ينتج في العادة بسبب فك الحصار من قبل جهاز الإنسان المناعي والذي يحدث لأسباب مختلفة منها ما هو معروف ومنها ما هو غير معروف حالياً.
أشكال الدرن
معظم حالات الدرن تكون على شكل درن رئوي السل الرئوي حيث تصل نسبة هذه الحالات إلى أكثر من 80% من مجموع حالات الدرن, وتكون أعراضه في الغالب هي فقدان للشهية مع نقص في الوزن، هزال، ارتفاع في درجة الحرارة وبخاصة في الليل، سعال قد يكون مصحوباً ببلغم وهذا البلغم قد يحتوي على دم وفي العادة تكون الأعراض موجودة لعدة اسابيع ويتم تشخيص المرض عن طريق الفحص السريري وعمل اشعة للصدر وفحص مخبري للبلغم للكشف عن البكتريا.
وفي أقل من 20% من مجموع الحالات يصيب المرض أجزاء مختلفة من الجسم وتشمل درن البطن، درن الجهاز العصبي المركزي، درن الغدد الليمفاوية، درن العظام والمفاصل بإلاضافة الى درن الجلد، وهناك حالات قليلة مما يسمى بالدرن الشامل وهو وضع ينتج عن وصول الجرثومة الى الدم وبالتالي تصل الى جميع أجزاء الجسم وتشترك جميع أشكال الدرن في بعض الأعراض وهي فقدان الشهية، نقص الوزن، هزال، ارتفاع درجة الحرارة مع تعرق ليلي هذا بالاضافة للأعراض الخاصة بالجزء المصاب بالجسم.
طرق علاج الدرن
يتوفر الآن لدينا مجموعة من العلاجات المفيدة في القضاء على جرثومة الدرن التي تتطلب استراتيجية معينة لعلاجها, من المعروف لدينا ان علاج بكتيريا الدرن يتطلب استخدام أكثر من علاج ولفترات قد تصل الى تسعة اشهر، حيث أنه ثبت من خلال المعاينة السريرية انه إذا ما تم استخدام علاج واحد فقط فإن الجرثومة تستطيع ان تكون مقاومة للعلاج حيث يفقد تأثيره عليها, كما أن من الحقائق التي اكتشفت بخصوص علاج الدرن أنه من الضروري استمرار العلاج لفترة تسعة أشهر قبل التأكد انه تم التخلص نهائياً من الجرثومة، ومن الجدير بالذكر ان الانتظام في العلاج واخذه في مواعيده من العوامل الضرورية لتحقيق الشفاء من مرض الدرن.
طرق الوقاية من مرض الدرن
من أهم طرق الوقاية والسيطرة على المرض في المجتمع هي التعرف عليه بشكل علمي وسليم وإذا ما تم هذا فإن المريض وبخاصة مريض الدرن الرئوي سوف يكون أكثر حذرا وجديا في تعامله مع المرض وهذا بدون شك من أهم العوامل المساعدة في السيطرة على المرض في المجتمع ككل فإن توجه الشخص المصاب للطبيب بشكل مبكر وتم تشخيص المرض والبدء في علاجه في مرحلة مبكرة فسينتج عن هذا ليس فقط تقليل حدوث مضاعفات عند المريض نفسه ولكن ايضا تقليل فرص انتشار المرض في افراد اسرته ومجتمعه حيث أنه يتوجب على مريض الدرن السل الرئوي ان يبقى في العزل لفترة مؤقتة في مرحلة العلاج الأولية وذلك بسبب خطر انتقال الجرثومة الى الأشخاص المحيطين له في تلك الفترة، ويكون العزل في مثل هذه الحالات عن طريق لبس قناع خاص عند مخالطته للآخرين.
ومن طرق الوقاية المهمة جداً إعطاء لقاح البي سي جي BCG للأطفال حيث أنه ثبت ان إعطاء اللقاح للأطفال يقي بنسبة كبيرة من خطر العدوى بجرثومة الدرن، ولكن الجدير بالذكر ان اللقاح لا يؤثر في الأشخاص البالغين بنفس الدرجة التي يؤثر فيها عند الأطفال.
وفي الختام للإجابة على السؤال المطروح: هل يمكن السيطرة على مرض الدرن؟ فإننا نقول نعم يمكن السيطرة عليه وذلك عن طريق الارتقاء بمستوى الوعي الصحي عند أفراد المجتمع كافة بالدرجة الأولى وعندما يتم هذا فإن أفراد المجتمع سيتعاملون مع مرض الدرن بجدية من حيث طرق الوقاية والتشخيص المبكر والمواظبة على العلاج عند الإصابة بالمرض ومما لا شك فيه ان هذا سيكون له أبلغ الأثر في محاصرة مرض الدرن وتقليص تأثيره على المجتمع بشكل إيجابي,وقانا الله وإياكم شر مرض الدرن وجميع الأمراض الأخرى.
د, عادل بن فهد العثمان
استشاري الأمراض المعدية والباطنية
مستشفى الملك فهد للحرس الوطني

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved